Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Aug-2019

ذاكرة السمكة* جهاد المنسي

 الغد-تراهن حكوماتنا المتعاقبة دوما، ومنها الحكومة الحالية على ان ذاكرة الأردنيين مثقوبة، واننا بسرعة ننسى تصريحاتها (الحكومة)، بمعنى يعتقدون ان ذاكرتنا كذاكرة سمكة ننسى سريعا، وقد لا نتذكر احيانا، ولذا لا نستغرب احيانا إن سمعنا تصريحات متناقضة من مسؤولين حكوميين حول موضوع معين، وبعد فترة ليست بعيدة نسمع تصريحا متناقضا من المسؤول نفسه، فهم يراهنون على قصر ذاكرتنا.

دعونا نثبت ان ذاكرتنا ليست مخرومة، ونستذكر سويا ماذا قالت الحكومات ومنها الحكومة الحالية، ونرى واقع الحال اليوم، وبمراجعة ماضٍ ليس بعيدا سنجد أن حكوماتنا وعدتنا كشعب بانتعاش اقتصادي سنبدأ ملامسته مع أزوف العام 2020 واليوم ونحن على مشارف عام عشرين عشرين، ماذا نجد؟ نرى انكماشا اقتصاديا!، بطالة مرتفعة!، فقرا متزايدا، صناعة متراجعة ! تجارة كاسدة! وفوق كل ذاك قوة شرائية متناقصة، وطبقة وسطى مضمحلة، وجرائم مرتفعة!.
والحكومة لو أرادت اكتشاف كل ما ذكر، ما عليها سوى المرور بشوارع عمان المهمة مثل جبل الحسين والوكالات والمدينة المنورة وغيرها، والتي تكثر فيها المحال التجارية لتلمس حجم المحال المعروضة للبيع والإغلاق، كما عليها الاستماع لشهبندر التجار او رئيس غرفة الصناعة لتقف على حجم مشكلاتنا الاقتصادية المتفاقمة، كما عليها أن تعاين واقعنا الزراعي لترى زراعة متراجعة، وتصديرا مخنوقا.
المؤلم أن حكوماتنا طالما وعدت بخلاف ذلك، وطلبت منا شد الأحزمة والصبر والتحمل حتى نخرج من عنق الزجاجة، والمشكلة أننا لا من الزجاجة خرجنا، وتراكمت الديون أضعاف ما كانت عليه، والمستغرب ان الحكومات رغم ذاك تواصل وعودها، والحديث عن خروج قادم من عنق الزجاجة وتواصل المطالبة بشد الأحزمة، وتتعامل مع الأمر وكأنها تتحدث به للمرة الأولى!.
قصتنا لا تقف عند حد الاقتصاد فقط، رغم أن الموضوع الاقتصادي هو الأثقل، وحجم الوعود الحكومية فيه كبيرة ومن الامثلة عليه ايضا اننا لو عرجنا على الاستثمار سنجد الامور ذاتها بيروقراطية متواصلة، وتعطيلا وعوائق نسمعها من مستثمرين، ونحن غير مصدقين ان هذا يحدث في الأردن.
أما في موضوع بناء الدولة، فنحن لم نذهب حتى اليوم للدولة المدنية العصرية، والأنكى أننا لم نبق في المكان الذي كنّا فيه سابقا، إذ ما علينا الا مطالعة المتصفح الأزرق أو أحد مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة حجم التحشيد المناطقي الذي بات ملموسا اليوم، فمن يقول إن العشائرية والمناطقية والجهوية تراجعت لصالح الدولة الحديثة، دولة المؤسسات والقانون، فإنه لا يريد رؤية الشمس في رابعة النهار، فالجهوية والمناطقية في ارتفاع، ألم تلحظون يا سادة ان المنطقة التي يتقاعد منها شخصية ما او يحال على التقاعد منها مدير عام او تستثنى من تشكيل معين باتت تعبر عن رفضها لذاك من خلال احتجاجات، وأحيانا غلق طرقات وحرق اطارات، فأين الوعود الحكومية حول الدولة الحديثة.
القصة لا تقف عند ذاك، وإنما تتعداه احيانا لأكثر من ذلك فتصبح شخصيات محالة على التقاعد او الاستيداع معارضة حينا وناشطة عبر التواصل الاجتماعي حينا آخر، رغم أن اولئك جلسوا في كرسي المسؤولية وأمروا ونهوا ووافقوا ورفضوا، وإن أردنا أن نقرأ سبب ذاك فإننا سنجد أن الحكومات لم تستطع حتى اليوم غرس الانتماء عند بعضهم، للوطن اولا قبل اي انتماء فرعي، والمسؤولية اولا وأخيرا تقع على الحكومة التي تشاهد بأم العين تفشي المناطقية والجهوية على حساب دولة المؤسسات والقانون دون ان تحرك ساكنا، وفي هذا المقام فإننا لا نريد تصريحات ان سلطة الدولة على الجميع وخلافه من تصريحات سمعناها كثيرا قبل ذلك، ولكننا نريد تطبيقا فعليا على ارض الواقع لهذا الكلام.
وفِي الموضوع الاجتماعي، فقد ثقبت آذاننا ونحن نسمع أن الأردن ممر للمخدرات وليس مستقرا، ولكن بربكم أفيدوني اذا كنا نسمع يوميا عن حالات دهم ومطاردة لتجار مخدرات وخلافه، أيعقل أننا أمام مثل هكذا واقع ما نزال دولة ممر، فالحديث عن المخدرات بات حديث المدن والقرى والمخيمات والبوادي، وهذا موضوع اجتماعي إن ترك بلا علاج سينعكس سلبا على المجتمع بشكل عام جرائم وقتل وسرقة وامراضا نفسية وعصبية وخلافه.
ترى ألم يحن الوقت لكي نفتح للمواطن باب المكاشفة والوضوح والصدق، ونقول له ما علينا وما لنا، ونضع امامه حلولا للخروج من أزماتنا تلك، ألم يحن الوقت لكي نعرف ان بناء الدولة لا يمكن ان يستقر دون وضع حد لكل الهويات الفرعية التي تحارب وتقاوم أي بناء مستقبلي.