Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Apr-2018

هل يتغير المشهد السوري بعد الضربة ؟! - فيصل ملكاوي

الراي -  في نيسان الماضي عندما اطلقت الولايات المتحدة 59 صاروخ توماهوك على قاعدة الشعيرات الجوية السورية ردا على استخدام السلاح الكيماوي في خان شيخون اعتقد العالم وربما حتى النظام السوري وروسيا وايران ان المشهد سيتغير على وقع تلك الضربة لكن ما هي الا ايام حتى تبددت الفاعلية لذلك العمل العسكري المحدود ، وبقي المشهد على حالة بل ان زاد النظام السوري بدعم حاسم من روسيا عسكري وسياسي و11 قرار فيتو في مجلس الامن وزيادة النفوذ الايراني على الارض السورية في مقابل تراجع المعارضة وخسارتها معظم الاراضي التي كانت تسيطر عليها ثم استخدام السلاح الكيماوي اكثر من مرة من ذلك الوقت حتى الهجوم الاخير في السابع من الشهر الجاري والذي ادى الى الرد الاميرك البريطاني الفرنسي والذي طال فقط ثلاثة اهداف متعلقة بوجه خاص بالبرنامج السوري الكيماوي بعد ان كان الحديث عن ضربة واسعة تطال اهدافا واسعة وان لم يكن بالوارد باي حال ان تطال الضربات سواء كانت محدودة او واسعة النظام السوري او دائرته الضيقة.

وبعد مخاض عسير خصوصا في الادارة الاميركية ما بين رغبة من البيت الابيض وفريقه خصوصا من الرئيس ترمب والمندوبة الاميركية في الامم المتحدة نيكي هايلي ومستشار الامن القومي جون بولتون بضربة موجعة للنظام وروسيا وايران في سوريا وبين راي اصر عليه وزير الدفاع الاميركي جيمس ما تيس والجيش الاميركي بضرورة ان تكون الضربة محدودة ومحددة باستهداف مواقع كيماوية سورية والخشية من توسيع الضربة من شانه احداث صدام لايمكن التنبؤ به مع روسيا جاءت الضربة متوائمه مع معسكر وزير الدفاع مما جعل على الارجح الموقف الروسي مناقضا لما هددت به اثناء التحضير للعمل العسكري وبقيت القوات الروسية صامتة ولم تعترض المئة صاروخ او اكثر التي انطلقت من البوارج والطائرات الاميركية والبريطانية والفرنسية لتضرب مواقع كيماوية سورية.
خلال الايام المقبلة ستكون التداعيات على المشهد السوري هي الاهم ، وان كانت موازين القوى ستتغير ، وهل ستحقق الضربة الاميركية الفرنسية البريطانية اي فرق ، على سلوك روسيا والنظام وايران في الازمة السورية وهل فعلا كما قال الرئيس الاميركي انه ان الاوان لانهاء الحرب المدمرة في سوريا والعودة الى الحل السياسي وفق مسار جينف وايضا القرار الدولي 2254 الذي يشكل خارطة طريق للحل في سوريا وغاب عن المشهد خلال السنوات الاخيرة بفعل الفراغ الدولي في سوريا الذي شغلته روسيا تماما واستفاد منه الى اقصى حد النظام وكذلك ايران في تنمية وتعزيز استراتيجيتها الاوسع في سوريا ومنها الى المنطقة برمتها ؟!
اذا كان الوضع ذاته سيتكرر ما بعد الهجوم الكيماوي في خان شيخون العام الماضي ورد اميركي محدود بقصف قاعدة الشعيرات وفي ضربة الامس ثلاثة اهداف بشكل محدد ومحدود ايضا ، ثم الانكفاء مجددا بمعنى الاكتفاء بتحقيق هدف منع استخدام السلاح الكيماوي في سوريا فان الوضع والمشهد لن يتغير في سوريا بل سيشكل حافزا اكبر لروسيا والنظام وطهران بالذهاب سريعا الى مواصلة الحسم العسكري في سوريا وانهاء الازمة وفق لهذه الاستراتيجية وبدون استخدام الاسلحة الكيماوية بل بالقوة العسكرية الضاربة التي خلفت خلال السنوات الماضية مئات الاف الضحايا من ابناء الشعب السوري ودمارا هائلا في البنية التحتية السورية وملايين النازحين واللاجئين والمشردين دون ان يتحرك المجتمع الدولي ازاء هذه الاهوال والكوارث باي شكل من الجدية.
واذا كان الهدف هو اجراء تغيير جوهري في المشهد السوري ،لصالح تحقيق حل سياسي شامل ينهي الازمة والحرب ، فان هذه الضربة التي وقعت ليست كافية ، ومن المشكوك جدا ان تدوم فاعليتها لاكثر من ايام ثم العودة الى الاوضاع التي سبقتها ، الا اذا كان هناك خطوات اضافية تجعل لهذه الضربة مغزى واهدافا استراتيجية فاعلة خاصة مع الطرف الروسي راعي الحرب الأولى في سوريا والضغط على موسكو لاعادة التفكير بالمسار السياسي وبالذات بالعودة الى مسار جينف وفق رؤية فعالة تؤدي الى نتائج بعيدا عن المبادرات والمؤتمرات الهادفة الى استبدال هذا المسار باستراتيجية الحسم العسكري على الارض والتي هي محط الاختبار في الايام القليلة المقبلة.
وقبل كل ذلك الاهم ان تغير هذه الضربة في تفكير الولايات المتحدة الاميركية والغرب ، ازاء التعاطي مع الازمة والحرب في سوريا ، فاي عمل عسكري بلا استراتيجية لاحقة هو ضرب من اللاجدوى وينحصر بالهدف العسكري المجرد ، اذ ان اول شي يمكن اختباره خلال الايام القليلة المقبلة ان كانت هناك استراتيجية اميركية ستتبلور ازاء الوضع في سوريا وهي كانت شبه غائبة خلال المراحل الماضية وان كانت الضربة امس هي بداية لتشكل هذه الاستراتيجية في اطار استراتيجية اوسع في المنطقة ام ان الضربة ستكون بوابة لتسريع الخروج الاميركي من سوريا وسحب قواتها من هناك التي كان شدد عليها الرئيس الاميركي ترمب قبل حدوث الهجوم الكيماوي في الغوطة الشرقية ، الايام القليلة المقبلة ستحمل الاجابات وربما حبلى بالمفاجات من كافة الاطراف ؟!