Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Aug-2014

حكاية صورة
الراي - كتب - جهاد جبارة
الفَكْ!
الطيور.. تلك المخلوقات التي ترتدي الريش المصبوغ بشتى الألوان، ليس لها فكوك لتلوك، وتطحن بها لحوم وعظام فرائسها، بل ان فكوكْ المسالمة والمُلحّنة منها صارت مناقير دقيقة مُدبّبة لتُحسن التقاط الحَبّ، ولتُجيد عزف موسيقى الحُب، أما الكاسرة منها فقد عُقفِت مناقيرها، واستُبدلت أسنانها بمخالب تقطّع بها لحوم ضحاياها.
وفي البحار، فإن الأسماك المُسالمة الصغيرة التي تهمسُ بالماء لغة لا نفهمها نحن البشر، لا تمتلكُ فكوكاً تنقض بها، بل شفاهاً طريّة ملساء تسمح للغذاء العائم في الماء أن يتسلّل من خلالها فتُسكت به جوعها وتشبع، بينما المفترسة منها كـ»القرش» القاتل، فإنه.. يمتلك فكوكاً بأنياب حادة ما أن تغوص في جسم الضحية فإنها تحيلها إلى أشلاء مُمزّقة تاركة دماءها تتدفق لتلوّن به أزرق الأعماق. وعلى الأرض، فإن قطعان الماشية تمتلك فكوكاً بأسنان مُسالمة لا تقوى إلا على طحن الأعشاب، والنباتات، بينما شفاهها تشكّلت لتتحدّث بلغة الثُغاء، أما فكوك الذئاب، فقد زُرعت بأنياب حادة لتنغرس في بطون ضحاياها، لتُخرج الأمعاء تمهيداً لتقطيعها، غير أن فكوكها تلك أخذت شكلاً حاداً يمكّنها من اطلاق العواء، بينما ضباع الأرض، فإنها تمتلك الفكوك الأقوى بلا منازع، مزروعة بأسنان، وأنياب تمكنها من طحن الصوان القاسي، وتمكنها من تحطيم عظام جماجم الحيوانات النافقة لتصل إلى الصناديق التي تخبيء أمخاخ تلك الحيوانات فتلتهمها بلذة طاغية، بينما شفافها تطلق أصواتاً هي أقرب إلى ضحكات البشر.
الخيول التي يتغنى الفرسان بها، ويتسابق الشعراء في وصف مفاتنها، تمتلك فكوكاً متناسقة تتناسب مع لغة الصهيل، مثلما فكوك، وشفاه الأسود تتناسب ولغة الزئير.
فَكٌّ الريح لم يرَه أحدٌ من قبل، لكنه يلتهم الرمل، ويحطّم الأشجار، وفي أحيان جوعه الشديد، فإنه لا يتوانى عن قلع البيوت، وإغراق السفن، واسقاط الطائرات!.
الإنسان الذي أراد أن يثأر من المسامير التي كانت تُدّق في لحوم المحكومين بالصَلْب أوجد كمّاشة من حديد لها فكّان يمكنهما الإطاحة بأقسى وأعتى المسامير، وما أن التفت خبراء الحروب لتلك الأداة الحديدية حتى أقرّوا خطّة عسكرية يُحاصرون بموجبها الأعداء، حين يوقعوهم بين فكيّ كماشة ذلك الحصار.
أما هذه الشجرة المُسالمة البريئة، فإن الذي قام بالاعتداء عليها لم يكُ يدري انها كانت ترفض فعلته، فقامت أطرافها بالاحتجاج حينما أظهرت له فكّاً واهناً لا يمكنه سوى طحن الانتصار المزعوم الذي يدّعيه قتلة الأشجار!.