Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Dec-2018

ماكرون يتجه اليوم لإعلان حزمة إصلاحات في محاولة للخروج من أزمة «السترات الصفراء»
آدم جابر
 
باريس ـ «القدس العربي»: بعد أن نزل متظاهرو «السترات الصفراء»، أول أمس السبت في مظاهرات جديدة، متجاهلين قرار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، القاضي بالإلغاء الكامل للضريبة الجديدة على أسعار الوقود التي كانت وراء اندلاع حَراكهم، تتجه الأنظار إلى قصر الإليزيه حيث يترقب الفرنسيون إعلان ماكرون عن حزمة إجراءات خلال الخطاب الذي يفترض أن يلقيه اليوم على الأرجح رداً على هذه الأزمة الاجتماعية التي تضع فترته الرئاسية على المحك.
ونزل حوالي 130 ألف متظاهر من «السترات الصفراء» مجدداً السبت إلى الشارع، في تظاهرات عمّت في باريس وعدة مدن أخرى، في يوم تعبئة رابع منذ بدء حراكهم قبل أربعة أسابيع والذي تحول مع مرور الوقت إلى حراك اجتماعي ضد مجمل السياسات الاجتماعية والاقتصادية لماكرون وحكومته.
المظاهرات الأخيرة، وإن كانت أقل حدّة من تلك التي عاشتها البلاد خلال التعبئة يومي السبت 24 من نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم والسبت الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري، لكنها لم تخل هي الأخرى من اندلاع صدمات، هنا وهناك، بين المتظاهرين ورجال الأمن رغم التدابير الأمنية غير المسبوقة التي اتخذتها السلطات.
وتحوّل قلب العاصمة باريس مجدداً مسرح مواجهات متقطعة بين المتظاهرين وقوات الأمن، التي أطلقت قنابل الغاز المسيّل للدموع لتفرقة المحتجين والذين عمد عدد منهم إلى الرد عبر الرشق بالحجارة التي اقتلعوها من أرضية الشوارع، كما قام بعضهم بحرق عدد من السيارات وتكسير زجاج واجهات بعض المحلات.
 
إصابات واعتقالات
 
وأصيب العشرات، بينهم عناصر من الشرطة، بينما تم توقيف 1385 متظاهراً ووضع 975 منهم قيد الحبس الاحتياطي معظمهم في باريس، وهو رقم غير مسبوق.
وتتجه الأنظار حالياً إلى قصر الإليزيه حيث قرر ماكرون الخروج عن صمته الطويل الذي أثار غضب العديد من المتظاهرين و السياسيين، بمن فيهم بعض البرلمانيين من داخل أغلبيته الحاكمة.
إذ أكد رئيس الحكومة إدوارفيليب، أن رئيس الجمهورية سيتحدث مطلع هذا الأسبوع وسيقدم إجراءات تهدف لإعادة «اللحمة الوطنية».
ويجمع المراقبون على أن خطاب ماكرون المرتقب حول أزمة «السترات الصفراء»، يعد أهم خطاب له منذ وصوله إلى الإليزيه قبل ثمانية أشهر، كونه يأتي في وقت حرج جداً أضحى فيه الحراك العفوي واسعاً بحيث يضع فترته الرئاسية على المحك.
وفي هذا السياق، قال الصحافي والمحلل السياسي مصطفى الطوسة لـ«القدس العربي» إن: «ماكرون يجد نفسه حالياً أمام منعطف حادٍ، وأن التحدي الكبير الذي ينتطره هو إيجاد الكلمات المناسبة لإخماد لهيب هذه الاحتجاجات عبر الإعلان عن قرارات مهمة تقنع متظاهري السترات الصفراء بالعودة إلى منازلهم وعملهم».
 
تشمل تقليص قيمة الضرائب المفروضة على الدخل وتخفيض القيمة المضافة على المواد الاستهلاكية
 
وأضاف أن «فشل ماكرون في إقناع أصحاب السترات الصفراء، يعني أن فرنسا ستدخل في دوامة احتجاجات ستكون فاتورتها السياسية والاقتصادية باهظة عليه. سياسياً، باعتبار أن هناك انتخابات برلمانية أوروبية وأخرى محلية والتي سيدخلها ماكرون وحركته الجمهورية إلى الأمام وهم يفتقدون للمصداقية. إقتصادياً، لكون هذا الوضع المتأزم سيجعل فرنسا أقل استقطابا للشركات العالمية ولرؤوس الأموال ولكن أيضا للسياح»، وهنا، تجدر الإشارة إلى أن هذه الاحتجاجات التي بدأت قبل شهر وأحداث العنف والشغب التي رافقتها، أدت إلى تراجع عدد السياح الذين كان من المقرر قدومهم إلى فرنسا خلال فترة أعياد الميلاد ونهاية السنة.
ومع أن قصر الاليزيه يحاول جاهدا التحفظ على التوقيت الدقيق لخطاب ماكرون ومضمونه، إلا أن وسائل إعلام فرنسية كشفت عن بعض التدابير التي يتضمنها هذا الخطاب.
حيث تحدثت أسبوعية «لوجورنال ـ دو ـ ديمانش» عن أن الرئيس الفرنسي سيعلن عن تقليص قيمة الضرائب المفروضة على الدخل وتخفيض القيمة المضافة على المواد الاستهلاكية الأساسية. أما صحيفة «لوبرزيان»، فقد كشفت أن ماكرون سيلقي خطابه مساء اليوم الاثنين، مؤكدة أن «من بين أهم الإجراءات التي سيعلن عنها رفع مستوى القدرة الشرائية للفرنسيين وتعزيز مبدأ العدالة الاجتماعية، في محاولة لامتصاص غضب الفرنسين».
وقبل هذا الخطاب، أكدت مصادر متطابقة أن ماكرون سيستقبل صباح اليوم الاثنين ممثلي النقابات العمالية وأرباب العمل إضافة إلى منتخبين محلّيين ورؤساء الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ و المجلس الاجتماعي والاقتصادي، ليعرض عليهم التدابير التي سيعلن عنها.
ويبدو أن الرئيس الفرنسي يريد الآن الاعتماد على ممثلي النقابات والجمعيات والمُنتخبين المحليين لإيجاد مخرج لأزمة السترات الصفراء، وذلك بعد أن حرص على إبقاء هذه الهيئات بعيدة منذ وصوله إلى السلطة.
وفِي هذا الإطار، التقى ماكرون السبت في قصر الاليزيه بخمسة عشر رئيس بلدية، وناقش معهم أزمة «السترات الصفراء» وكيفية الخروج منها. وخلال اللقاء اعترف ماكرون أن الضرائب التي فرضت على المواطنين الفرنسيين في الآونة الأخيرة مرتفعة جدا هي من بين الأعلى في أوروبا.
 
جولة ميدانية
 
وتعهد بالقيام، في الأيام المقبلة، بجولة ميدانية في مختلف الجهات والمناطق الريفية في البلاد، من أجل تفقد أحوال البلديات الصغيرة ولقاء رؤسائها والاستماع إلى مطالبهم.
وذكرت صحيفة «لوبارزين» أن ماكرون أقرّ خلال هذا اللقاء أن بعض القوانين التي أتت بها حكومته ومرّرها البرلمان الذي تسيطر عليه حركته (الجمهورية إلى الأمام) لم تكن ضرورية، على غرار قانون خفض سرعة سير السيارات من 80 كيلومتر في الساعة إلى 70 كيلومتر في الساعة، في بعض الطرق غير السريعة. وهو القانون الذي كان موضع خلاف بين وزير الداخلية المستقيل جيرار كولومب، ورئيس الحكومة إدوار فيليب، الذي كان متمسكاً بقوة به.
وكانت وزيرة العمل الفرنسية، ميريل بينيكو، قد اجتمعت من من جانبها، يوم الجمعة المنصرم، بممثلي النقابات وأرباب العمل، حيث تمت مناقشة خمسة محاور يجب أن تكون موضع تباحث معمّق، بهدف تحديد حزمة تدابير ملموسة تمكن من امتصاص غضب «السترات الصفراء»، فيما يخص القدرة الشرائية والنقل والإسكان والضرائب والولوج إلى الخدمات العامة.
وفِي ختام هذا اللقاء اتفقت الأطراف على عقد اجتماع جديد يوم غد الثلاثاء. ولكن أمام تصاعد حدة الاحتقان وتأزم الوضع لم يستطع ماكرون الانتظار أكثر، وقرر مخاطبة الفرنسيين، في خطاب، للإعلان عن حزمة تدابير بهدف امتصاص غضب المتظاهرين والخروج من هذه الأزمة التي جعلته محل انتقاد حتى خارج فرنسا.