الراي - حديث مهم هذا الذي أدلى به العين الدكتور طلال ابو غزالة لوكالة الانباء الاردنية (بترا) قبل أيام. محور حديث هذا العالم الاقتصادي الكبير انصبّ على «التهرب الضريبي» الذي يمارسه في وضح النهار رجال اعمال كبار بطرقٍ غير مشروعة متناسين «أن أداء المكلف للضريبة هو واجب وطني» كما يقول ابو غزالة.
أتساءل هنا: كم من مرة نادى جلالة الملك عبداالله الثاني بضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية في هذا البلد،
ومع ذلك لا نرى امتثالاً لهذا النداء الوطني على النحو المطلوب!. لماذا لا يكون هناك عدالة في توزيع
الضريبة وتطبيق ما ينادي به جلالته؟ لماذا تسارع الجهات المختصة الى تحصيل نسبة الضريبة من الموظف الصغير في حين لا تمارس القدر ذاته من الحرص على اصحاب الدخل الكبير؟ لماذا يحدث هذا في بلد ملكه ينادي دوماً بالعدالة والشفافية؟ إن تهرب بعض رجال الأعمال واصحاب الثروات الطائلة من أداء «الضريبة» هو خيانة وطنية وعقوق بحق وطن أكرمهم. لا يجوز ألا تطبّق الاجراءات القانونية بحق هؤلاء المتهربين من دفع الضريبة مهما كان مركزهم. القانون فوق كل الاعتبارات.
ابو غزالة قلْبُه على وطنه الاردن، وعليه ينبغي ان يقرأ المسؤولون في هذا البلد ما ذكره في حديثه المهم لوكالة الانباء الاردنية قراءة واعية تسترشد بآرائه وارشاداته المطبقة في معظم دول العالم.
ابو غزالة بما يتمتع به من حكمة وسعة أفق دعا الى وضع قانون خاص لفرض الضرائب على جميع المهن، ورفض المبررات التي تُساق من قبل الجهات الرسمية بانه لا يمكن ضبط ايرادات هذه المهن بحجة عدم وجود سجلات، تلك حجة واهية.
بيّن ابو غزالة ان صاحب البقالة البسيط او الصيدلية يُفرض عليهما وجود سجلات، بينما بعض المهن لا يفرض عليها ذلك! لماذا يحدث هذا في بلد يريده جلالة الملك ان يكون بلداً تسوده العدالة الاجتماعية؟
مسألة اخرى مهمة أشار اليها هذا العالم وهي تتعلق بضرورة وضع قانون خاص للضرائب على المجوهرات خصوصاً مع لجوء الكثيرين من رجال الاعمال والاثرياء الى شراء هذه المجوهرات تهرباً من دفع الضريبة. لا يجوز ان تستمر هذه «الفهلوة» التي يُمارسها المتهربون من دفع الضريبة، كما لا يجوز التغاضي الحكومي عنها بحجة عدم امكانية ذلك ولسهولة التهرب الضريبي في هذا المجال.
وهنا يشير ابو غزالة الى ان انتشار التكنولوجيا يدحض هذه الحجة فثمة اجهزة قادرة ان تكشف –كما يقول- «كل ما في جيبي وحقائبي».
وفي الدول الأخرى اسقطت الجهات المسؤولة فيها هذا العذر ووضعت ضرائب على المجوهرات بكافة انواعها.
في حديثه اشار ابو غزالة الى ان بعض الدول اعتمدت ما يُسمى بِ»ضريبة الثروة» فلا يجوز إعفاء كبار اصحاب الثروات الكبيرة من دفع الضرائب بحجة عدم وجود نشاط اقتصادي ظاهر لهم او سجلات حسابية منظمة. في هذه الحالة يمكن للجهات الرقابية وضع نظام ضريبي لتقدير الضريبة على مثل هؤلاء الاشخاص من خلال معاينة نمط الحياة الباذخ الذي يعيشونه.
وبعد ما ذكره العين طلال ابو غزالة يجب ان يتم تفعيله على المستوى الرسمي، فثمة مليارات يمكن ان ترفد خزينة الدولة لو بوشر بتحصيلها من المتهربين من دفع الضريبة. فليكن القانون فوق الجميع.
واالله من وراء القصد.