Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Dec-2018

الجامعات والتحدي المسكوت عنه! - د. أحمد يعقوب المجدوبة

 الراي - كما هو معلوم، فإن جامعاتنا تواجه العديد من التحديات التي تؤثر سلباً على أدائها.

وعلى رأس هذه التحديات تحدي التمويل، والذي يؤرق عدداً من الجامعات الرسمية، منها عدد من جامعات «الأطراف» التي يعزف الطلبة عن الالتحاق بها بالأعداد المطلوبة، وعدد من الجامعات الرئيسة التي تعجّ بالطلبة.
لتحدي التمويل العديد من المسببات تختلف من جامعة إلى أخرى، بعضها يتصل بالحمولة الزائدة من الموظفين الإداريين، وبقبول أعداد من الطلبة، تحت مسميات مختلفة، ممن لا يدفعون رسوماً، وبغير ذلك من عوامل.
لكن أهم عاملين يكمنان في التناقص الحاد في الدعم الحكومي عبر السنوات المتعاقبة من ناحية، والتباين في الرسوم بين جامعة رسمية وجامعة أخرى، تبعاً لتاريخ إنشائها أو إنشاء البرامج فيها.
أما العامل الأول فأصله يتمثل في أن الحكومة لا تتحمل كلفة التعليم بالكامل كما هو الحال في العديد من الدول المجاورة وفي معظم الدول الأوروبية، على سبيل المثال.
فالحكومة تخصص مبلغاً متواضعاً يوزع على الجامعات الرسمية بنسب مختلفة، لكنها نسب متدنية بالمقارنة مع ميزانياتها.
ولعلّ الكثيرين لا يدركون تدني تلك النسب. فعندما تقول لهم إن موازنة الجامعة الفلانية 170 مليون دينار، تخصص لها الحكومة 8 ملايين دينار فقط، أي أقل من 5 %من ميزانيتها، فإنهم لا يصدقون.
«معقول؟!» يقولون مندهشين.
وهذا جزء لا يتجزأ من معضلة التمويل، وهو أن الناس يفترضون أن الحكومة تمول الجامعات إما بالكامل أو بمبالغ كبيرة.
يندهشون عندما تذكر لهم المبلغ، ويندهشون عندما تقول أن المبلغ الضئيل المخصص لا يصل كله.
أما العامل الثاني فيتمثل في تفاوت الرسوم على نحو صارخ بين الجامعات الرسمية، والتفاوت هو بين رسوم البرامج ذاتها.
فتجد أن رسوم ساعة الهندسة في جامعة رسمية ما (وهي عادة الجامعة الأقدم) 20 ديناراً ورسوم الساعة لنفس التخصص في شقيقتها (وهي الجامعة الأحدث) 60 ديناراً.
وتجد أن رسوم ساعة الطب في الأولى 40 ديناراً، وفي الثانية 90 .وهكذا دواليك.
والإشكال يكمن كذلك في أن الجامعة التي تكون رسوم الساعة فيها أرخص، لا تستطيع رفعها لتتساوى مع رسوم شقيقتها.
وهنا معضلة كبيرة. فإذا كانت الجامعات الأردنية أسست على مبدأ أن الرسوم هي أساس التمويل فيها، بعكس جامعات العديد من دول الجوار التي تتكفل الدولة بكامل الكلفة، فإن المنطق يقول أن الرسوم لا يمكن أن تبقى على حالها سنة بعد سنة وعقداً بعد عقد، لأن للتعليم كلفاً باهظة لا يمكن للرسوم الثابتة أو المثبتة لسنوات أن تغطيها – إلاّ إذا قامت الحكومة بتغطية الفارق، وهي لا تفعل.
لا نقول هنا بأن رفع الرسوم هو الحل الوحيد، إذ لا بد للجامعات من أن تفكر في حلول أخرى، ومنها الاستثمارات واجتذاب التبرعات وعوائد الاختراعات والبحث العلمي وغيرها.
لكننا نقول، ما دام أن الجامعات الأردنية أسست على مبدأ الرسوم، وليس على مبدأ الدعم الحكومي الكامل، فلا بد من أن تغطي الرسوم بدرجات معقولة كلف التعليم التي ترتفع يوماً بعد يوم، ولا بد كخطوة أولى من مساواة رسوم الساعات في الجامعات الرسمية ذاتها، ليس على الطلبة الملتحفين في الجامعات حالياً بل على الطلبة الجدد، وعلى مبدأ التدرج.
ولعلّ المشكلة الأكبر تكمن في أن تحدي التمويل مهمل أو مسكوت عنه لسنوات.
فرغم وجود العديد من الأفكار والدراسات التي كتبت عنه من قبل أناس ملمّين بالتعليم العالي وخبراء فيه، لم تصدر عن الحكومة أية مبادرة جادة لبحث الأمر بجدية وتعمق في محاولة إيجاد حلّ، علماً بأن الفأس قد وقعت في الرأس منذ مدة وأن العديد من الجامعات العريقة تعاني معاناة شديدة من النقص الحادّ في التمويل.
وبعد، فقد آن الأوان لبحث هذا الأمر، في محاولة لإيجاد حلول ناجعة، تكون عادلة للطلبة وذويهم، وعادلة للجامعات المعنية، والتي إن بقي الوضع على حاله سيتراجع أداؤها لا محالة لأنها غير قادرة على تغطية كلف التعليم المرتفعة، ومنها كلف تقنياته باهظة الثمن.