Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Aug-2014

يا محلى "داعش" امام الذين يغضبون من البيجاما بارتي ومهرجان الألوان* فهد الخيطان

الغد - مثل كثيرين، لم أسمع عن مهرجان الألوان إلا من منتقديه الذين ملأوا الفضاء الإلكتروني صراخا، وسبابا على الجهة المنظمة وكل من شارك فيه. ومن أسهل الطرق المتبعة حديثا لتشويه أي نشاط وتجريم المشاركين فيه، هو القول إنهم يمارسون طقوس عبدة الشيطان. يا إلهي عبدة شيطان بيننا!

في المهرجان المذكور لم يكتفوا بهذه التهمة، بل أضافوا ذنبا آخر؛ إنها طقوس هندوسية.
وقبل أن تخفت حملة الانتصار للقيم والدين في مواجهة مهرجان "الكفر" كما وصفه أحدهم، ثارت موجة "فيسبوكية" امتدت لوسائل الإعلام، في وجه جهة مجهولة قالت إنها تنظم "حفلة البيجاما". الفكرة سخيفة بلا شك، لكن الحملة ضدها كانت أكثر سخفا وسذاجة.
ملايين الشبان حول العالم يلونون وجوههم كل يوم في مهرجانات شبيهة بمهرجان الألوان، وفي المناسبات الرياضية، حيث يرسم الصغار والكبار من مشجعي الفرق الرياضية ألوان فرقهم المفضلة على وجوههم وأجسادهم.
وفي عديد المناسبات العامة في مختلف دول العالم، يستهوي هذا الأسلوب الصغار والمراهقين للترفيه عن أنفسهم. ومعظمنا هنا يتمتع بمشاهدتهم على شاشة التلفزيون.
المهرجان المذكور يصنف تحت بند النشاطات الترفيهية، للصغار والمراهقين. قد لا يعجب البعض؛ هذا من حقهم. لكن لا يجوز مصادرة حق الآخرين ما دام هذا الحق لا يتعارض مع القوانين، ولا يتعدى على الحريات الشخصية والعامة.
مهرجان الألوان، وحفلة البيجاما، وسواهما من نشاطات، ليست من تقاليد المجتمع الأردني. ذلك صحيح، لكن العالم صار قرية صغيرة، لا خلاف على ذلك بين متشدد وليبرالي. ونحن جميعا نتمتع بميزات هذه القرية، وعبر أدواتها التكنولوجية نتبادل المعرفة والخبرات والطقوس مع شعوب العالم، والأهم نتبادل القيم؛ قيم احترام حريات الأشخاص، وحقهم في التعبير، وتبني الأفكار التي تعجبهم.
لا يمكن في عالم مفتوح وضع قيود على هذا الانفتاح، أو فرض شروط مسبقة. ليس هناك سوى القانون فيصلا بيننا، وسوى ذلك ترهات لا قيمة لها.
ومثلما نتأثر بقيم الآخرين، سنجد في العالم من يتأثر بقيمنا وعاداتنا. ينبغي أن نقبل الأمرين معا.
في معرض الاعتراض على مهرجان الألوان، قال البعض إنه من غير اللائق تنظيم نشاط كهذا بينما غزة تتعرض لأبشع عدوان إسرائيلي. ربما، لكن في غزة أيضا شباب وصبايا وأطفال يحبون الحياة والحرية، ولو لم يكونوا كذلك لما قاتلوا بهذه الشجاعة. لقد سقط عشرة شهداء من شباب غزة بينما كانوا يتابعون إحدى مباريات "مونديال" البرازيل، فيما القذائف تتساقط على القطاع. هل كان هؤلاء خونة؟!
وفي عز العدوان الإسرائيلي، كان مغني "راب" من شباب غزة يؤلف ويلحن أغانيه على وقع أصوات الانفجارات، كما صرح بنفسه لمحطة الجزيرة.
بسبب مناخ التطرف والتشدد الذي يلف المنطقة منذ سنوات، ضاقت رؤية بعضنا للحياة، لا بل أصبح بيننا أشخاص كارهون للحياة ومباهجها، ويدفعون لإخضاع المجتمع والناس لأكثر قواعد الحياة تشددا وظلامية. بالمناسبة، هؤلاء ليسوا من المتدينين المتشددين فحسب، بل من مختلف الأوساط الاجتماعية، حتى تلك المحسوبة على التيارات اليسارية والقومية.
لم يكن المجتمع الأردني يوما على هذا النحو. لطالما كان متنوعا ويحترم التعددية الفكرية والثقافية، ويتقبل مظاهر التنوع. كان ذلك قبل أن يتحول العالم إلى قرية صغيرة، فما بالنا ننافس اليوم "داعش" على خطابها!
يا محلى "داعش" عندما تقارنها مع "دواعش" بيننا، يغضبون من فتية يلهون بالألوان