Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Jan-2018

«الربيع الأميركي» يتسلل إلى ايران!! - محمد كعوش

الراي -  رغم برودة الطقس في كامل الشرق الأوسط القديم بسبب حلول ( المربعانية )، فالأجواء السياسية والأمنية في المنطقة ساخنة وملتهبة لا تبشر بالخير، والحالة بدأت بالتصاعد مع هبوب رياح «الربيع الأميركي» على ايران حتى وصلت الى قلب العاصمة ومعظم مدنها باسم الاصلاح والحرية والديمقراطية والاحتجاج على الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وهي ذات الشعارات التي حملها «الربيع العربي» الى اكثر من عاصمة عربية على شكل اعمال شغب تطورت الى حروب اهلية بدعم خارجي، أو انها ستكون أقرب الى ما حدث ويحدث في البرازيل وفنزويلا، أي بهدف التغيير!!

 
الذين قرأوا التاريخ جيدا قالوا :» عندما تحدث أعمال شغب في بلد غير حليف لواشنطن، أو ضد نظام في بلد أمم النفط، فتش عن اصابع الولايات المتحدة «. والذاكرة الايرانية تختزن تجارب تاريخية تؤكد هذه المقولة، وقد تكون تجربة محمد مصدق في تغيير نظام حكم الشاه وتأميم النفط في العام 1953 أولها، فالشعب الأيراني يعرف دور ضابط المخابرات الأميركي كرميت روزفلت وعملية «اجاكس» التي اسقطت نظام مصدق عبر « ثورة شعبية « مدبرة بالتعاون مع المخابرات البريطانية، واغتيال رموز الجبهة الوطنية «جبهة ملّي» التي اسسها محمد مصدق.
 
ما اكتبه هنا قد لا يعجب الكثيرين، بسبب التعصب المذهبي اللاعقلاني، أو بسبب معارضة الموقف السياسي الأيراني (المشروع الأيراني) الساعي الى توسيع المجال الحيوي للدولة الاسلامية الأيرانية خصوصا في العراق وسوريا ولبنان، وفي غياب المشروع العربي.
 
ولكن هذا لا ينفي حقيقة أن ما يحدث في المدن الأيرانية يشكل فصلا من المشروع الأميركي في الشرق الأوسط، بعد فشل اللعبة التي مارستها الادارات الأميركية المتعاقبة التي حاولت احتواء ايران، أو ترهيبها بالتلويح بضربة عسكرية، ولكن واشنطن فشلت في تنفيذ أي من الخيارين حتى الآن، ربما لأن المؤسسات الأمنية الأميركية تعرف بالتجربة أن التغيير في ايران لا يحدث الا من الداخل وعبر ( ثورة شعبية ) مدبرة.
 
يلاحظ أن واشنطن أيدت وحرضت على التصعيد ضد النظام في ايران منذ اللحظة الأولى، كما بدأت الماكينة الاعلامية الأميركية تشارك في التغطية على مدار الساعة باسلوب تحريضي هدفه توسيع رقعة الاشتباك على امل تحويل اعمال الشغب الى عمل مسلح، بهدف خلق حالة داخلية ضاغطة على النظام في ايران، وبالتالي اشغال المؤسسات الأمنية والسياسية وارباكها، واجبارها على الانكفاء للداخل وتخفيف دورها العسكري في سوريا، ووقف دعمها لحزب االله، في مرحلة مصيرية وخطيرة تتعلق بقرارات أميركية اسرائيلية تتعلق بالقدس وضم المستوطنات والغاء حل الدولتين، وتصفية قضية الشعب الفلسطيني.
 
الثابت أن اسرائيل كانت، ولا تزال ، تلح على الادارة الأميركية منذ عهد اوباما لتوجيه ضربة عسكرية لطهران، ولكن الأدارة الأميركية كانت واعية ومدركة استحالة غزو ايران عسكريا، وغير قادرة على دفع الثمن، كما لها حساباتها ومصالحها، لذلك لم تستجب للنداء الأسرائيلي، الى ان جاء الرئيس ترمب من عالمه الخاص البعيد عن السياسة، وهو المرتبط عاطفيا بالحركة الصهيونية، ان لم نقل يعتنق عقيدتها تماما، حيث بدأ برمي حجارته ( قراراته ) في المياه الراكدة، وبشكل يخدم المصالح الاسرائيلية فحسب.
 
في خضم هذه التطورات وهذا الغضب العام في المنطقة اصدر ترمب قراراته المتهورة حول القدس، والأسوأ أنه يزعم حتى الآن أنها تخدم عملية السلام، ويكرر ادعاءات نتنياهو بان القيادة الفلسطينية هي الرافضة لأحياء المفاوضات من أجل السلام ويهدد بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية!! ولكننا نتساءل: واين هو السلام، وأين اتفاقية اوسلو وحل الدولتين، وهل من حق الأسير أو الرهينة أن يفاوض؟!
 
قلت في وقت سابق إنه ما زال في الرزنامة العربية ما هو اسوأ، واليوم أقول إن في الرزنامة الأقليمية في ضوء التحالفات المتغيرة ما هو اسوأ، لأن الولايات المتحدة تحاول التقاط اللحظات التاريخية السريعة العابرة لتحقيق «الحلم الصهيوني» القائم على الخرافة والقوة العسكرية، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن المشروع المشبوه قد يتحقق، لأن الرهان يبقى على نخوة الشعوب الصامدة الثابتة الحية الحيوية.