Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Apr-2018

ما بعد المعرفة - د. ماهر عربيات

الراي - الجامعات ليست بمظاهرها وجمالها وساحاتها وبنيانها،

إنما بالرسالة التي تؤديها في نقل المعرفة، وبناء الفكر
النهضوي، والتفكير الحضاري والثقافي والأخلاقي،
ومواكبة التطور والتقدم بالبحث العلمي الذي يكفل
التصدي للتحديات المعاصرة.
لا ينحصر دور الجامعات والرسالة المنوطة بها في عمليات نقل المعرفة والتعليم
فحسب، بل يتعدى ذلك لقيادة المجتمعات فكرا ونهضة وحضارة، وهي التي تتولى
مسؤولية تطوير المجتمع ونقله من مستهلك إلى منتج ومن مخفق إلى مبدع ومن
عاجز إلى مبتكر، وهذا لا يتأتى في ظل تراجع مستوى البحث العلمي، وضعف الإنتاجية
البحثية للجامعات.
ولا غرابة في ذلك، خصوصاً وأن البحث العلمي يعتبر من أبرز الوظائف الرئيسية
للجامعات, فبدونه تصبح الجامعة عبارة عن معهد للتعليم ونقل المعرفة، وليس
مكانا للتفوق والإبداع العلمي وإثراء المعرفة وتوظيفها لمواجهة القضايا التي تعيق
التنمية.
من المعروف أن الجامعات الأميركية تحظى بمركز مرموق ومكانة كبيرة على مستوى
العالم، وإذا ما أرادت دولة تطوير نظامها التعليمي، فانه ينبغي لها الالتفات والاقتراب
من الجامعات الأميركية المتفوقة والعملاقة، التي تتولى مسؤولية النمو والازدهار
والتقدم في مجتمعها.
صدر منذ عامين كتاب رائع للفيلسوف الأميركي (جوناثان كول) بعنوان جامعات
عظيمة: قصة تفوق الجامعات الأميركية، ترجم إلى اللغة العربية وصدر عن الدار
المصرية اللبنانية، والمؤلف هو استاذ علم اجتماع العلوم في جامعة كولومبيا.
يتحدث المؤلف عن العديد من الإبداعات التي توصلت إليها جامعات البحث الأميركية،
والتي كان لها دور مهم في تغيير مظاهر الحياة اليومية، ويشير إلى التحديات التى
تعصف بالجامعات في هذا العصر وكيفية التعامل معها، ويتناول العوامل والأسباب
التي ارتقت بالجامعة الأميركية إلى منزلة التميز، وتحولها إلى مؤسسة عظيمة،
ويعتقد ان الولايات المتحدة ليست متقدمة بالتعليم الجامعي، انما هي متفوقة
بالتعليم ما بعد الجامعي.
حسب بعض الخبراء ان للجامعة رسالتين، الأولى تتعلق بنقل المعرفة، والثانية تختص
بالبحث العلمي، وحينما ينحصر دور الجامعة في نقل المعرفة وتخريج أفواج الطلبة
فهي تصبح جامعة غير مكتملة، ومنقوصة الهدف والرسالة، إذ ان الأساس في الجامعة
هو البحث العلمي، ولعل اهتمام الجامعات الأميركية بهذا المجال، هو ما يفسر تفوق
ونهضة الولايات المتحدة الأميركية.
يبلغ عدد الجامعات في الولايات المتحدة أكثر من أربعة آلاف جامعة، لكن ليست
جميعها ذات شأن، فهناك الكثير من الجامعات الأميركية لا قيمة ولا وزن علميا لها، غير
أن بعض الجامعات البحثية الأميركية، هي التي تقود حركة البحث العلمي على سطح
الأرض، لأنها ذات مكانة علمية يجعلها مؤهلة لذلك.
الجامعات البحثية هي منارات ومهد للعلم، ورسالتها لا تنحصر في نقل المعرفة فقط،
إنما تمتد إلى ما بعد ذلك، ولهذا فهي تقود المجتمع نحو التطور والنهضة والحضارة،
ولأنها تحظى بقدر كبير من الاحترام العالمي، فهذا ما يضعها دائما ضمن المراكز
المتقدمة في التصنيفات العالمية، ويجعلها تعتلي قمة هرم النظام الأكاديمي
العالمي.
نأمل أن تنهض وتتطور جامعاتنا وأن تتجه أكثر نحو البحث، لأنه لم يعد مجرد ترف
علمي، إنما ضرورة اقتضتها متطلبات العصر... خلاصة القول: إذا كانت الجامعة هي
سفينة التنمية الشاملة، فإن البحث العلمي هو ربانها.