Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Jul-2017

أردوغان .. ومشكلة قطر ! - صالح القلاب
 
الراي - إذا غلَّبنا حسن النوايا على سوئها فإنه بالإمكان إعتبار إرسال قوات تركية إلى قطر، بعد إنفجار أزمتها المتصاعدة، على أنه موجهٌ ضد إيران التي بدورها سارعت لإنشاء قواعد عسكرية لها في قطر والتي وجدت في هذه الأزمة، التي من المفترض أنها بين دول شقيقة ولا يحق لأي كان حشر أنفه فيها، ما دفع أنقره، وهذا مجرد إحتمال، إلى التحرك على عجل وعلى الفور للقيام بتدخلها العسكري وإشعار طهران بأنها غير مطلقة اليد في هذه المنطقة (الخليج العربي) التي هي منطقة مصالح حيوية بالنسبة لتركيا وهذا بالإضافة إلى أن هناك رابطاً دينياً قوياًّ بين شعبها وشعب الخليج العربي.
 
لقد ساد إعتقاد في البدايات لم يُستبعد نهائياًّ حتى بعد جولة رجب طيب أردوغان، التي بدأت بالمملكة العربية السعودية وشملت بعض الدول الخليجية الأخرى، بأن تركيا قد غلبت الدوافع الحزبية على ما عداها، على إعتبار أنها وقطر تقفان في الدائرة «الإخوانية» نفسها، عندما إنحازت إلى الدوحة في هذا الصراع الذي تفجر لأسباب متعددة وكثيرة يأتي في طليعتها تحول العاصمة القطرية إلى مركز «عمليات» للعديد من التنظيمات الإرهابية وهذا بالإضافة إلى تقديم الدعم المالي المستمر والدعم اللوجستي لحركة «حماس» وللإخوان المسلمين ولـ «القاعدة» .. جبهة النصرة ولعشرات تنظيمات التطرف والعنف التي تعمل على الساحة السورية والليبية .. وأيضاً اليمنية .
 
كان المفترض ألاّ تنحاز هذه الدولة الإسلامية الكبرى، التي ربطتها علاقات بعضها حلو وبعضها أمرُّ من الحنظل والزقوم، إلى أي طرف في هذا الصراع الذي هو ومهما إتخذ من أشكال عدوانية صراع أخوة.. لقد كان المنتظر من رجب طيب أردوغان وبحكم علاقته مع الجميع ومع الأطراف كافة ألاّ يُرسل قوات إلى قطر بل وسطاء خير ويقنعها بحكم «دالته» عليها بأن تكف عن هذه الألاعيب الـ «أكروباتية» وأن تأخذ في إعتبارها دائماً وأبداً ذلك المثل القائل :«كما تدين تدان» وأنْ تُوقف دعمها المتعدد الأشكال للإرهاب وتنظيماته .. وأنَّ من بيته من زجاج عليه ألا يقذف الآخرين بالحجارة .
 
لكن هناك مثلاً عربياًّ ربما يعرفه الأتراك بحكم علاقات تركيا الطويلة مع العرب وهي علاقات معظمها لا يسُّر البال ولا يثلج الصدور يقول: «أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً» وهكذا فأن يقوم أردوغان بهذه الجولة الخاطفة السريعة، فإنها مبادرة جريئة ومع أن تكون الخطوة الأولى إستعداداً قطرياًّ بالتخلي عن «المكابرات» وعن الوقوف على رؤوس أصابع الأقدام والأرجل والإعتراف بحقيقة دعم الإرهاب والتخلي عن هذا الدعم الذي يتسبب في إزهاق أرواح بريئة كثيرة والعودة إلى البيت الخليجي والبيت العربي بقلب نظيف وبنوايا صادقة وطاهرة .
 
إن المؤكد أن رجب طيب أردوغان، بحكم وجوده على رأس دولة ذات تاريخ غنيٍّ وطويل وتحتل حتى بعد زوال الخلافة مكانة مؤثرة في المعادلات الإقليمية والدولية، يعرف أنَّ إرسال جيوش إلى قطر وإقامة قواعد عسكرية فيها وسواءً أكانت تركية أم إيرانية قد أشعر المسؤولين وكبار أصحاب القرار في الدوحة بأنهم قادرون على مواجهة كل التحديات التي تواجههم وأنَّ عليهم ألا يقدموا ما يعتبرونه تنازلاً لأشقائهم وهذا يعني أن هذه الأزمة سوف تتواصل وسوف تزداد تعقيداً وذلك إلى حد أن ما كان ممكنا حله بالأصابع لم يعد حلَّه ممكنا حتى بالأسنان!!.
 
في كل الأحوال وما دام أن رجب طيب أردوغان يعرف أن التدخل الإيراني في هذه المنطقة الحساسة قد وصل إلى حد إحتلال دولتين رئيسيتين هما العراق وسوريا وتهديد دولٍ أخرى كلبنان واليمن فإن عليه أن يضع في إعتباره ودائماً وأبداً أن من يتغدى بجارك أو شقيقك فإنه سيتعشى بك بالتأكيد وأن الإيرانيين أصحاب تصورات مرعبة وخطيرة وأنهم يجاهرون بأنهم يسعون لإستعادة «أمجاد فارس القديمة» مما يعني أنه على تركيا أن تأخذ مكانها المفترض في هذه المعادلة الواضحة كل الوضوح .. ومكانها في هذه المعادلة هو الوقوف في الخندق العربي والتمترس فيه.