Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Aug-2019

تزوير التاريخ والخطر الإسرائيلي* نضال منصور

 الغد-لو أقام مجموعة من الشباب والشابات حفلا خاصا وأثاروا الإزعاج لوصلت لهم سلطة المحافظ والأجهزة المختصة بلمح البصر، ولجرى استجوابهم ومساءلتهم تحت ذرائع مختلفة، وهناك أمثلة وحوادث وقعت في السابق بأماكن متعددة، في حين أن عين الحكومة غافلة عن سياح إسرائيليين يعبثون بأمن الوطن ويسرحون ويمرحون على راحتهم.

حقيقة الأمر أن التحركات المريبة لما يُسمى سياحا إسرائيليين ليست جديدة وعارضة، ومنذ توقيع اتفاقية السلام وهناك عربدة وعنجهية إسرائيلية، وعلى سبيل المثال لا الحصر تعلم الحكومات المتعاقبة أن إسرائيل “تسوّق البترا” من خلال شركاتها السياحية باعتبارها امتدادا لها، فماذا فعلنا لإيقافها وردعها عن استخدام مواقعنا الأثرية في حملاتها التسويقية؟
القصة ليست طقوسا دينية فقط يجاهرون بها لاستفزازنا، الأهم والأبعد التوظيف الديني لخدمة نهج سياسي توسعي وعدواني، فالأمر دائما يبدأ عندهم بمزاعم دينية يسعون بالتلفيق والكذب واختراع سياقات تاريخية لإثبات صحتها، وهذا ما فعلوه في فلسطين، وما يزالون يفعلونه يوميا في القدس، وهذا ما يخشاه الأردنيون عندما يرونهم في مقام النبي هارون في البترا.
بكل صراحة؛ الحكومات كانت ضعيفة في التعامل مع العنجهية والإزعاجات الإسرائيلية، وحتى التجاوزات على اتفاقية السلام، ولم تتصد لها بحزم وقوة، وانظروا كيف بنت مطارا متاخما لمطار العقبة، ولم تعط اهتماما لرفضنا المستمر، رغم تأثيره على سلامة الملاحة الجوية، وراقبوا كيف يصمت المجتمع الدولي الانتهازي والمنافق عن الانتهاكات الإسرائيلية ولا يتخذ الإجراءات الكفيلة بوقف ضربها بعرض الحائط كل القرارات الدولية المعارضة لسياساتها ومواقفها؟
أرفض الرقابة المسبقة على الإبداع والإنتاج الفني، لكنني أؤيد توجس الناس من محاولات تزوير التاريخ، وقوة “الماكينة” الإسرائيلية على استخدام كل الوسائل لفرض المزور باعتباره حقيقة لا تقبل الطعن.
وزيرة السياحة السابقة مها الخطيب أكدت أن الكثير من السياح الإسرائيليين يدفنون قطعا أثرية عليها كتابات عبرية في مواقع عدة مثل وادي بن حماد في الكرك، وفي البترا، وفي طبقة فحل، وبأنها حاولت وضع حد لوقاحتهم ومنعت إدخال ملابسهم الدينية، وأن السفير الإسرائيلي في عمان آنذاك قدم شكوى للحكومة ضدها.
بعد كلام الخطيب لا أعتقد أن اعتراف رئيس سلطة إقليم البترا الدكتور سليمان الفرجات بأن الحارس هو من قام بفتح باب المسجد والمقام للسياح كافيا ووافيا، والمطلوب من الحكومة أن تقوم بإجراءات تعيد للأردنيين قليلا من كرامتهم المهدورة، وتشعرهم بالطمأنينة على سلامة مواقعهم التاريخية والأثرية، وتضع قواعد واضحة لمنع استهتار الإسرائيليين، ومخالفتهم للقوانين الأردنية.
ليت وزيرة السياحة الآثار تضعنا بصورة الحقائق وعدد السياح الإسرائيليين للأردن ومرودهم المالي على الدولة، والمناطق التي يرتادونها، وكذلك حجم السياحة القادمة لبلادنا عن طريقهم، وعدد الأيام التي يقضونها، والفائدة التي تعود على اقتصادنا، وبالإضافة لحملاتهم التسويقية ومدى اتفاقها أو تعارضها مع الحقائق، وتداعياتها على خطط هيئة تنشيط السياحة؟
اقترح درءا للمخاطر أن تتشكل مراصد شعبية تتولى مراقبة السياحة الإسرائيلية خاصة في الأماكن التاريخية والأثرية، والتحذير من مخاطرها ووضع كل المعلومات أولا بأول بين يدي الدولة لتتخذ التدابير الضرورية، وبذات الوقت فإننا ننتظر من الحكومة إجراءات رادعة، ومحاسبة كل من تواطأ، وقصّر في حماية الأردن من المزاعم والخطر الإسرائيلي.