Tuesday 29th of April 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Apr-2025

تاريخ المبعوث ستيف ويتكوف يجب أن يقلقنا

 الغد

ألان روسبريدغر* - (الإندبندنت) 2025/4/2
 
يثير ستيف ويتكوف؛ المطور العقاري الذي تحول إلى دبلوماسي بتكليف من الرئيس ترامب، القلق بشأن قدرته على حل النزاعات المعقدة في الشرق الأوسط وأوكرانيا.
 
 
***
وإذن، ستيف ويتكوف هو هنري كيسنجر عصرنا. ولكن ماذا نعرف عن الرجل الذي أنيطت به مهمة المساهمة، في وقت واحد، في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وتهدئة التوتر بين روسيا وأوكرانيا، وتعزيز التقارب مع إيران؟
السير الذاتية التقليدية لا تكشف كثيراً عن هذا المطور العقاري الأميركي البالغ من العمر 68 عامًا، والمولود في ضاحية برونكس النيويوركية، سوى أنه عمل في المجال نفسه الذي اشتهر به دونالد ترامب، وتشارك معه لعب الغولف مرات كثيرة. لكن من الواضح أن الرئيس الأميركي مقتنع تماماً بأن رفيقه في ملاعب الغولف يتمتع بمهارات تفاوضية استثنائية، وإلا كيف يمكن تفسير تكليفه القيام بجولات مكوكية وإجراء محادثات بالغة الأهمية، شملت الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، وحركة "حماس"، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في محاولة لحل أزمات متشابكة في آن واحد؟
للمقارنة، شق كيسنجر طريقه الدبلوماسي بعدما كان ضابطاً في استخبارات الجيش الأميركي خلال "الحرب العالمية الثانية". ثم راكم معرفة واسعة في السياسة الخارجية، واكتسب خبرة بارزة في مجال الحد من التسلح ونزع السلاح من خلال دراساته الأكاديمية في "جامعة هارفارد". وعندما تولى منصب مستشار الأمن القومي، كان "أحد أهم مفكري السياسة الخارجية الأميركية وأكثرهم تأثيراً"، بحسب وصف كاتب سيرته الذاتية، نيال فيرغوسون.
أما ستيف ويتكوف، فخبرته تتركز في تطوير الفنادق الفاخرة.
بطبيعة الحال، تتطلب صفقات التطوير العقاري مهارات تفاوضية، وهدوء أعصاب، وبعد نظر. ولكن لا شك في أن جهاز الاستخبارات الروسي، "كي جي بي"، جمع ملفاً أكثر تفصيلاً عن الموفد الذي اجتمع حتى الآن مرتين مع فلاديمير بوتين.
حتى اللحظة، يبدو أن الأمور تسير بسلاسة، على الأقل بحسب رأي ويتكوف. وقد أشاد المبعوث الأميركي المعين بالزعيم الروسي، واصفاً إياه بأنه "رجل فائق الذكاء". وقال: "لا أرى بوتين شخصاً سيئاً. لقد أعجبت به... أعتقد أنه كان صريحاً معي".
إذن، لديه نظرة ثاقبة في تقييم الشخصيات. لكن السؤال هو: ما الذي كان ليكتشفه المحلل والباحث في جهاز "كي جي بي" -ولنسمّه إيغور- عن ستيف ويتكوف لدى قيامه بمسح سريع للمعلومات المتاحة عنه علناً، مثل تلك المنشورة في الصحف؟
الجواب: لا بد أن يكون إيغور قد عثر على ملف شخصي مطول نشر في العام 1998 في صحيفة "وول ستريت جورنال"، يتحدث بالتفصيل عن مرحلة مبكرة من تاريخ ويتكوف. قبل ثلاثة أعوام فحسب، كان الرجل أحد المالكين الصغار للعقارات في برونكس، وكان يتولى تحصيل الإيجارات في الأحياء الخطيرة من المدينة مزودًا بمسدس مرخص كان يثبته على كاحله.
سلط المقال الضوء بقوة على التوسع السريع لمحفظة ويتكوف العقارية ومشاريعه، بحيث أعرب النقاد وأوساط عدة عن القلق من الديون الضخمة التي تثقل كاهل أعماله. وقد أثارت التغطية الإعلامية حفيظة الرجل. بعد نحو عقدين من الزمن أقر في "بودكاست"، قائلاً: "أنا لا أتقبل النقد بسهولة".
على الرغم من تردد الممولين في إقراضه مزيداً من المال لتحقيق طموحاته، كان الحظ إلى جانبه عندما التقى مارك والش، وهو مدير تنفيذي في مصرف الاستثمار "ليمان براذرز"، وتحدث ويتكوف عنه بإطراء كبير لا يقل عن المديح الذي خص به لاحقاً بوتين، وقال: "إنه من أروع الأشخاص الذين قابلتهم في حياتي".
وعلى عكس الممولين الأكثر حذراً، كان والش يضع ثقة كبيرة في ويتكوف، وسانده في شراء مبنى "وولوورث" الشهير في "مانهاتن السفلى" في العام 1998 -حتى إن "ليمان براذرز" كان يخطط لإطلاق طرح عام أولي بقيمة ملياري دولار لمصلحته.
حسناً، نعرف جميعاً كيف انتهت الأمور بالنسبة لـ"ليمان براذرز". في العام 2008، انهار البنك، وسط اتهامات بأن والش يتحمل جزءاً من المسؤولية. ولا شك في أن المحلل الروسي، إيغور، قد اطلع على مقال نشر في العام 2009 في صحيفة "نيويورك تايمز" انتقد قرارات والش، وتساءل فيه الكاتب: "كيف يمكن لساحر في عالم العقارات... أن ينتهي به الأمر بعقد صفقات تناقض كل ما كان يؤمن به، ويسهم في انهيار إحدى أعرق مؤسسات وول ستريت؟".
لكن ويتكوف اتخذ موقفاً أكثر تفهماً، وعاود العمل مع والش في العام 2011. ودافع في حديث مع صحيفة "وول ستريت جورنال" عن داعمه السابق، قائلاً: "للأسف، على مارك أن يتعايش مع ما يقال عن إبرامه بعض الصفقات الفاشلة بدلاً من أن يركز الناس على الكم الهائل من الصفقات الناجحة التي أبرمها".
وعليه، لا شك في أن إيغور قد كون انطباعاً واضحاً عن رغبة ويتكوف اللافتة في المخاطرة. وسرعان ما سيصطدم باسم آخر من شركائه، جو لو، الذي يلقب غالباً بـ"بلاي بوي ماليزيا". ولم يتردد هذا الرجل، مثل والش، في تقديم التمويل لويتكوف، بحيث أسهم بنسبة 85 في المائة من أسهم صفقة بقيمة 654 مليون دولار لشراء "فندق بارك لين" في العام 2013.
انهارت تلك الشراكة في نهاية المطاف، بعدما زعمت وزارة العدل الأميركية أن لو حوَّل أموالاً غير مشروعة لشراء حصته البالغة 55 في المائة من الصفقة. ووفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز"، أصبح "الشخصية المحورية في ما تصفها السلطات بأنها إحدى أكبر عمليات غسل الأموال الدولية على الإطلاق". ومنذ ذلك الحين، اختفى الماليزي عن الأنظار، وأفادت تقارير أخيراً بأنه إما موجود في ميانمار أو متوارٍ عن الأنظار في ماكاو في الصين.
وفي معرض التعليق على هذه الصفقة في "بودكاست" في العام 2018، أكد ويتكوف أنه "جرى التدقيق في [لو] كما في أي شريك آخر". لكن ما لم يكن ليتوقعه في ذلك الحين هو أن لو سيصبح لاحقاً أحد أشهر الهاربين المطلوبين بين رجال الأعمال المتورطين في العالم.
هل هو سوء تقدير منه أم مجرد سوء حظ؟ القرار لكم. لكنه الرجل الذي تم استحضاره من غموض نسبي، على الأقل في ما يتعلق بالدبلوماسية الدولية، ليصبح الشخصية المحورية المكلفة للتفاوض من أجل السلام في أكثر حربين استعصاء على الحل في على الكوكب.
لا شك في أن إيغور قد وثق هذه المعلومات وأكثر وأرسلها إلى الكرملين. لكنه على الأرجح شاهد أيضاً المقابلة الأخيرة لويتكوف مع تاكر كارلسون، حيث أشاد ويتكوف ببوتين بشكل لافت. وفي إحدى الفقرات الرئيسة للمقابلة، ظهر المبعوث الأميركي متعثراً وهو يجد صعوبة في تذكر أسماء الأراضي الأوكرانية التي استولى عليها الزعيم الروسي، كما يظهر في الحوار الآتي:
ويتكوف: "أعتقد أن القضية الكبرى في هذا الصراع تدور حول ما تسمى المناطق الأربع، دونباس، القرم... أنت تعرف أسماءها".
كارلسون: "لوغانسك"؟
ويتكوف: "أجل، لوغانسك. وهناك منطقتان أخريان ناطقتان بالروسية. في الاستفتاءات، أفادت تقارير بأن غالبية ساحقة من الناس هناك أعربت عن رغبتها في أن تكون تحت حكم روسيا".
في الواقع، تصنف وزارة الخارجية الأميركية في الوقت الراهن ست مناطق هي: دونيتسك، وخاركوف، وخيرسون، ولوغانسك، وميكولايف، وزابورجيا، على أنها خاضعة كلياً أو جزئياً للاحتلال الروسي.
أما بالنسبة للاستفتاءات التي أشار إليها ويتكوف، فإن التقرير الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية يرفضها رفضاً قاطعاً. وجاء فيه: "توصف هذه الاستفتاءات على نطاق واسع بأنها غير شرعية... إن حكومة الولايات المتحدة... لا تعترف بضم روسيا المزعوم لهذه الأراضي، ولن تعترف به".
بتعبير آخر، كان ما أدلى به ويتكوف ترديداً لسردية الكرملين بدلاً من أن يكون تأكيداً لسياسة بلاده الراسخة حيال الموضوع.
هل كان كلامه سوء تقدير منه أم سذاجة مثيرة للذهول؟ لكم أيضاً تقدير ذلك. وفي ظل هذه الظروف، ليس من المستغرب أن تشير صحيفة "نيويورك تايمز" أخيراً إلى أن "بعض الخبراء والدبلوماسيين الذين يعرفون بوتين يخشون أن يكون ويتكوف غير مؤهل تماماً لهذا الدور". هذا قبل أن نتطرق حتى إلى بنيامين نتنياهو أو الرئيس الإيراني.
بدت مجموعة الدردشة سيئة الصيت على تطبيق "سيغنال"، التي ضمت ستيف ويتكوف وشخصيات بارزة من مسؤولي الدفاع والاستخبارات ووزارة الخارجية، وكأنها مجموعة من الهواة يديرون المشهد، ليس أقله لأنهم كانوا مهملين بما يكفي لدعوة صحفي بارز للتنصت على خططهم لقصف الحوثيين.
أخيراً، لا يسعنا جميعاً سوى الأمل في أن يتمكن شريك دونالد ترامب في لعب الغولف من إنجاز المهمة المزدوجة شبه المستحيلة، المتمثلة في تحقيق السلام في كل من أوكرانيا والشرق الأوسط في آن واحد. هل تحبس أنفاسك ترقباً؟ أشك في أن إيغور يفعل.
 
*ألان روسبريدغر Alan Rusbridger: صحفي وكاتب بريطاني بارز، شغل منصب رئيس تحرير صحيفة "الغارديان من العام 1995 حتى العام 2015، وقادها خلال تغطيات صحفية كبرى، مثل فضيحة التنصت في صحيفة "نيوز أوف ذا وورلد" وتسريبات ويكيليكس ووثائق إدوارد سنودن. عُرف بدعمه لحرية الصحافة والتحقيقات الاستقصائية. بعد مغادرته الغارديان، أصبح مديرًا لكلية بينبروك في جامعة أكسفورد، وواصل الكتابة والتأليف في قضايا الإعلام والخصوصية والأخلاقيات الصحفية.