Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Mar-2017

ليبيا.. ساحة «منافسة» دولية.. جديدة؟! - محمد خروب
 
الراي - أن يتزامن اطلاق «تسريبات» أميركية عن نشر قوات خاصة «روسِيّة» في قاعدة جوية بغرب مصر قرب الحدود الليبية مع وصول الجنرال خليفة حفتر المفاجئ إلى موسكو في زيارة هي الثانية هذا العام، ليس صدفة وبخاصة في وقت بدأت فيه إدارة ترامب بِاتخاذ خطوات عملية لمزيد من الانخراط «العسكري» في أزمات المنطقة, والتي تتجلى في زيادة عدة وعديد القوات الأميركية (والبولندية التي تأتمر بأمرها) في الشمال السوري، وتحويل مطار رميلان «الزراعي» إلى مطار عسكري، في اشارة واضحة على أن البيت الأبيض، يريد أن يتّخذ من معركة الرقة المتوقعة, ورقة مساومة أو منصة لإعادة خلط الأوراق وتكريس معادلة تحالفات واصطفافات جديدة يصعب التكهن بها الآن, وبخاصة إزاء «طوق الحماية» الذي فرضته على تخوم منبج وفي تماس مع قوات الجيش العربي السوري وبعض الوحدات الروسية، والتي يمكن ان تشكل خط مواجهة اذا ما حاولت القوات الاميركية منع الجيش السوري من الوصول الى الرقة, او إن «أوحَت» بان معقل داعش «الأخير», سيكون من حصة الجيب الكردي الذي يُشكّل هو الآخر رأس حربة في المسعى الأميركي، إن لجهة خلط الأوراق أو اعادة ترتيب التحالفات وربما «المساومة» مع أنقرة في شأن بعض الملفات, بعد أن بدا وكأن واشنطن تريد وضع حد لتمدّد عملية «درع الفرات» وإفهام اردوغان ان «التمرّد» على واشنطن وخصوصا بتوثيق العلاقات مع موسكو.. غير مقبول, ما دام جزءاً من حلف الأطلسي، الذي لم يعد ترامب يرى فيه «شيئاً من الماضي»، على ما كان قال, بل هو يستعد لحضور قمته الجديدة في أيار القريب.
 
ما علينا..
 
رغم النفي الروسي الحازم ونفي المتحدث باسم القوات المسلحة المصرِية، وجود أي جندي أجنبي على الأراضي المصرية، معتبراً إياها مسألة سيادة، فإن رفض الجيش الأميركي التعليق على التسريبات هذه ,قد منح الشائعة الأميركية المقصودة, فرصة الانتشار والبقاء في دائرة الأخبار العاجلة, التي تفتح الطريق على تحليلات وتوظيف من قبل المنخرطين في الازمة الليبية، التي دخلت طوراً جديداً بعد نجاح سرايا الدفاع عن بنغازي في السيطرة على ميناءي السدرة وراس لانوف، هذا الهجوم المُدبّر والمخطط له جيداً والمدعوم من قِبل أجهزة استخبارية أوروبية, هالها إن أن تقوم مؤسسة النفط الليبية,في شباط المنصرم, بتوقيع عقد مع شركة «روسنفت» النفطية العملاقة, والمملوكة للدولة الروسية.
 
صراع تفوح منه رائحة النفط، والذي كان أصلاً سبب الغزو البريطاني الفرنسي والأميركي (كقيادة من الخلف.. كما زُعِمَ) لإسقاط القذافي والذي اتخذ كعادة المُستعمِرين الامبرياليين, طابعاً إنسانياً عبر اختلاق اكذوبة حماية اهالي بنغازي من «مجزرة» كان يُعدّها القذافي.. لهم، كما شارك معظم العرب في تبرير الغزو واضفاء «الشرعية» عليه, عبر جامعة عمرو موسى بتعجيل صدور قراري مجلس الأمن 1970، و1973، وإن كانا «لا»يمنحان شرعية لغزو عسكري, بل نصّا على اقامة منطقة حظر جوي، إلاّ أن الغرب الطامع بنفط ليبيا، ادار ظهره بازدراء للقانون الدولي وقام بتدمير ليبيا واشاعة الفوضى غير الخلاّقة فيها, على النحو الذي تعيشه منذ ست سنوات.
 
تأخذ الأزمة الليبية مساراً جديداً، بعد ان «عاد» الهلال النفطي ليُشكّل بؤرة الصراع, ولم تعد مسألة سيطرة سرايا الدفاع عن بنغازي مجرد معارك كرّ وفرّ بين الميليشيات والجيوش الليبية المتحاربة, ذات المرجعيات الدولية والاقليمية المتعددة, وايضا في بعدها الايديولوجي الذي تتغذى منه تحديداً الميليشيات المُسيطرَة على العاصمة طرابلس، والتي تحظى بدعم تركيا ودولة عربية تغدق عليها الأموال, وتقودها حكومة خليفة الغويل ذات الامتداد الإخواني، فضلاً عن غموض مرجعية سرايا الدفاع وقائدها مصطفى الشركسي، الذي بدأت تتكشف صلاته بإيطاليا والتي يُقال انها تدعمه بالسلاح وتوفِّر لجرحى السرايا العلاج في مشفاها الميداني بمدينة مصراته الليبية.
 
أزمة عميقة.. مرشحة لمزيد من التعقيد والتدخلات الاجنبية قد تأخذ شكلاً من أشكال ومسارات الأزمة السورية, وان كانت ليبيا ليست في مكانة الجغرافيا السياسية لسوريا وحجم التدخلات فيها لن تكون بما «كانت» عليه في سوريا، حيث لا مبالغة في القول إن المنتصر في سوريا سيكون بمقدوره رسم خريطة «النظام الإقليمي»، فيما تتواضع مثل هذه «الجائزة» في المسألة الليبية، كون الجماهيرية السابقة لا تتوفر على كثير مما تتوفر عليه سوريا في اكثر من مجال, إلاّ في مسالة واحدة...ربما, وهي الحاجة الى اقامة قواعد عسكرية استراتيجية فيها ,على النحو الذي كانت عليه قبل ثورة الفاتح عام ,1969 بوجود قواعد اميركية وبريطانية, وهو ما تطمع اليه واشنطن وباريس ولندن وستكون الذريعة... «محاربة الإرهاب».
 
ماذا ستفعل أميركا؟
 
يصعب تجاهل دلالات التسريب الأميركي عن وجود قوات خاصة روسية في غرب مصر, عن توجّه واشنطن المتوقع,والذي تعزّزه تصريحات قائد «الافريكوم» اي مسؤول عمليات الجيش الاميركي في افريقيا الجنرال والدهاوز, أمام الكونغرس قبل ايام عندما قال: ان بلاده تواجه تحدياً كبيراً في ليبيا, يتمثل في ضرورة (الإختيار). متسائِلاً: مع مَنْ نعمل وندعم في ليبيا من أجل مكافحة داعش؟، دون التسبب في اختلال «التوازن» بين الفصائل المتعددة, للحيلولة دون توسيع الصراع في هذه البلاد؟.
 
بمعنى آخر، لتبقَ الفصائل والميليشيات، أما اتفاق الصخيرات والعمل على تقريب المسافات بين الأفرقاء الليبيين، فهذا آخر شيء يفكر فيه «العاملون» على تقسيم المنطقة العربية وإدامة الفوضى فيها.
 
kharroub@jpf.com.jo