Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Apr-2021

التطور الدستوري في عهد الدولة
الراي - د. صلاح العبادي -
أسست إمارة شرق الأردن لعام 1921، وتم إعلان استقلالها في الخامس والعشرين من أيار 1923 بعد أن قامت بريطانيا بالاعتراف بوجود حكومة دستورية مستقلة في إمارة شرق الأردن وكنتيجة لذلك الاعتراف أبرمت اتفاقية بين كل من حكومة شرق الأردن والحكومة البريطانية بتاريخ 20شباط 1928، التي تعرف بمعاهدة العام 1928، التي تضمنت شروطاً وأحكاماً دستورية تتعلق بالانتداب وسلطاته وصلاحيات الحكومة والمجلس التشريعي، وجردتهما من سلطاتهما الدستورية، كما أعاقت ممارسة الأمير نفسه لصلاحياته وحقه في إصدار القرارات ذات الصلة بإدارة شؤون الدولة.
 
وعلى أساس هذه المعاهدة، جرى وضع القانون الساسي لإمارة شرق الأردن بتاريخ 16 نيسان 1928، الذي أعطى إمارة شرق الأردن شرعية دستورية لإدارة شؤون البلاد ومن ثم توالت الأحداث والتطورات الدستورية بوضع قانون انتخاب تم إقراره ونشره بتاريخ 17 حزيران 1928، إذ تم بموجبه انتخاب اول مجلس تشريعي لأمارة شرق الأردن العام 1929، وخمسة مجالس تشريعية متلاحقة خلال فترة سريان القانون الأساسي العام 1928.
 
وقد صدر القانون الأساسي لعام 1928 بقرار أميري من الأمير عبدالله بن الحسين، مؤسس إمارة شرق الأردن، على شكل منحة من الحاكم للشعب تنازل بموجبه الحاكم عن بعض صلاحياته وسلطاته التي كان يتمتع بها إلى الشعب.
 
فالصيغة التي صدر فيها القانون الأساسي كانت صيغة قرار أميري: بمعنى أنه لم تكن هنالك انتخابات لاختيار مجلس تأسيسي تكون مهمته البحث والتداول في إصدار دستور جديد للبلاد.
 
كما أن القانون الأساسي لعام 1928 لم يصدر عن طريق العقد، وهي الطريقة التي تفترض في صياغة الدستور تشكيل لجنة من قبل الحاكم او مجلس الوزراء لصياغة دستور جديد يكون مقترحاً غير ملزم حتى يتم عرضه على المجلس المنتخب من الشعب ليقوم بمناقشته وإقراره ومن ثم المصادقة عليه قبل أن يعاد إرسال مشروع الدستور الجديد إلى السلطة التنفيذية للتصديق عليه وإصداره متضمناً النص الذي يشير إلى أن نواب الأمة قد وافقوا على صيغة هذا الدستور.
 
وعن البيئة التي رافقت إصدار القانون الأساسي لعام 1928 فقد بدأت الجهود الإصلاحية بعد تأسي الدولة الأردنية العمل على تأسيس مجلس نيابي في شرق الأردن تقوم على أسس وقواعد دستورية نيابية كاملة، حيث قام سموه في عام 1923
 
بتأليف لجنة ممثلة لكافة مناطق الأردن لوضع قانون للمجلس النيابي والانتخابات النيابية كما شكل سموه لجنة أخرى من العلماء والمشرعين لوضع لائحة قانون أساسي للبلاد في عام 1923.
 
وعندما أصبحت الظروف مهيأة لإجراء الانتخابات النيابية، وبشكل خاص بعد ان أعلنت الحكومة البريطانية في 25 أيار 1923 اعترافها باستقلال شرق الأردن، بدأت المساعي الحكومية لتنظيم أول انتخابات رسمية في الإمارة، إلا أنها قد تأخرت ولم تجر إلا بعد العام 1929 بسبب تأخر بريطانيا في توقيع معاهدة 1928 مع الأردن التي كانت تشكل مطلباً أساسياً لإقرار الدستور الذي سيتم بناءً على نصوصه استكمال العملية الانتخابية النيابية،وبعد التوقيع على تلك المعاهدة بدأت الحياة النيابية تظهر في شرق الأردن من خلال انتخاب خمسة مجالس تشريعية في ظل القانون الأساسي لعام 1928.
 
واشتمل القانون الأساسي على (72) مادة موزعة على مقدمة وسبعة فصول في المقدمة ثلاث مواد تتناول تطبيق القانون وعاصمة البلاد وشكل الراية الوطنية.
 
ويحتوي الفصل الأول على المواد من 4-15، وتتعلق بحقوق المواطنين والجنسية والمساوة والحرية الشخصية والعدالة وحماية الملكية ودين الدولة (الإسلام) واللغة الرسمية (العربية) وحرية الرأي والاجتماع، وحق الطوائف المختلفة، وحق الطوائف المختلفة في إنشاء المدارس وتعليم أبناء كل طائفة بلغتها الخاصة، واعتبار جميع المراسلات البريدية والبرقية والمخابرات الهاتفية سرية لا تخضع للمراقبة والتوقيف.
 
اما الفصل الثاني فيتناول الأمير وحقوقه من المادة (16 إلى 25) ويشمل السطات التشريعية والإدارية للأمير وشروط ولاية العهد، وإعفاء الأمير من كل تبعة ومسؤولية وحقه في سن القوانين والمصادقة عليها ومراقبة تنفيذها وعقد المعاهدات وإصدار الأوامر بإجراء الانتخابات للمجلس التشريعي وتعيين رئيس الوزراء وقبول استقالته، وحق منح الرتب العسكرية ورتب الشرطة واستردادها ومنح الألقاب وألقاب الشرف وتصديق الحكم بالإعدام وغيره من الأحكام.
 
ويختص الفصل الثالث بالتشريع المواد وتتناول شروط الترشيح لعضوية المجلس التشريعي والنظام الداخلي للمجلس التشريعي وصلاحيات المجلس وأعماله.
 
ويقتصر الفصل الرابع على القضاء (المواد من 42إلى 55) ويبين أنواع المحاكم ودرجاتها ونفاذ احكامها، بينما يتعلق الفصل الخامس (المادتان 56،57) بالإدارة من حيث تعيين الموظفين وعزلهم والتقسيمات الإدارية لإمارة شرق الأردن، ثم الشؤون البلدية وإدارتها في مدن الإمارة.
 
ويحتوي الفصل السابع من (المادة 61 إلى 72) على مواد شتى تتناول تنظيم أمور الأوقاف الإسلامية وإدارة شؤونها المالية وعدم فرض أية ضريبة إلا بقانون ثم تصديق مخصصات كل سنة بقانون سنوي يتضمن الدخل والانفاق المقرر لتلك السنة.
 
وفي الواقع ان هذا القانون لم يرض الأمير ولم تقبل به القوى السياسية الوطنية لذلك طالبوا بتعديلات جذرية لأحكام المعاهدة والقانون الأساسي.
 
نصت المادة (70) من القانون الأساسي على انه يجوز للأمير في أي وقت خلال سنتين من تاريخ بدء العمل بهذا القانون، واستناداُ لهذه الصلاحية أصدر الأمير في اول تموز 1929 منشوراً أضاف احكاماَ جديدة للقانون الأساسي كان من مقتضاها غطاء الصلاحية للأمير حق تعيين نائب له أو مجلس للعرش في حالة غيابه.
 
كما جرى تعديل القانون الأساسي عام 1939 بحيث أعطى للأمير الحق في أن يعين أو يقيل رئيس الوزراء، كما أخذ بالمسؤولية الوزارية الجماعية والفردية تجاه الأمير.
 
كما جرى تعديل آخر في 16 أذار 1940 أصبح للأمير بموجبه تمديد مدة المجلس التشريعي إلى خمس سنوات او دعوة المجلس إلى دورة استثنائية او تأجيل جلساته متى رأى ذلك ضرورياً وعلى حق المجلس التشريعي في تأجيل جلساته من حين لآخر وفقا لنظامه الدائم.
 
ثم جاء تعديل جديد للقانون الأساسي في 7 كانون الثاني 1940تناول سلطات الأمير عبدالله وصلاحياته وشروط ولاية العهد.
 
وأخيرا التعديل الذي تم في 25 أيار 1946 بمناسبة إعلان قيام المملكة الأردنية الهاشمية وتتويج الأمير عبدالله ملكاً على المملكة الأردنية الهاشمية إذ نص التعديل على ان يحل اسم (المملكة الأردنية الهاشمية) محل (إمارة شرق الأردن) في القانون الأساسي وأن يحل اسم (جلالة الملك) محل صاحب السمو الأمير.
 
تأسست أول حكومة في إمارة شرق الأردن بتاريخ 11 نيسان من عام 1921م، وأطلق عليها آنذاك (حكومة الشرق العربي)؛ لأنها ضمّت أعضاء من عدة دول كانت تغلب عليهم المشاعر العربية الوحدوية، وكان يسمى مجلس الوزراء حينها بـ «مجلس المشاورين»، ويسمى العضو فيها «مشاوراً، حيث صدرت الإرادة السنية بإسناد منصب رئيس مجلس المشاورين إلى السيد رشيد طليع على الوجه التالي:
 
- رشيد بك طليع، الكاتب الإداري ورئيس مجلس المشاورين ووكيل مشاور الداخلية.
 
- الأمير شاكر بن زيد نائب العشائر.
 
- أحمد بك مريود معاون نائب العشائر وعضو مجلس المشاورين.
 
- أمين بك التميمي مشاور الداخلية ومتصرف لواء عجلون.
 
- مظهر بك أرسلان مشاور العدلية والصحة والمعارف وعضو في مجلس المشاورين.
 
- علي خلقي الشرايري مشاور الأمن والانضباط وعضو مجلس المشاورين
 
- الشيخ محمد خضر الشنقيطي قاضي القضاة وعضو مجلس المشاورين.
 
- حسن بك الحكيم، مشاور المالية وعضو في مجلس المشاورين.
 
وأصدر المجلس قانوناً يقضي بأن تتألف الإمارة الأردنية من ثلاثة ألوية: 1- السلط 2- الكرك 3- اربد، وأن يتولى الإدارة في كل منها متصرف يكون له ما للولاة من سلطة.
 
استمرت هذه الحكومة حتى 23 حزيران من عام 1921م.
 
شهدت المملكة الأردنية الهاشمية بعد صدور دستور العام 1946 تطورات سياسية واجتماعية واقتصادية فرضت إلغاء العمل بذلك الدستور والسعي نحو إصدار دستور جديد يتبنى النظام حكما نيابية ديمقراطية كاملا، فقد اندلعت الحرب العربية الإسرائيلية وما استتبعها من احتلال اجزاء من فلسطين في العام 1948 ولجوء عدد كبير من الفلسطينيين إلى الأردن.
 
أما التطور الآخر الذي أسهم في إصدار الدستور الأردني الحالي لعام 1952، فيتمثل في قرار الوحدة بين الضفتين. ففي إطار سعي الملك المؤسس عبدالله بن الحسين لمواجهة آثار حرب العام 1948 والحفاظ على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية.
 
فقد كان العديد من المؤتمرات ذات طبيعة شعبية كبيرة كمؤتمر نابلس ومؤتمر أريحا ومؤتمر عمان إذ طالبت هذه المؤتمرات بإنشاء دولة واحدة تضم الضفتين الشرقية والغربية، إلا أن هذه المؤتمرات أيضا كانت تطالب بأن تتم هذه الوحدة في إطار إصدار دستور جديد يكون ديمقراطيا نيابيا.
 
وبعد تحقق الوحدة بين الضفتين في العام 1950، بدأت النقاشات تكبر داخل مجلس النواب متطرقة إلى وعد الحكومة بإعداد دستور ديمقراطي ليحل مكان دستور 1946، إذ تم تشكيل لجنة لإعداد دستور جديد للبلاد الذي تم إقراره من قبل مجلس الأمة الأردني بشقيه الأعيان والنواب في أواخر العام 1951.وصادق عليه المغفور له الملك طلال بن عبدالله في 8 كانون الثاني 1952.
 
ويعد دستور عام 1952 من الدساتير التي نشأت عن طريق العقد، فقد أبرم بين الحاكم والشعب من خلال ممثليه المنتخبين في المجلس النيابي.
 
وأهم ما يمتاز به دستور العام 1952 عن بقية الدساتير انه يعد دستورا متطورا في مجال نظام الحكم إذ تحول نظام الحكم إلى نظام سياسي نيابي ملكي وراثي كامل يعتمد مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث بشكل مرن واستقلال السلطات عن بعضها بعضا في إطار من الرقابة المتبادلة بين هذه السلطات.
 
والتأكيد على الهوية القومية العربية للشعب الأردني، وقد تمثل ذلك في المادة الأولى من الدستور التي تنص على ان «المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ. ولا ينزل عن شيء منه، والشعب الأردني جزء من الأمة العربية «
 
كما يعد دستور العام 1952 بمثابة تحول في الحياة السياسية الأردنية فمن ناحية جاء هذا الدستور بعيد مطالبات قوى سياسية وشعبية بأن تكون الأمة مصدر السلطات وقد تمثل ذلك في المــادة (24) من الدستور التي تنص على أن الأمة مصدر السلطات،وتمارس سلطاتها على الوجه المبين في الدستور ترسيخاً لمبدأ سيادة الأمة، وتوسيع صلاحيات مجلس النواب وسلطاته باعتباره يمثل الشعب ويعبر عن همومهم وطموحاتهم، وأن تكون الحكومة مسؤولة مسؤولية مباشرة امام مجلس النواب بحيث يستطيع المجلس أن يمنح الثقة للحكومة لكي تباشر أعمالـها وأن يحجب الثقة عنها فتجبر على الاستقالة بموجب الدستور.
 
كما نظم الحقوق والحريات العامة للمواطنين استنادا إلى قاعدة أساسية قوامها المساواة، فاعتبر الأردنيين متساوين أمام القانون لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة او الدين.
 
بالإضافة إلى أنه قرر تشكيل ديوان المحاسبة لمراقبة إيراد الدولة ونفقاتها وطرق صرفها، على أن يقدم ديوان المحاسبة على مجلس النواب تقريراً عاماً يتضمن آراءه وملحوظاته وبيان المخالفات المرتكبة والمسؤولية المترتبة عليها، وذلك في بدء كل دورة عادية أو كلما طلب مجلس النواب منه ذلك.
 
لذا جاء دستور العام 1952 أكثر شمولية من سابقه من الدساتير إذا غطى معظم مواطن الخلل والضعف التي احتوتها الدساتير التي سبقته، وعالج جميع القضايا المتعلقة بالجوانب السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، وجاء عند إصداره في تسعة فصول رئيسية هي: الدولة ونظام الحكم فيها، وحقوق الأردنيين وواجباتهم، وسلطات الدولة المتمثلة في السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، والشؤون المالية ومواد عامة ونفاذ القوانين وإلغاؤها.