Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Jun-2017

خواطر نقابية .. - د. زيد حمزة
 
الراي - خواطر نقابية, هو عنوان كتابي القادم الذي استأذنكم للحديث عنه ليس بقصد الترويج طبعاً فانا أهدي كتبي للاصدقاء والقراء الراغبين في اقتنائها، بل بقصد الاضاءة على الفكرة ذاتها، فكرة الكتابة عن الشؤون النقابية التي تستحق الطرح لتبيان جدوى مناقشتها علناً وهي مهمة صحفية لم تخطر ببالي من قبل خصوصا وأني لم أكن يوماً مغرماً بالكتابة المتخصصة بل بالمتنوعة، وحين اقترحها عليّ محرر مجلة المنبر النقابي الصيدلي زياد محادين لم أكن ادري أني سوف احولها الى خواطر نقابية في كل عدد من اعداد مجلته حتى بلغت المئتين في عشر سنوات متتالية، كما يهمني هنا الاعترف بأني ظننت في البداية ان مثل هذه الكتابة المتخصصة سوف يضيق بها وعليها المجال الصحفي المتاح وتشح فيها المواضيع المثيرة للاهتمام لكني وجدت ان النقابات، المهنية منها والعمالية، تزخز بنشاطاتٍ بعضها تستوجب الثناء والترحيب حين تعلو بالبنيان وبعضها الانتقاد والتصويب حين تنحرف مسيرتها باخطاء الذين يقودونها، كما أن منها ما تشكل مادة دسمة جديرة بالبحث والتمحيص لانها أولاً واخيراً تعني حياة ملايين من العاملين والعاملات في هذا الوطن..
 
لقد اتاحت لي هذه الخواطر أن أعكس في مضامينها جزءا من خبراتي المتواضعة بعدما واكبتُ العمل النقابي لاكثر من ستة عقود وعايشتُه اجتماعيا وسياسياً منذ كنت طالباً جامعيا وناشطاً قريبا من هموم العمال ونقاباتهم في مصر ومن ثم حين شاركت في لجان نقابة الاطباء الاردنيين منذ سنوات تأسيسها الاولى، أما بالنسبة لنقابات العمال في الاردن فاصارحكم الآن بأنني لم أشعر باهميتها ووزنها إلا لبضع سنوات من خمسينات وستينات القرن الماضي ثم افتقدتها(!) تماما في الثمانينات يوم لاحت الفرصة الذهبية وتصدت وزارة الصحة بكل وزنها لمهمة تحقيق التأمين الصحي الشامل لعمال ومستخدمي القطاع الخاص وعائلاتهم بمشاركة اصحاب العمل وعن طريق المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بمجرد تفعيل قانونها وباضافة مادة واحدة على قانون العمل والعمال تنص على حق العامل في التأمين الصحي، لكن الاتحاد العام لنقابات العمال في الاردن لم يتحرك وهو الذي يفترض به السعي لتحقيق هذا الهدف الكبير حسب قانون قديم مازال يعتبره الممثل الوحيد لعمال الاردن فلا يسمح بانشاء اتحاد منافس يتحرك معه او بدلا منه رغم مخالفة ذلك للاعلان العالمي لحقوق الانسان والمادة 22 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية! ما جعلني أساند بكل قوة الجهود التي تبذل منذ سنوات لانشاء الاتحاد المستقل لنقابات العمال في الاردن .
 
اما على صعيد النقابات المهنية فقد وجدتُني في الخواطر أعود لانتقاد قوانينها كما فعلت من قبل مراراً لأنها تمنع انشاء نقابات زميلة على قاعدة التعددية وتتنكر لمبدأ حرية الانتساب فتفرض إلزامية العضوية في مخالفة صريحة ايضاً للعهد الدولي المذكور، وطالبتُها تبعاً لذلك بتعديل وتحديث قوانينها لتصبح اكثر ديمقراطية أسوة بما تطلب من الحكومات ان تفعله! كما لم أتورع عن انتقاد النقابات التي مرّرت ضمن قوانينها نصوصاً غير دستورية تجيز لها جباية رسوم وضرائب من جيوب المواطنين تملاً بها صناديقها! إلا أن ذلك لم يمنع من ان احييها وأثني على جهودها حينما تنجح في خدمة المواطنين بضبط مخالفات المهنة وتطبيق انظمتها على اعضائها بصرامة، أو حينما تتصدى للقيام بدورها الوطني الشجاع في الاعتراض على مشروع المفاعل النووي مثلما فعلت نقابتا المهندسين والمحامين ما جعلني أعتب بشدة على نقابات أخرى ظلت مجالسها واقفة تتفرج! ولعل من الطريف واللافت للنظر ان اضيف هنا ما كتبته في خاطرة 12 /9 /2011 عن صمت نقابة الاطباء على تقرير طبي كاذب اشتهر في قضية الافراج عن سجين وربط ذلك بما كتبته بعد خمس سنوات في خاطرة 25 /4 /2016 عن نجاح نقيب الاطباء الدكتور علي العبوس في انتخابات النقابة حيث هنأته على ثقة اكثرية الاطباء به بسبب موقفه المبدئي المهني الصادق المتمثل في عدم توقيعه آنئذ على ذلك التقرير!
 
واخيراً لقد اتسع لي المجال في هذه الخواطر لكي اتحدث حتى عن الاتحادات المهنية العربية كاتحاد الاطباء العرب واتحاد المهندسين العرب.. الخ وكيف تحولت مع الزمن الى هياكل لا تختلف كثيراً عن منظمات ومجالس جامعة الدول العربية التي تكلست واصابتها الشيخوخة والعجز أو تحولت الى اجهزة في خدمة حكومات بعينها ترعاها أو تمولها احيانا!
 
وبعد.. الى اللقاء مع خواطر نقابية جديدة في جزءٍ ثانٍ من هذا الكتاب، من يعلم؟!