Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-May-2018

60 قتيلا في غزة- نهاية الضمير - جدعون ليفي

 

هآرتس
 
الغد- متى ستأتي اللحظة التي يحرك فيها قتل جماعي للفلسطينيين شيئا لدى اليمين؟ متى ستأتي اللحظة التي فيها يهز ذبح المدنيين على الأقل اليسار – الوسط؟ اذا لم يكن ستون قتيلا، فهل ربما يحرك الـ 600؟ هل الـ 6 آلاف ستهزهم؟ متى ستأتي اللحظة التي ستستيقظ فيها ولو للحظة ذرة من المشاعر الانسانية تجاه الفلسطينيين؟ تضامن؟ اللحظة التي فيها يدعو شخص ما للتوقف، ويقترح شخص آخر الرحمة دون أن يتهم بأنه شخص غريب الاطوار أو شخص كاره لإسرائيل.
متى ستأتي اللحظة التي يعترف فيها شخص ما أنه يوجد لمن يرتكب الذبح شيء من المسؤولية عن المذبحة، وليس فقط المسؤولية تقع على المذبوح الذي هو بالطبع مسؤول عن ذبحه، أليس كذلك.
ستون قتيلا لم يحركوا شخصا، ربما 600؟ وماذا بالنسبة لستة آلاف؟ هل أيضا في حينه سيتم ايجاد كل التبريرات والذرائع؟ هل أيضا في حينه سيلقى الذنب على القتلى و"من ارسلهم"، ولن تسمع كلمة نقد، اعتراف بالخطأ، الأسف، الرحمة أو الذنب؟ في يوم الاثنين حيث ارتفع عداد الموت بسرعة مدهشة والقدس احتفلت بافتتاح السفارة وتل ابيب ابتهجت بالاوريفزيون، كان يبدو أن لحظة كهذه لن تأتي ثانية. العقل الإسرائيلي غسل تماما، القلق اغلق إلى الأبد. حياة الفلسطيني لم تعد تساوي شيئا.
لو كان هناك 60 كلبا ضالا قتلوا في يوم واحد على أيدي جنود الجيش الإسرائيلي، البلاد كانت ستهتز أكثر، قتلة الكلاب كانوا سيقدمون للمحاكمة، شعب إسرائيل كان سيحيي ذكرى الضحايا، وشعب إسرائيل سيتذكر الكلاب التي ذبحها. ولكن في ليلة مذبحة الفلسطينيين ابتهجت صهيون وفرحت، يوجد لدينا سفارة واوريفزيون. من الصعب التفكير بكسوف أكثر فظاعة من هذا. ليس من الصعب أيضا تخيل الصورة المعاكسة: ستون قتيلا إسرائيليا في يوم واحدـ وفي رام الله يحتفلون بافتتاح سفارة، وفي البيرة يبتهجون ويعزفون بمناسبة فوز نجم جديد، وفي ستوديوهات التلفاز يضحكون. كنا سنقول انظروا إلى الحيوانات الفلسطينية، إنهم وحوش.
في مساء يوم الاثنين الاسود هذا وجدت نفسي أجلس في أحد ستوديوهات التلفاز وإلى جانبي رجل من اليمين يضحك، بل ينفجر من الضحك. لقد اضحكه جدا القتل العام، وأكثر من ذلك اضحكه أن هناك من يهتز من هذا القتل العام. صحيفة "يسرائيل هيوم" كان عنوانها الرئيسي حول موضوع آخر، ولا تعرف عن السخرية السوداء. "يديعوت احرونوت" أجرت نقاشا علميا حول: هل يجدر الآن تصفية رؤساء حماس أم لا؟ من يؤيد القتل ومن لا يؤيده، تخيلوا نقاشا في صحيفة فلسطينية "مع أو ضد قتل غادي أيزينكوت".
الحقيقة هي أن إسرائيل مستعدة لذبح أو قتل مئات وحتى آلاف وطرد عشرات الآلاف. ليس هناك شيء يوقفها، نهاية الضمير، انتهت مراسم الاخلاق. احداث الايام الاخيرة اثبتت ذلك نهائيا. المسؤولون تم تعيينهم، البنية التحتية للفظاعة تم وضعها، عشرات السنين من غسل الادمغة والشيطنة ونزع الانسانية آتت أكلها، التحالف بين السياسيين ووسائل الاعلام لابعاد الوقائع وانكارها نجح. إسرائيل مستعدة للاعمال الفظيعة. لم يعد أحد يقف في طريقها لا من الداخل ولا حتى من الخارج.
باستثناء الضريبة الكلامية المعتادة فإن عالم أيام ترامب لن يحرك ساكنا، حتى لو تحول قطاع غزة، لا سمح الله، إلى رواندا. حتى في حينه فإن المحللين لدينا سيرددون أن الجيش الإسرائيلي حقق اهدافه، وأن الجيش اظهر ضبط النفس، وأنه هو الجيش الاكثر اخلاقية، و"ماذا تقترح أن يفعل بدل ذلك؟". رئيس الاركان سيتوج كرجل السنة، الرجل المعتدل والجيد، المعارضة ستغرد بهتافات تشجيع. في ميدان المدينة سيحتفلون بفوز المغنية "اليسارية"، لم يخطر ببال أحد الغاء الاحتفال وهو في ذروته، أو على الاقل أن يخصص لحظة للموتى.
لقد وصلنا إلى تلك النقطة. تلك اللحظة قائمة الآن. رواندا تقترب من غزة وإسرائيل تحتفل. مليونا شخص مسجونين لدينا. ومصيرهم لا يهم أحدا. لن تساعد الصور التي تظهر لاطفال بدون كهرباء وآباء بدون ماء، صور معاقين قتلوا باطلاق النار عليهم، وصور مبتوري الارجل، كلهم أبناء لاجئين من كارثة 1948 التي سببناها لهم. ما لنا ولهذا. حماس هي المذنبة. ستون قتيلا في يوم واحد، ولم يسجل أي أسف أو حزن في إسرائيل ولن يسجل في أي يوم.