Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Feb-2019

إسرائيل تفقد الشعب اليهودي

 الغد-هآرتس

باروخ بينا 10/2/2019
 
رئيس الفيدرالية اليهودية في نيويورك، اريك غولدشتاين، تم اقتباسه مؤخرا وهو يقول لوفد إسرائيلي بأن “الناس الذين حتى قبل ثلاث سنوات كانوا هم المؤيدين الأكثر لإسرائيل، يقولون لنا إنهم يريدون التقيؤ، وكل استثمارهم ومحبتهم لإسرائيل ذهبت هباء”.
هذه أقوال شديدة وربما مبالغ فيها، لكن الانفصال الذي يجري أمام ناظرينا بين إسرائيل وبين يهود الولايات المتحدة هو أمر ملموس، من شأنه أن يضر بالهوية العرقية، الثقافية ليهود الولايات المتحدة في العصر الذي فيه كثيرون يعتبرون انفسهم “أميركيين غارقين” (“افرو أميركيون أو يهود أميركيون”)، يمكن أن يمس بالقدرة على العمل بصورة مشتركة لاهداف يهودية بالاجمال مثل مساعدة الجاليات في ضائقة في ارجاء العالم، ويمكن أن يبشر بخطر سياسي ملموس لإسرائيل.
اليهود، الاساس الاكثر تقدمية في الولايات المتحدة، سيجدون صعوبة في مواصلة الدعم التلقائي لإسرائيل، طالما تتعمق فيها الارثوذوكسية واقصاء النساء واحتقار الجهاز القضائي وتوسيع المستوطنات على حساب ميزانية الرفاه والمس باحتمالات العملية السياسية والعلاقة الوثيقة مع دول غير ليبرالية والدعم المحموم لترامب.
رغم صراخ “الذئب الذئب” الذي ينبئ باختفاء الجالية بسبب الانصهار الواسع، عدد اليهود في الولايات المتحدة بقي 5 إلى 7 ملايين، معظمهم معنيين بالحفاظ على علاقة ما مع الهوية اليهودية. الهوية اليهودية – الأميركية لها عناصر كثيرة منها “اصلاح العالم”، عدل اجتماعي وأخوة عميقة مع إسرائيل. إلا أن التغييرات الكبيرة والسريعة لدينا تصعب على هذه الأخوة. في إسرائيل من يقولون إنه لا توجد مشكلة في ذلك وأن يهود الولايات المتحدة لم يعودوا ضروريين، وحتى انهم يباركون السحر السياسي لنتنياهو الذي نجح في تقوية العلاقة مع الجمهوريين.
زعماء كبار في إسرائيل يعتقدون أنه طالما إسرائيل تحصل على دعم اليهود الارثوذكسيين والافنغليستيين، نحن لسنا بحاجة إلى الاصلاحيين أو المحافظين أو العلمانيين (معظم الجالية اليهودية). في الحقيقة يجب عدم الاعتماد على دعم الافنغليستيين، لكن هذا غرام متعلق بشيء. احيانا هو متعلق برؤية نهاية العالم ودور إسرائيل في تقريب ظهور المسيح. في المقابل، دعم الجمهور اليهودي لإسرائيل هو تلقائي، مثلما هو في العائلة.
اضافة إلى المسؤولية الموجودة لإسرائيل، الجسم السيادي- القومي للشعب اليهودي في عصرنا، لمنع الازمة مع الجالية اليهودية، يتطور أيضا خطر واضح لإسرائيل في مجال السياسة. إسرائيل ما زالت مرتبطة بدعم الولايات المتحدة. نحن بحاجة اليها من اجل تطوير انجازاتنا كأمة رائدة، الحفاظ على مكانتنا الدولية وتحقيق مصالحنا الاقليمية. من سيقف إلى جانبنا في ساحة الامم المتحدة اذا لم تكن الولايات المتحدة؟
“علاقاتنا الخاصة” مع الولايات المتحدة كانت دائما شأنا يعني الحزبين، لكن الآن هم يتحولون اكثر فأكثر إلى شأن جمهوري، والحكومات كما هو معروف تتغير. بخصوص الكونغرس، كان وما زال معقل قوي لدعم إسرائيل، مقاربته لنا هي خلاصة مواقف الجمهور الأميركي، وحتى الآن هذا الجمهور يؤيد اساسا إسرائيل (64 في المائة، حسب استطلاع غالوب، آذار، 2018). ولكن عندما نفكك هذا الدعم إلى عناصره (كما تم في استطلاع جامعة ميريلاند) تتضح صورة اكثر تعقيدا وانتقادية في مسائل مثل الطابع اليهودي الديمقراطي لإسرائيل أو حل الدولتين. هذا التعقيد يلزم بمواصلة الاستثمار.
السفارة والقنصليات تبذل جهود كبيرة في هذا الشأن، هي تجد صعوبة في الأداء عندما الحكومة تخفض المعايير وتقلص الميزانية. الجاليات اليهودية منسوجة جيدا في الحياة العامة الأميركية. المنظمات القطرية والفيدرالية المنتشرة في ارجاء القارة هي نموذج للنشاط السياسي المزدهر، وحتى الآن وقفت دائما إلى جانب إسرائيل. لكن هل ستقف إلى جانبنا عندما سنحتاجهم، حتى اذا واصلنا ارتكاب الاخطاء؟ وفي زمن تولي رئيس ليبرالي وانتقادي مثل بيرني ساندرز مثلا؟ في الكونغرس يتزايد نواب جدد (لم يعرفوا يوسف)، وفي الكونغرس الـ 116، هناك 100 عضو كونغرس و10 أعضاء في المجلس الشيوخ، جدد، من بينهم 66 عضوا من الحزب الديمقراطي.
معظمهم ببساطة، غير ضالعين في القضية ويجب العمل معهم على قاعدة يومية. دائما كان يمكننا الاعتماد على النواب اليهود في الكونغرس (29 في الكونغرس الجديد و9 في مجلس الشيوخ)، كي يعملوا على تعليم الجدد، وبالأساس على محيط النواب في دوائرهم الانتخابية التي فيها نشاط يهودي، سياسي نشط. ولكن هل هكذا ستكون الامور أيضا في المستقبل؟ المؤسسة اليهودية ستعمل بقدر استطاعتها، لكن لا توجد حصانة دائمة.
اقوال رئيس الفيدرالية في نيويورك شديدة، لكنه ليس الوحيد الذي عبر بهذه الصورة، بشكل عام من كان يخطر على باله اقوال كهذه قبل بضع سنوات؟ هناك شيء ما خطير وسيئ يحدث تحت اقدامنا، إلى جانب الضرر الذي يصيب الهوية اليهودية الشاملة، إسرائيل التي تزداد تطرفا تتنازل عن اداة مهمة من ادواتها السياسية، بدون النصف الآخر من الشعب اليهودي سنجد برودة شديدة جدا في الخارج.