Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Aug-2016

الفزعة.. الفزعة! - محمد الشواهين

 

 
الغد- أصبحت هذه الكلمة تتردد في كل مكان في الاردن هذه الأيام، ونحن مقدمون على استحقاق دستوري لانتخاب مجلس نيابي جديد، في أعقاب حل المجلس السابق الذي يحمل رقم "17". فالمعركة الانتخابية باتت على أشدها، ومن البدهي أن المرشحين وذويهم وأعوانهم كلهم طلاب فزعة المقترعين. 
بيد أن المجلس السابع عشر والذي سبقه، ما يزالان يلقيان بظلالهما على العملية الانتخابية برمتها، بسبب أدائهما المتواضع، حسب رأي كثيرين.
الفزعة على أنواع، ومستويات مختلفة. ففي تاريخنا العربي، قرأنا عن فزعة المعتصم للمرأة العربية التي اعتدى عليها علج روماني، فقال المعتصم كلمته المشهورة: "لبيك يا أخت العرب"، مرسلاً جيشا أوله في عمورية وآخره عند الخليفة الذي ضرب مثلا في عدم قبول الضيم والذل. وبيت الشعر الشهير الذي بات محفوظا عن ظهر قلب في تلك المناسبة:
السيف أصدق إنباء من الكتب
                   في حده الحدّ بين الجد واللعب
أما في عصرنا الحاضر، فأعتقد أن مثل هذه الفزعة غير متحققة على أرض الواقع، في غياب القوة والإعداد اللازمين لنفض غبار التبعية والانكسار العربيين.
لكن فزعة الانتخابات موجودة، وهي تذكرني بأيام "العونة" التي تصب في المعنى نفسه إلى حد ما، وكنا نجدها أيام الحصاد وفي بناء البيوت ومواسم الأعراس، ومناسبات ومجالات أخرى. لكن مع تغير الظروف الاقتصادية والديموغرافية، وتوفر الأدوات بأنواعها، فقد باتت "العونة" محصورة في أضيق الحدود، ضمن المجتمعات الريفية والبدوية تحديدا.
اليوم، مجتمعنا الأردني منشغل بموضوع الانتخابات، فمن لا يملك المال ينتظر الفزعة من أهل الفزعة، فيما بعض من يملكه قد يوظفه للحصول على الأصوات فيما يُعرف بـ"المال الأسود".
وبمناسبة الحديث عن المال في العملية الانتخابية؛ أسوده وأبيضه، فإنه ليس من الإنصاف أن نعمم بالقول إن كل من يملك المال يقوم بشراء الذمم. لكن في الوقت نفسه، نشاهد البذخ في كثير من الحملات الانتخابية، وبشكل واضح جدا للعيان. في حين أن بعض المرشحين الذين لا يملكون المال، تجدهم في هذه المرحلة بالذات يُعانون الأمرّين، وخاصة حالة الضعف والوهن التي تبدو واضحة على حملتهم. وثمة من يقول صراحة عبارة يتم تداولها بحسن نية أو بسوئها "اللي معوش ما بلزموش"، وكأن الترشح للبرلمان هو من حق الأغنياء وحدهم، أما الفقراء فلا نصيب لهم، ومن الأفضل لهم أن يقبعوا في بيوتهم فقط للإدلاء بأصواتهم في يوم الاقتراع، إذا شاؤوا.
السؤال الذي يطرح نفسه في مثل هذه المواسم: إلى أي مدى تستطيع الأجهزة المختصة وضع حد لمثل هكذا تصرفات، بعمل حثيث وجهد متواصل من شأنهما القبض على سماسرة "الأصوات"، الذين وصلت الجرأة ببعضهم حد المجاهرة بقدرته على شراء آلاف الأصوات؟ 
أما الصورة العامة فليست سوداوية في مجملها؛ إذ إن أخلاقنا وعاداتنا وديننا تحارب مثل هذه الظاهرة، إذا جاز لنا أن نطلق عليها هذا الوصف، إذ هي أقل من "ظاهرة" بكثير.
نتمنى أن تنتهي العملية الانتخابية على خير ما يرام، خالية ما أمكن من الشوائب بكل أنواعها وأشكالها، ومن أي مصدر كان، لنخرج بمجلس نيابي يليق بالمرحلة المقبلة التي ستحتاج جهوداً كبيرة لمواجهة تحديات على المستويين المحلي والدولي، على درجة عالية من الأهمية.