Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Apr-2018

الجيل الذي بنى.. - أ.د.عبدالكريم القضاة

الراي -  متابعة القنوات الاخبارية والصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية والمؤلفات الصادرة والتواصل المباشر تكاد تعطي جميعها فكرة واضحة عن مايدور في كل جزء من الوطن العربي لابل يكاد الحديث ان يكون واحدا في معظم الامور السياسية والاقتصادية والدينية والتعليمية والبحث العلمي والصحية والفساد واخواته وغيرذلك من الامور.

على المستوى الشخصي، كنت امينا عاما ورئيسا لاتحاد اطباء الاطفال العرب لفترة قاربت 8 سنوات وممتحنا في المجلس العربي للاختصاصات الطبية لمدة زادت عن العقدين من الزمان زرت خلالها معظم الدول العربية مرارا وكونت من خلالها صداقات كبرت مع الزمن، وفهما بمنتهى الوضوح اننا في العالم العربي اوجه عديدة لعملة واحدة في معظم نواحي الحياة، مع فروق بسيطة اكثرها شكلية.
استقلت دول اسيوية عديدة مع معظم الدول العربية عن المستعمر في عالمنا الثالث الذي ننتمي اليه في نفس الوقت من القرن الماضي تقريبا.لا مجال للمقارنة بين ما حققته تلك الدول من تقدم بعالمنا العربي.
مثال على ذلك كوريا الجنوبية وسنغافورة والهند وماليزيا وحتى تركيا.اذا ماتمت المقارنة بين أي دولة عربية وهذه الدول تجدنا لا ننافس هذه الدول لااقتصاديا ولا سياسيا ولا علميا والحقيقة في معظم نواحي الحياة.
هناك اسباب لاحصر لها لتذيل معظم الدول العربية قائمة التحضر والتنمية ولامجال لمناقشتها في هذا
المقال ،ولكن ما يلفت الانتباه سببا يبدو غريبا وقليلا ما يجري الحديث عنه ولكنه محوري في اثره على تطور عالمنا العربي. الجيل الذي بدأ بناء الدولة في معظم الدول العربية كان جيلا متحمسا متسلحا في حب الوطن والامة عانى الامرين من الاستعمار والجهل والتجهيل والتفرقة حتى حوالي الثلث الثاني من القرن الماضي تقريبا وراح يشق الصخر باحثا عن ثروات وطنه ويبني مسيرة واعدة ويؤسس الاحزاب ويطور كل نواحي الحياة حيث استمرت هذه الصحوة و العزيمة الى حوالي بداية تسعينيات القرن الماضي. ان الجيل الذي بنى باخلاص قواعد الدولة في معظم الدول العربية بعد استقلالها هو نفسه الذي يسعى لهدم سقوفها وقواعدها. فالذي بنى الجامعات والمدارس والصناعات والاحزاب والزراعة وغيرها من قواعد بنيان الدولة هو الذي يسعى لهدمها وهذه ظواهر واضحة للعيان تكاد تراها في معظم الدول العربيه. بدأت اطلالة النكسات الواحدة تلو الاخرى على عالمنا العربي منذ نهاية القرن الماضي تقريبا وتجلت في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين وحتى يومنا هذا. لماذا هدم الجيل (الباني) او سيهدم مابناه؟.
لقد حقق أعضاء الجيل (الباني) انجازات هائلة في العالم العربي وبرزت اسماؤهم واصبح يشار اليهم بالبنان وحصلوا على كل انواع المناصب والالقاب ، وتشكلت لديهم مصالح وهذا يعني بالضرورة تشكل مجموعات تحكم ومصالح واتخذت وسائل خارجية وداخلية جهوية وعرقية وطائفية وتاريخية وحزبية واقتصادية وغيرها من الواجهات كنقاط ارتكاز.
ان اخطر ما صنعه اعضاء الجيل (الباني) ليحافظوا على مكتسباتهم الشخصية هو تجاهل مبدأ حسن
الكفاءة والأداء، فأختاروا اشخاصا لتولي المناصب القيادية بعدهم أو معهم يتصفون بالولاء لمصالح هذا
الجيل(الباني) ولوعلى حساب الكفاءة وحسن الاداء وحتى الانتماء،فأكل أعضاء الجيل (الباني) انجازاتهم وهدموا أو سيهدمون أوطانهم وهذا لايحتاج للذكاء لمشاهدته بوضوح في معظم الدول العربية وفي كل مناحي الحياة وكل ما لا اتمناه اننا امام فرصة ضئيلة لاصلاح هذا الخلل الصارخ لاننا لا نفعل الكثير لمنعه والوقاية منه.