Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    31-Mar-2018

شارع السعادة - م. فواز الحموري

الراي -  بداية لا بد من التوضيح أن شارع السعادة الكائن في الزرقاء ليس هو المقصود في هذا المقال وان كانت بعض التحولات والتغييرات قد حدثت في شارع السعادة تماما كما يحدث في الشوارع الأخرى.

قد لا نملك لحظات للتأمل عما يحدث من شارع لشارع ومن رصيف لرصيف ومن بناية لأخرى، ولكن ثمة قاسم مشترك في الشارع؛ أن لا سعادة غامرة تظهر على الوجوه والنفوس وتنعكس بشكل ايجابي للوقوف والسماح للمشاه بالمرور أو لسيارة بالتجاوز أو لقراءة لافتة مدون عليها معلومات مفيدة عن معرض كتاب أو نشاط رياضي أو عروض خاصة وأي عبارات أخرى تدخل السعادة إلى الوجوه العابسة من ضغط الحياة.
بلغ سكان عمان حوالي (4 (مليون نسمه وفقا لأمانة عمان الكبرى ولكن وللأسف وعلى الرغم من تسميات الشوارع إلا أن العديد من الشوارع غابت عنها الروح العمانية للانتساب إلى شارع وجبل محدد تماما وأجيال متعاقبة وذكريات تذوب وتتبخر مع رحيل حراس الذاكرة ممن ارتبط اسمهم بكل شبر من الشارع والحي والبلدة. وكم اشتاق للقب الانتساب إلى عمان فانا (عمّاني ) ومن صميم اللويبدة على وجه الخصوص إلى جانب أجيال عديدة عاشت على مدى السنوات الماضية ولأكثر من عقود وذكريات جميلة ورائعة.
مع بداية الصباح وعلى امتداد الشارع نفتقد جو السعادة ليغلف بداية النهار ويخفف من التوتر والضغط والإرهاق اليومي أثناء الذهاب إلى العمل والاتجاهات الأخرى والنظر إلى الدنيا بأمل ورجاء.
اليوم العالمي للسعادة ومؤشر السعادة عناوين مناسبة للإشارة إلى سبب غياب السعادة من بيننا؛ نمتلك أفخم واحدث السيارات ونسكن الفلل والعمارات والشقق والكثير من الأملاك المنقولة وغير المنقولة ولكن نفتقد طعم السعادة الحقيقية عبر كل حركة وخلجة من حياتنا اليومية، لم نعد نرى الفضاء الرحب من كثرة مشاهد الاسمنت وقوافل السيارات والحافلات والمجمعات التجارية والمباني الزجاجية وحتى المستشفيات الخاصة المنتشرة في الأنحاء، فما السبب؟
نسعد لرؤية الربيع والمناظر الخلابة خارج حدود المدن المزدحمة، وكم يفرح ويثلج الصدر منظر طبيعي من قرية «الاشرفية» في الشمال وكذلك الأمر لصور الربيع في عجلون والكرك وحسبان والسلط والطفيلة ووادي السير ومأدبا وقطيع الماشية تداعب الشعب الأخضر وترعى بسعادة وهدوء بعيدا جدا عن ضوضاء المدن والتي أصبحت سجون بيضاء، تحبسنا في الليل لنتقل في الصباح إلى سجن أخر مزدحم بالسيارات وأزمة السير وتوتر الأعصاب، فما السبيل للتحرر من الأزمات والهواء الملوث بحزم النت والموبايلات وضجيج المكالمات وسوء التصرفات وعبارات التشاحن والتنافر والشر والحسد؟.
ومن باب إضافة معلومة جديدة في هذا المجال ولإشاعة مفهوم ارتباط الاسم بالمكان والزمان أورد المعلومات التالية حول سبب تسمية شارع السعادة في الزرقاء وكذلك شارع السعادة والرضا في عمان بذلك: وتبعا لموقع (زمانكم) فان سبب تسمية شارع السعادة في الزرقاء يعود إلى الفترة التي أنشأ القادمون من معان إلى الزرقاء مركزاً تجارياً أشبه بحي صغير حمل حينذاك اسم ”حي المعانية“، وكان مكوناً من عدد من الدكاكين الصغيرة، وبنوا بيوتهم الطينية بالقرب من السكة، وقسم منهم جاء بهدف الالتحاق بقوات حرس الحدود نواة الجيش منذ مطلع الثلاثينات، وبعضهم كانوا تجاراً بين الشام والزرقاء ومعان نفسها المدينة الأصلية، وعملوا في تجارة الخردوات مثل الخيوط والقهوة والهيل وأدوات القهوة والسجاد والصباغ (للصوف) وعيدان الخيزران يشتريها البدو ويتباهون وهم يستخدمونها في سَوْق الجمال، وفي سروج الأحصنة وهْدال الجمل (غطاء الجمل) والتمر المستورد من السعودية، وافتتح أحد أبناء معان من عائلة الخطيب خاناً للمسافرين وللبدو وحلالهم، وهو عبارة عن بناء من الزينكو. أما السوق ذاته فقد كان عبارة عن شارع ترابي تحيط به الدكاكين الطينية وقد تم رصفه فيما بعد من قبل عمال قدموا من الخليل أيام الانجليز.
إلى جانب المعانية تواجد التجار من المواقع الأخرى واعتبر السوق مركزا لاجتماع البدو القادمين من البادية لبيع منتجاتهم من السمن والجميد والزبدة والصوف والحلال ليقايضوا بها القهوة والهيل والصابون وأدوات الزينة والحناء والمسابح وعود الند والعطر.
بالتدريج تبدل اسم حي المعانية إلى شارع السعادة، ولهذا التبدل حكاية ممتدة على مدى سنوات: فقد قدم إلى السوق أحد أبناء فلسطين واسمه (سعادة عياش)، وكان يبيع المعاطف الصوفية، وطلب من أصحاب الدكاكين المعانية أن يسمحوا له بتعليق بضاعته (المعاطف) على واجهات دكاكينهم وذلك بأن يسمحوا له بتثبيت المسامير على أبواب المحلات يعلق بضاعته التي لا تنافس بضائعهم.
ولكن سعادة عايش أدخل إلى السوق نمط بيع جديد لبضائع شبيهة ببضائعهم، فقد صار يجلس ويضع إلى جانبه ثلاث سلال من ”القصّيب“ يبيع فيها سلعاً مثل قمر الدين والقهوة والهيل والقسماط ( أنواع من الحلوى من سوريا) ولكنه كان يبيع للناس بالدّين، بعكس باقي التجار المعانية الذين لم يكونوا يعتمدون هذه الطريقة من البيع، ولذلك صاروا كلما جاء إليهم زبونا يريد الشراء بالدّين أرشدوه إلى التاجر سعادة، ويوماً بعد يوم امتلأت واجهات دكاكين المعانية ببضاعة سعادة، وازدادت تجارته وصار يسترد من الناس أرضهم مقابل ما هو مستحق عليهم من ديون، وبالتدريج سيطر على السوق الذي تحول اسمه إلى شارع السعادة.
أما عن شارع الرضا ووفقا لمقال للأستاذ وليد سليمان في جريدة الرأي العدد( 79853( ونقلا عن كتاب ذاكرة المدينة للأستاذ محمد رفيع، فان سبب تسمية شارع الرضا يعود إلى أن شخصا اسمه العبد اسعد محروم افتتح مقهى في الشارع حيث تميز بكثرة الرواد والحركة الاجتماعية في الثلاثينيان وعندما أراد صاحب المقهى أن يسجل مقهاه في سجلات بلدية عمان لم يستطع كاتب البلدية الشركسي لفظ محروم جيدا فحولها إلى «محروم « وهكذا انتشر الاسم بالخطأ وتغير اسم العبد اسعد وصار يداعبه الزبائن باسمه الجديد فلا يجد إلا الابتسام والرضا باسمه الجديد والذي اقتنع به فيما بعد ورضي به ومن هنا جاءت تسمية الشارع بالرضا. أما عن سبب تسمية الشارع الملاصق لشارع الرضا فيرجع الاستاذ وليد سليمان السبب: إلى تجمع المحلات التجارية قديما في العشرينات والثلاثينات كان مميزا بعروض بيع الملابس الخاصة بالأفراح والأعراس والمناسبات السعيدة مما جعلها تجمعا مفرحا أطلق عليه قديما «سوق السعادة».
نتمنى أن تنتشر السعادة في شوارعنا ومنازلنا وجونا ومزاجنا الخاص والعام؛ لقد تعبنا وأرهقتنا تعاسة الشقاء والركض في متاهات الشوارع والأزقة والطرقات ولا بد للسعادة ولو بإطلاق اسم شارع على أوردة قلوبنا من الداخل والى حد الفرح والمرح والتحرر من الضيق إلى السعة واليسر والخلاص وراحة البال!.