Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Dec-2018

المحكمة الدستورية تكرس الحق في التقاضي - د. ليث كمال نصراوين

 الراي - أصدرت المحكمة الدستورية الأردنية قبل أيام حكما قضائيا يقضي بعدم دستورية الجزء الأخير من المادة (72(من قانون ضريبة الدخل الأردني لعام 2014 والتي تنص على اعتبار القرار الصادر بتصحيح الأخطاء الكتابية والحسابية في القرارات والإشعارات الضريبية غير خاضع للطعن. فقد استندت المحكمة الدستورية في قرارها الصادر عنها إلى أن الحكم القانوني السابق يخالف مبدأ المساواة بين الأردنيين الذي قررته المادة (6 (من الدستور، كما أنه يحرم المكلفين من حق اللجوء إلى القضاء بشكل يخالف أحكام المادة (1/101 (من الدستور التي تعتبر المحاكم الأردنية مفتوحة للجميع.

لقد عللت المحكمة الدستورية قرارها الصادر عنها بأن اعتبرت أن للدستور سمو موضوعي على جميع التشريعات الصادرة بمقتضاه، والتي يفترض بها أن تسير على هديه ورشده. فالدستور كما وصفته المحكمة الدستورية «هو الضامن الكفؤ لعدالة جميع التشريعات النافذة، والرقيب المكين على عدم مخالفتها لأحكام الدستور هو الدستور نفسه، وأنه يتعين على المشرع أثناء تصديه لإنجاز القوانين والأنظمة أن يتفيأ بظلال رقابة أحكام الدستور».
أما اللافت في الأمر فيما يتعلق بالحكم القانوني الذي أعلنت المحكمة الدستورية عدم دستوريته، أن قوانين ضريبة الدخل الأردنية السابقة التي تعاقبت على الدولة الأردنية قبل عام 1985 كانت تكرس الحق في الطعن بالقرارات الصادرة بتصحيح الأخطاء الكتابية والحسابية في قرارات واشعارات ضريبة الدخل. ففي قانون ضريبة الدخل الأردني رقم (34 (لسنة 1982 كانت المادة (33 (منه تشترط صراحة أن يكون قرار تصحيح الأخطاء الحسابية قابلا للاستئناف، وهو الحكم ذاته الذي كرسته المادة (54 (من قانون ضريبة الدخل الأردني رقم (25 (لسنة 1964 .وكذلك الحال، فقد أعطت كل من المادة (50 (من قانون ضريبة الدخل الأردني رقم (12 (لسنة 1954 والمادة (48 (من قانون ضريبة الدخل رقم (50 (لسنة 1951 وزير المالية أو من ينيبه الحق في أن يصدر الأوامر لتصويب الإجراءات الحسابية في الإشعارات الضريبية، مع تقرير الحق للمكلف بأن يطعن استئنافا بقرار التصحيح.
إن السياسة التشريعية السليمة تقضي بضرورة المحافظة على المبادئ والأسس التي قامت عليها علاقة الفرد بدولته ومؤسساتها الحكومية ومرافقها العامة منذ القدم، بحيث لا يكون الخروج عنها مبررا إلا لمواجهة التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المجتمع، ولما فيه خير للأشخاص المخاطبين بالقاعدة القانونية.
وهو ما لم يلتزم به المشرع الأردني في الجزء الأخير من المادة (72 (من القانون الذي تقرر عدم دستوريته، حيث خرج المشرع عن الأصل العام الثابت في مجال تقرير الحق بالطعن بقرارات دائرة ضريبة الدخل بتصحيح الأخطاء الكتابية والحسابية في الإشعارات لصالح اعتبار مثل هذه القرارات نهائية. وهذا ما شكل حرمانا للمكلفين في الأردن ولفترة طويلة من اللجوء إلى القضاء واشباع غريزة العدالة التي كرسها كل من الدستور الأردني والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
إن المحكمة الدستورية الأردنية وبتصديها لحالة جنوح المشرع عن الصواب التشريعي لتثبت علو شأنها، وقدرتها على أن تكون الحصن المنيع في مواجهة أي اعتداء على حقوق الأردنيين وحرياتهم الدستورية.
* أستاذ القانون الدستوري المشارك في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com