Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Jul-2020

الصراع في ليبيا بمفردات الحرب الباردة*باسل ترجمان

 الدستور

بعيداً عن تفاصيل تطور سير المعارك بين قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من تركيا والمرتزقة السوريين من جهة والجيش الوطني الليبي وخاصة في حدود المنطقة الاستراتيجية الاهم في ليبيا خليج سرت الغني بالنفط وبوابة تصديره باتجاه العالم وفي خضم المتغيرات العسكرية التي شهدها الصراع المسلح بعد دخول تركيا رسميا كطرف في الحرب، خرجت في المشهد بعض المواقف والتصريحات الصادرة من قيادة القوات العسكرية الأمريكية في أفريقيا « أفريكوم « تستعيد فيها عبارات ومواقف غابت عن المشهد السياسي منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وتفكك حلف وراسو ونهاية ما سمي بالحرب الباردة.
 
منذ ما يقارب السنتين عادت قيادة البنتاغون والمتحدث باسم القوات الامريكية في افريقيا «الافريكوم» لاستعمال مصطلحات اعتقد الجميع أنها قد دخلت طي النسيان وتستعمل عبارات التمدد الروسي في المياه الدافئة ووضع مخلب الدب الروسي في ليبيا وصولاً للحديث عن ارسال ليبيا اربعة عشر طائرة عسكرية متطورة في رحلة سينمائية من روسيا إلى ايران وصولا الى سوريا ومنها الى شرق ليبيا، ثم الحديث عن قيام روسيا بوضع قواعد صواريخ طويلة المدى في مناطق بصحراء شرق ليبيا وفي تكرار ممجوج لحكاية تفننت الادارات الامريكية في صناعتها زمن الحرب الباردة ثم في تقديم مبررات لغزو العراق سنة 2003. 
 
وبعد اربع سنوات على التوقف عن شن حروب جديدة وهي السياسة التي اتبعتها الادارات الامريكية المتعاقبة منذ ايام حكم الرئيس الاسبق جورج بوش الابن واستمرت طوال فترة حكم الرئيس أوباما، بات واضحاُ ان رغبة العودة للحروب صار يدق بقوة أبواب وزارة الدفاع الامريكية التي تبحث عن مبررات لخلق ازمات جديدة، ولو ادى لاختراع عدو وهمي تحت مسمى تمدد مخلب الدب الروسي في المياه الدافئة ووصوله الى ليبيا، وهذا الخطاب الذي يسعى البنتاغون لتمريره يستدعي بالضرورة ان تستعيد واشنطن علاقاتها مع حلفائها السابقين الذين اندفعوا لقتال السوفييت في افغانستان وما انبثق منهم من جماعة تعمقت في التطرف مثل تنظيم القاعدة وما خرج منها من جماعات ارهابية واجرامية.
 
هذه السياسة التي يحاول البنتاغون تمريرها عبر تكرار نفس سيناريوهات سينما هوليود التي نجحت في خداع الكثير من الدول فيها تصطدم أساساً بمصداقية واشنطن المهتزة امام العالم بعد فضائح كذبها في قضية غزو العراق، وهذا ما يجعل من قدرتها على اقناع الآخر شبه مستحيل خاصة وان هذه الاساليب التي اعتمدت سابقاً لم تعد قادرة على اعادة ترويجها مجددا في المنطقة، لكن الاشكال الوحيد الذي يمكن أن يفتح الباب واسعاً هو استعداد الاطراف التي كانت تقف مع واشنطن ضد موسكو زمن الحرب الباردة لركوب الموجة وصناعة ازمة جديدة في ليبيا في ظل الصراع الحاصل بين حكومة الوفاق وحلفائها من المليشيات والمرتزقة وبين قوات الجيش الوطني الليبي الذي توجه له الاتهامات من قيادة القوات الامريكية في افريقيا «الافريكوم» بانه حول مناطق شرق ليبيا لقواعد ارتكاز لروسيا في المتوسط بعد قاعدة حميم في سوريا الروسية في سوريا والتي تعتبر اول قاعدة عسكرية لها في مياه المتوسط الدافئة. 
 
السياسة المغامرة التي يراد جر المنطقة لها ستحول ليبيا إلى افغانستان جديدة في قلب البحر الابيض المتوسط وتهدد الاستقرار في ثلاث قارات بينما لن تخسر امريكا مع فشلها سوى انسحاب قواتها وترك المنطقة تعاني لعشرات السنين نتائج اعادة توطين الارهاب في المنطقة.