Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Jan-2019

العودة إلی القاهرة والتهدید علی إیران - البروفیسور ابراھام بن تسفي
اسرائیل ھیوم
 
الغد- مرت نحو عشر سنوات منذ 4 حزیران 2009 .في ھذا الیوم في خطاب مبدئي القاه في جامعة القاھرة دعا الرئیس حدیث العھد براك اوباما إلى فتح صفحة جدیدة ومتصالحة في علاقات الولایات المتحدة مع الاسلام. فقد اعتذر في حینھ على الدور الذي أدتھ ادارة الرئیس أیزنھاور في الانقلاب العسكري الذي أدى في العام 1953 إلى تنحیة رئیس الوزراء الإیراني، محمد ُمصدق.
من الصعب التصدیق ولكن أوباما اختار أن یسحب من غیاھب النسیان بالذات ذات الحدث الوحید الذي تعاونت فیھ الولایات المتحدة من خلف الكوالیس مع بریطانیا من أجل تغییر الحكم في طھران فتمنع بذلك فرارھا المحتمل من مجال النفوذ الغربي. وذلك رغم السعي الذي لا یكل ولا یمل لنظام آیات الله الإیراني نحو القنبلة، وفي ضوء النشاط الإرھابي والتآمري الاقلیمي المتفرع الذي یبادر إلیھ ویشجعھ.
الیوم، بعد أن تبددت آمال أوباما في رفع إیران إلى مسار السلوك المعتدل وتحطمت على أرض من السلوك المتمرد والعنیف – عادت إدارة الرئیس ترامب إلى جامعة القاھرة. وكانت على لسانھا رسالة جدیدة، تختلف تماما عن رسالة سابقتھا. وبالفعل، فإن ”خطاب القاھرة“ الذي القاه وزیر الخارجیة مایك بومبیو في 10 كانون الثاني، كان بعیدا سنوات ضوء عن الاعترافات العلنیة لأوباما بخطایا الولایات المتحدة في الماضي السحیق وعكس بإخلاص التحول الذي طرأ على التفكیر الأمیركي في السنوات التي انقضت منذ دخول ترامب إلى الغرفة البیضویة. فرسالة بومبیو لم تكن فقط قاطعة ولا ھوادة فیھا بل كانت تنطوي ایضا على بشرى مشجعة للمعسكر السني المعتدل في كل المجال مثلما للحلیفة الإسرائیلیة.
یدور الحدیث عن إعادة تأكید مدویة للالتزام الأمیركي بعدم ترك الساحة الشرق أوسطیة أبدا، كجزء من النھج الانعزالي الجدید الشامل لإدارة ترامب. ومع أن مفعول ”عقیدة أیزنھاور“ نفت ظاھرا، وھو الذي كان منح شرعیة لارسال القوات البریة الأمیركیة إلى ھذه المنطقة عكست أقوال وزیر الخارجیة في القاھرة استراتیجیة قوة تستند إلى الردع والانفاذ (في الحالة المتطرفة ایضا إلى استخدام الخیار العسكري) للممثلة الأكثر خطورة لمحور الشر، الا وھي إیران (فما بالك تجاه كل اقمارھا).
كل رجال الرئیس، بمن فیھم بومبیو، یشیرون إلى أن سلوكھم تجاه التھدیدات المباشرة على أمن
الولایات المتحدة كفیل بان یكون قاسیا وكفاحیا وأنھ في صندوق الادوات الأمیركي سیكون ایضا الاستخدام – ولیس فقط التھدید للقوة القاسیة عند الحاجة. وبخلاف سوریة، لا تعد إیران نفسھا في نظر البیت الابیض بلدة محیط بل بؤرة مركزیة عظیمة الاھمیة. وعلیھ یشھد توجھ مستشار الامن القومي جون بولتون إلى البنتاغون لاعداد خیارات عسكریة لعملیة ممكنة ضدھا. إلى جانب ذلك تنبغي الاشارة إلى العقوبات الاقتصادیة القاسیة التي فرضتھا الإدارة على إیران منذ انسحاب ترامب من ”اتفاق فیینا“.
من ھذه الناحیة نقل بومبیو في القاھرة رسالة لا لبس فیھا: الانسحاب من سوریة (الذي بدأ للتو) لیس مثابة ضوء أخضر لطھران لمواصلة العمل دون عراقیل في أرجاء المنطقة. العكس ھو الصحیح. المقصود ھو حشد المقدرات- لأمیركا وشركائھا الاقلیمیین على حد سواء – بتشدید الضغط على النظام في طھران، وھكذا المس بقدرتھا على تحقیق رؤیاھا النوویة ومواصلة كونھا دفیئة للارھاب.
ان التشدید الذي وضعھ وزیر الخارجیة في خطابھ على استعداد ترامب اقامة اطر جدیدةُ للتعاون الاستراتیجي مع المحور السني المعتدل، وھكذا مساعدتھ لمواجھة التحدي الإیراني، یشیر إلى ان أمامنا عقیدة جدیدة تتمثل بصد مركز وموضعي. لا یدور الحدیث عن مبدأ التضامن المتبادل في سیاق واسع بل عن تطلع للاستعداد بتصمیم لمواجھة تھدید محدد ومعرف جیدا، وفي ظل الاستناد إلى قوات بریة محلیة وإلى غلاف أمیركي داعم ومساند، وعند الطوارئ نقاتل ایضا.
في المستقبل القریب سیتبین إذا كانت ھذه الصیغة متعددة الأطراف التي یمكن أن نرى فیھا صیغة مصغرة لحلف الناتو، ستتحقق وتصبح حاضرا جدیدا. وذلك اذا كانت الدول التي یفترض بھا أن تشارك في ھذه الشراكة الجدیدة ستجتمع وتبلور صیغة متفقا علیھا للعمل برعایة المھیمن الأمیركي.