في بلادنا، حين يفشل يساري في اليسار.. فالسبب هو المخابرات وحين يقال إن موظفا

تعتق في الوظيفة وتكلس، وصار عبئا على المؤسسة وجرت عملية إحالته إلى التقاعد، يكون السبب حتما هو المخابرات.. ومن يعطل الدول المدنية هو المخابرات، وحين يتجرأ شيخ على قيم التسامح في المجتمع ويروج للتعصب، ويزاح عن المنبر فالسبب هو المخابرات..

وحتى فصل طالب من جامعته بسبب( هوشة ) أنتجها، خلفيته أمر من المخابرات..

طلاق فتحية سببه المخابرات، وزواج عبدالفتاح سببه المخابرات، وشراء محمود سيارة نوع (كيا أفانتي).. جاء بتمويل من المخابرات، وكسر الحوض الذي تعرض له (عطية) نتيجة تزحلقه أثناء الإستحمام، سببه قطعة من الصابون دسها عميل للمخابرات في (البانيو)..

والغريب أن هذه المؤسسة لها تسميات أخرى غير دائرة المخابرات، مثلا: (الجماعة)..

ومن الممكن (اللي فوق) وأحيانا (جماعة شارع الشعب).. وفي بعض الأحيان (اللي بالي بالكو) واخر تسمية أطلقت هي ( قوى الوضع الراهن)..

شكرا لدائرة المخابرات، فوجودها أعطى مبررا للفاشل كي يعلق عليها فشله، وربما أعطى مبررا لليساري الذي يعرف من اليسار فقط اتجاهات الإشارة الضوئية، كي يبرر فشل التجربة الحزبية.. وأعطت مبررا للمستوزر، الذي أمضى الليلة على الهاتف يوزع التوسل يتلوه التوسل.. من أجل أن يأتي في التشكيلة ولم يحصل الأمر.. كي يقول في المجالس: (الجماعة ما بدهم اياني).. وأعطت أيضا إجابة للمرتشي، الذي طرد من وظيفته كي يغلف الرشوة بغطاء من الشرف، ويقول: (الجماعة حطو ضدي).. أعطتنا كل شيء لنلصقه بها، وفي النهاية قبلت كل شيء أيضا.

شكرا للمخابرات أيضا والتي باسمها، حصلت على أفضل موقف في العمارة، وخاف مني سائق التكسي، وباسمها أيضا دعاني جاري إلى طنجرة ورق دوالي .. وقال لي: (أنا بحب هاي البلد).. وأنا أوهمته بأن شعوره النبيل لابد أن يصل (للجماعة)..

ستون عاما، من عمر هذه المؤسسة ونحن نلصق كل أمراضنا بها.. والمشكلة أنها تقبل وتمضي..

قد تسألون عن سبب مقالتي، ببساطة البارحة خرجت فحوصات الدم خاصتي، وقد قال لي الطبيب: وضعك محزن، كل شيء في ارتفاع :الكوليسترول، اليوريك اسيد، الدهنيات..

وأنا أظن أن المخابرات، وصلت لدمي.. تدخلت في الكروموسومات الخاصة بي، حتى

دمي.. تآمروا عليه.

وهذا المقال هو الاخر لن يسلم من الشك، وسيقولون كتب بإيعاز.. من المخابرات.

اعتقلوني...!