Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Apr-2014

مثقفون وأكاديميّون يؤبنون الشيخ المعلم عبدالكريم الغرايبة
الراي - إبراهيم السواعير - برعاية رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، وبحضور رئيس مجلس الأعيان الدكتور عبدالرؤوف الروابدة والعين فيصل الفايز، أقامت جامعة العلوم الإسلاميّة بالتعاون مع  المركز الثقافي الملكي حفل تأبين المؤرخ الشيخ المعلّم الدكتور عبدالكريم الغرايبة، تحت عنوان (حفل الوفاء)؛ استذكاراً لإسهاماته الكبيرة، وكونه أوّل من حصل على درجة دكتوراة التاريخ في الأردن.
استُهلّ الحفل، الذي أمّه حضور كبير ومثقف وشخصيات سياسية وأكاديمية، بكلمة للدكتور الروابدة تحدث فيها عن قيمة الوفاء الأردنيّة، متناولاً قيمة ما أسهم به شيخ المعلمين (أبو الرائد)، الذي ينتمي إلى أسرة عريقة، وأسقى العطاش علماً وحباً للأردن وعشقاً للعرب. وطوّف الروابدة بمسيرة الراحل وجديّته ومشواره الدؤوب بين مدارس المغير وإربد والسلط.
وعاد الروابدة إلى خمسين عاماً عرف فيها الغرايبة محللاً الماضي والحاضر بثقة وحياديّة؛ مطلقاً عليه اسم السنديانة الوطنيّة التي تعتزّ بالانتماء إلى الأردن. وقال الروابدة إنّ هويّة الغرايبة هي هويّة جامعة لا تعرف التحيّز أو الإقصاء والتهميش، مثلما كان أيقونةً قوميّة معتزاً بالانتساب إلى أمّة كان لها الدور الأكبر في التاريخ.
وفي كلمته تحدث رئيس مجمع اللغة العربية الأردني الدكتور عبدالكريم خليفة عن الغرايبة المولود في قرية المغيّر شمال إربد يوم العشرين من حزيران عام 1923، وكان والده من أوائل المتعلمين في الأردن، وكان مديراً لناحية عجلون ثم أصبح (قائمقاماً) في جرش ومادبا، ليشغل منصب رئيس بلدية إربد ويمنحه المغفور له الملك الحسين لقب الباشويّة.
استرسل خليفة في حديثه عن تلقي عبدالكريم الغرايبة مبادئ الحساب والقراءة والكتابة في كُتّاب الشيخ الراحل علي الخليل الحوراني، واستفاض في الحديث عن دراسته في السلط، وكان زامله آنذاك. كما تحدث خليفة عن انسحاب الغرايبة من كلية الطب في الجامعة الأميركية ببيروت ليدرس التاريخ ويتخرج من الجامعة ذاتها أواخر الأربعينات من القرن الماضي، وسار متناولاً ابتعاث الحكومة الغرايبة إلى لندن لإكمال دراساته، ليعيّن مفتشاً في دائرة الآثار العامة، ومناصب كثيرة، عدا كونه أستاذاً زائراً في جامعة دمشق والرياض.
وقف خليفة عند مخطوطات (قمران) وانحياز الغرايبة لها في رحلتها خارج الأردن، وتحدث عن إسهام الغرايبة في مجمع اللغة العربية الأردني في أواخر السبعينات، مذكّراً بمؤلفاته المهمة عن النضال العربي الحديث وتاريخ العرب الحديث وإفريقيا العربية والعرب والأتراك وسوريا في القرن التاسع عشر وسواها من المؤلفات، وختم خليفة بحديثٍ عن قدرة الغرايبة الفائقة في الاستخلاص والدرس.
بدوره تحدث القائم بأعمال رئيس جامعة العلوم الإسلامية العالمية الدكتور صلاح جرار عن أهمية الاحتفال بالمبدعين والاستعانة بما تركوه من فكر، وتناول جرار الرحل مفكّراً ورمزاً وطنياً وعَلماً من الأعلام الأردنية. واستعاد جرار لقاءاته بالراحل والاستمتاع بأحاديثه الظريفة وكشفه الثري، ونادى جرار طلبة الشيخ المعلم بالحفاوة بآثاره، وأفاد أن الجامعة تعمل على مجموعة الوثائق التي كان يحوزها الشيخ المعلم الغرايبة.
رئيس الجامعة الأردنية الدكتور اخليف الطراونة قال إنّ الغرايبة واحدٌ من أعلام الوطن ومبدعيه، مستذكراً في رحلة البناء والمعرفة قنديل شاكر وعبدالعزيز الدوري وسحبان خليفات وكثيرين.
تناول الطراونة مضامين يحملها الراحل في وعيه وتأثيره وحياديّته، فكان مثالاً للمثقف المستقلّ صاحب النظر، وسار الطراونة يتحدث عن المثقفين الأردنيين والعرب، ووقف على مسائل التأخر العربي ورسوخ الدول القِطريّة والنزعات الكيانيّة وكثير من المواضيع المشابهة، ومن ذلك انطلق الطراونة يقرأ الغرايبة في مراحل صعبة عربياً أثرت في التشكيل والوعي.
كلمة مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي ألقاها المهدي عيد الرواضية وفيها تناول زمالة الغرايبة وانخراط الراحل في لجانها وبحوثها ومشروعاتها، وذكر من ذلك خطة المؤسسة في الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط، ومشروع التراث العربي الإسلامي في فن العمارة، وغير ذلك. كما تناول الرواضية صلات الغرايبة وإسهامه في الحريّة والعدل والحق، ومن صفاته الشخصيّة ذكر وفاءه ورهافة حسّه وسؤاله الدائم المهمّ.
ألقى الدكتور مروان كمال كلمة زملاء الغرايبة، وفيها وقف على قراءات الراحل وبحثه عن المفاصل المخفيّة والمفاجآت غير الاعتياديّة بعقل المدقق المفكر المتأمل لا المشاهد المسحور. تحدث كمال عن نظرة الغرايبة للسلطة والتناقضات، ودعوته لإعادة كتابة التاريخ من المنظور الإنساني وما يشتمل من محبّةٍ وإخاء، كما تحدث عنه شاملاً ومتعمقاً في التفاصيل.
بعنوان (عبدالكريم غرايبة: المعلم الفريد) ألقى المؤرخ الدكتور علي محافظة كلمته الجامعة عن رابطة الكتاب الأردنيين، متناولاً مكانة الراحل بين معلميه الذين خبرهم في الكُتّاب والمدرسة الابتدائيّة والثانوية وجامعة باريس وجامعة بون وجامعة السوربون.
تناول محافظة جدل الغرايبة ونقاشاته وانفتاحه على المعارف والعلوم والأصدقاء، بصفته ذاكرة للأحداث والسنين والأيام والمواقف، وانطلق محافظة يتحدث عن رواية الغرايبة للنصوص والروايات والمدونات والقصائد والأدب، واستنباطه منها الأفكار والمواقف والاتجاهات، وربطه الماضي بالحاضر والبحث عن المشتركات، وبحوثه في موضوع التفاهم بين الأمتين العربية والتركية. واستذكر محافظة أسلوب الغرايبة الشائق في التدريس واحتفاظه بما يدعم رأيه من الخطب والشعر وروايات الناس وتصريحات السياسيين.
وفي كلمة رئيس جمعية المؤرخين الأردنيين تحدث الدكتور محمد خريسات عن الغرايبة واهتمامه غير المنقطع بالتاريخ وحضّه تلامذته على الاستنتاج فيه، وذكر خريسات من المواقف والطرائف ما يؤكّد الحُلُق العظيم للشيخ المعلم في أنّه لا يترك النزاعات أو الاختلافات الحادّة المؤذية في النظر والرأي تتعدى أسوار المؤسسة الأكاديمية أو البحثيّة.
خريسات تحدث باستفاضة عن التأريخ وقيمته ومنهجه ومسالكه، متناولاً هذا المشروع المعرفي المهم الذي يحتاج استقلالاً وحياديّةً ودأباً وموضوعيّةً وجدها في عقل الغرايبة وفؤاده ومسيرة هذا الإبداع الإنساني والعلمي.
المؤرخ الدكتور رؤوف أبو جابر ألقى كلمة أصدقاء الفقيد، تحت عنوان (الصديق الوفي الذي افتقدناه)، وفيها قال إنّه يعز عليه أن يقف مؤبناً صديق العمر الشيخ الجليل والمؤرخ الكبير عبدالكريم بعد هذه الصداقة التي بدأت منذ أواخر العام 1942 ولم تشبها قط شائبة خلال الاثنين وسبعين سنة التي أينع خلالها مكللة بالمودة الصادقة والمحبة البريئة الخالية من الغرض فكانت صحبة العمر التي أغنت الحياة وكان استمرارها حديثاً يشار إليه.
وتناول أبو جابر الراحل وقد عاش الواحدة والتسعين من حياته الحافلة في أرجاء الوطن العربي وكان دائماً العربي الأصيل بكل ما في الكلمة من معنى مؤمناً متديناً واثقاً من نفسه ومن عظمة أمته وحتمية اصطلاح أمورها نزيهاً نظيف الفكر واليد عفيفاً، وقال إنّه يشهد أنه عاش حياته المديدة كلها فلم يسمعه قط يتلفظ بلفظة بذيئة أو بكلمة نابية بحق إنسان، وقد عاش حياته لا يتهاون في أمور التاريخ فقد كان يزن الأحداث بميزان العقل اعتماداً على ما ورد عنها من روايات موثوقة وأسانيد ثابتة فتكون عندها نتائج الأبحاث التي يجهر بها مُحكمة خالية من التعصب والتحيز وخالصة لوجه الله الكريم.
وقال إنّ الغرايبة كان عالماً مغرماً بالتعليم وهؤلاء تلاميذه من حملة الماجستير والدكتوراه يعدون بالمئات فقد كان إشرافه على دراسة أي تلميذ شرف يُسعى إليه لما كان لديه من اهتمام بمستوى الطالب المعرفي بمستوى جيد وأهمية إنجازه المطلوب منه وإحرازه النجاح في نهاية مدة الدراسة عن جدارة واستحقاق.
وفي حديثه عن صفاته قال أبو جابر إنّ الغرايبة كان سمحاً كريم النفس في القول والفعل فكان يصدر في إدارته لأمور التعليم ومتطلبات المسؤوليات الإدارية عندما كان يشغل المناصب المتعلقة بها عن طيبة نفس وانشراح صدر.
وتحدث أبو جابر عن سمعة الراحل دوماً وإيمانه، ذاكراً قيامه بدفع أكثر من خمسين ألف دينار مقابل أرشفة أوراقه لتكون خدمة للأجيال القادمة على أفضل مستوى.
ألقى كلمة تلاميذ الراحل الدكتور عبدالله العساف وفيها بيّن أنّ حياةً حافلةً بالعطاء والفائدة كان توافر عليها الشيخ المعلّم، وأنّه كان يملك طبيعةً استثنائيّةً وفريدةً متناغمةً مع نفسه، وكان متسامحاً صريحاً جريئاً في أقواله.
وذكر العساف أنّه اعتاد شخصية أستاذه الودود الذي يعرف كلّ الشارد والوارد ويتنبّه إلى كلّ شيء، وكان ذا منهج علّمه طلبته في كتابة التاريخ.
وكان ألقى كلمة آل الفقيد الكاتب الدكتور فيصل غرايبة مقدراً حفاوة المحتفين والنخبة من رجالات الوطن، واجداً أنّ حديث الأصدقاء والمؤبنين كان يفوق كلّ حديث. وقال فيصل الغرايبة إنّه يشكر لكلّ الحاضرين حضورهم وسعيهم للمشاركة في حفل تأبين أخيه الدكتور عبدالكريم الغرايبة. وبارك فيصل الغرايبة صلات العلم والمعرفة بين الراحل والعلماء، كما خصّ جامعة العلوم الإسلامية بالشكر على تقديرها واشتغالها على حفل التأبين.
وأعرب فيصل الغرايبة عن تقديره أمانة عمان وبلدية إربد الكبرى في إطلاق اسم عبدالكريم الغرايبة على شارعين، كما أعرب عن تقديره وزارة التربية والتعليم لإطلاقها اسم الراحل على إحدى المدارس في عمان، وإصدار وزارة الثقافة ملفاً عن الراحل الجليل.