Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Dec-2017

إذا كان ثمن الاعتراف بالقدس هو سفك الدماء فلا نريده - حيمي شليف
 
هآرتس
الغد- ظاهريا، القرار الأميركي للاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل و/ أو نقل السفارة الأميركية اليها، يشكل إنجازا سياسيا كبيرا لحكومة إسرائيل. لأن هذا القرار يحطم الاجماع القائم منذ العام 1949، ودول العالم رفضت الإعلان الإسرائيلي عن القدس كعاصمة لدولة إسرائيل، ورفضت الاعتراف بها إلى حين التوصل إلى السلام. رغم أن التفاصيل الدقيقة للإعلان الذي يتوقع أن يعلنه ترامب اليوم فيما يتعلق بخطواته المقدسية غير واضحة بما يكفي، فإن قراره من المتوقع أن يعزز سيطرة إسرائيل في القدس وتقليص احتمال تقسيمها من جديد في أي يوم. 
السؤال هو بأي ثمن. القرار من شأنه أن يدفن الأمل الضعيف لحدوث انطلاقة في العملية السلمية. ويمكن لهذا القرار اشعال حريق محلي واقليمي يضر بالمصالح الأميركية والإسرائيلية في الشرق الاوسط. وهذا القرار سيمنح إيران الذريعة لاثارة وتحريض الرأي العام العربي ضد الزعماء العرب. وهذا القرار من شأنه أن يؤدي إلى اندلاع أعمال عنف تضعضع مؤسسات السلطة، التي استثمرت الكثير في تطوير علاقاتها مع ترامب. هذا القرار من شأنه أن يسفك دماء الكثيرين.
يمكن الافتراض أن ترامب لم يسمع في أي يوم عن "اساس وجودنا"، وهو التعبير الذي اتخذه نتنياهو من اجل تبرير قراره احادي الجانب بفتح نفق الهيكل. 17 جنديا إسرائيليا وحوالي 100 فلسطيني قتلوا في الاحتجاج الذي اندلع، ومكانة نتنياهو تضررت جدا. هذه الحادثة علمت نتنياهو درسا يحمله معه، أو على الأقل، حمله حتى الآن: لا تلعب مع القدس، فهي ستقوم بعضك في المقابل. 
التغيير الخطير في السياسة الأميركية بالتأكيد سيمنح نتنياهو نقاطا في الرأي العام الإسرائيلي، ولا سيما اليميني، وهذه هدية ليست بسيطة في الوقت الذي يهبط فيه في الاستطلاعات وهو متورط حتى عنقه في التحقيقات. في كل تناولهم لموضوع القدس، فإن إسرائيليين كثيرين نظروا إلى عدم الاعتراف بغربي القدس، على الاقل كإجحاف بارز. وليس مثل البراغماتية لحزب العمل الذي أيد ما يسمى طريقة دونم هنا ودونم هناك، فإن اليمين التنقيحي كان عاشقا منذ الأزل للخطابات، التصريحات والهدايا وبوادر حسن النية الرمزية. الاقوال دائما كانت بالنسبة له جزء لا يتجزأ من الافعال، واحيانا حتى كانت تشكل البديل المرغوب فيه. ولكن الرأي العام متقلب. إذا اندلعت أعمال عنف وكلفت حياة بشر، فإن مبادرة ترامب ومحاولة نتنياهو تشجيعها ربما تعمل ضدهم مثل الضربة المرتدة. هناك حدود ربما، لعدد الضحايا الذي يمكن اعتباره مبررا مقابل تصريح في نهاية الأمر لن يغير أي شيء. 
إن رد معظم يهود الولايات المتحدة سيكون اكثر تعقيدا. من جهة، مؤيدو إسرائيل في الجالية اليهودية وضعوا القدس على رأس اولوياتهم، اكثر من المقبول لدى اخوتهم الإسرائيليين. بسبب هذا فإن معظم المرشحين للرئاسة تعهدوا بنقل السفارة، رغم أنهم عرفوا كيفية التمييز بين البلاغة الكلامية المستخذية للحملة الانتخابية وبين ادارة سياسة خارجية عقلانية. ولكن يهود الولايات المتحدة أيضا يحتقرون ترامب أكثر من الإسرائيليين. وسيعانون الآن من التنافر المعرفي في محاولة للملاءمة بين تجسد حلمهم وبين حقيقة أن ترامب المكروه بالتحديد هو الذي مكن من ذلك. 
أغلبية زعماء العالم يضغطون على ترامب من اجل الامتناع عن القيام بهذه الخطوة التي ستشعل المنطقة. فهم يخشون من أن تغيير الوضع الراهن في القدس يمكن أن يجبي ثمنا باهظا من المنطقة. الاصدقاء الجدد لترامب في الشرق الاوسط – على رأسهم الأردن والسعودية اللتان تعتبران أن لهما علاقة خاصة بالقدس، حذرتا ترامب أمس من التداعيات المتوقعة. إذا قرر تجاهل رأي هذه الدول والمضي قدما، فإن لذلك سببين اساسيين.
السبب الاول هو أن ترامب خضع للضغط من قبل مؤيديه الافغنلستيين  وهو يدفع الثمن من اجل الحفاظ على ولائهم. هؤلاء يمكنهم الآن تصويره كأداة للخالق على الارض من اجل تبرير دعمهم للرئيس، الذي يمثل نقيض ما يدعون اليه. متبرعون كثيرون مثل شلدون إدلسون ساهموا بنصيبهم أيضا بالتأكيد، وبالمساعدة السخية لسفير إسرائيل لليمين الأميركي المهووس، رون ديرمر، ونظيره دافيد فريدمان، سفير المستوطنين في القدس.
السبب الثاني هو أن ترامب يتجاهل اشارات التحذير، خلافا لاغلبية السياسيين، وهو لا يرد بصورة جيدة على الادعاءات المنطقية والتبريرات المقنعة. وهو يستمتع باثارة المشاكل والتنكيل بالسياسيين المتعقلين، وفي هذه الحالة الدبلوماسيين المتعقلين، وهذه صفة سبق لها وأحدثت شرخ بين واشنطن وحلفائها المخلصين في غرب أوروبا. ومثل فضائح اخرى مرتبطة به، فإن ترامب يثير ضجة في القدس، في الاساس لأنه يستطيع.
السيناريو المتفائل هو أنه بعد الخلل محدودة للنظام فإن النظام سيعود إلى ما كان عليه وسيخرج نتنياهو وترامب من هذه القضية بضحكة متعجرفة تقول "لقد قلنا لكم". السيناريو المتشائم هو أن الإعلان عن نقل السفارة الأميركية سيثير غضب الفلسطينيين الذي سيحرر الاحباط واسباب اخرى للغضب التي تراكمت في السنوات الاخيرة. وهكذا سيتم تمهيد الطريق لانتفاضة ثالثة، بكل ما يعنيه ذلك. إن تطور كهذا سيعرض للخطر استمرار حكم محمود عباس واستمرار بقاء السلطة الفلسطينية. السيناريو الاسوأ هو أن العنف سيمتد بتشجيع ايران أيضا إلى العواصم العربية وسيمس بالأنظمة المعتدلة كما يبدو، التي تعني ترامب جدا. 
الرأي العام في إسرائيل يتوق إلى الاعتراف بالقدس، لكن إذا كان الثمن هو أعمال دموية وعدم استقرار اقليمي وراديكالية فلسطينية ونجاح دعائي لإيران، عندها الرد الصهيوني المناسب سيكون القول لترامب "لا تصنع لنا معروفا".
FacebookTwitterطباعةZoom INZoom OUTحفظComment