Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Oct-2019

نقاد أردنيون وعرب يتأملون التأثير المتبادل بين الرواية والفلسفة

 الدستور- ياسر العبادي

عقدت جمعية النقاد الأردنيين، صباح يوم أمس، مؤتمرها السنوي الثامن بعنوان: «الرواية والفلسفة»، وذلك في رحاب المكتبة الوطنية، وبمشاركة عدد من النقاد العرب والأردنيين، بحضور د. سالم الدهام مندوب وزير الثقافة د. محمد أبو رمان وحشد من المثقفين والمهتمين.
واشتمل حفل الافتتاح على كلمة رئيس الجمعية د. زياد أبولبن، قال فيها: «تحولت الرواية العربية المعاصرة إلى وسيط حضاري ومعرفي. وتمثل اليوم، ما مثّله الشعر العربي القديم (ديوان العرب) في العصر الجاهلي وما بعده، في الحضارة العربية الإسلامية. لقد تعددت مستويات علاقة الفلسفة بالرواية، فهي تارة مضمون الرواية وحمولتها الكلية، وتارة أخرى تحمل وتناقش بالتخييل ما تناقشه الفلسفة بالعقل والاستدلال موضوعات الراهن العربي، الذاتي والموضوعي العام  الذي يعج بالمفارقات والثنائيات الضدية وأهمها سؤال الهوية والحب والحرية والاغتراب والسلطة وثنائية الأنا والآخر أو الشرق والغرب إضافة للقضايا الجمالية والقيم الإنسانية. لقد واكبت الفلسفة السرد العربي القديم، وتداخلت معه، فأثرت وتاثرت في الحكاية الأليغورية والرمزية والصوفية والفلسفية، من الغربة الغربية للسهروردي إلى حي بن يقظان لابن سينا وابن الطفيل. كما واكبت السرد الروائي العربي الحديث من رواية غابة الحق لفرنسيس المراش في القرن التاسع عشر، إلى رواية الطريق لنجيب محفوظ، والتي مثلت ذروة المرحلة الفلسفية في مسيرته الإبداعية، إلى روايات المفكر العربي  المعاصر عبد الله العروي. وانطلاقا من أهمية الموضوع، وهذا التداخل والتأثيرالمتبادل بين الفلسفة والنقد والرواية تعقد جمعية النقاد الأردنيين مؤتمرها السنوي الثامن، تحت عنوان (الفلسفة والرواية)».
كما تضمن حفل الافتتاح كلمة للمشاركين الدكتورة سحر سامي من مصر.
ومن ثم عقدت أولى جلسات المؤتمر برئاسة د. زهير توفيق (الأردن)، وشارك فيها: د. سعد البازعي (السعودية) بورقة بعنوان (الرواية والفلسفة: ازدواجية الحضور)، ألقتها عنه د. عاء سلامة، قال فيها: «يستدعي الربط بين الرواية والفلسفة ربطاً أشمل هو العلاقة بين الأدب والفلسفة، فالرواية في أول المطاف وليس في نهايته أدب وما يسري على الأدب يسري عليها، والأدب متصل بالفلسفة اتصالاً وثيقاً إلى حد التداخل بينهما. فمن النصوص الفلسفية ما يعد أدباً ومن النصوص الأدبية ما يعد فلسفياً. يسري ذلك على كل أنواع الأدب. لكن للرواية في عصرنا علاقة واضحة بالفلسفة. ذلك أن الفلسفة واضحة أو كامنة في ثنايا كثير من الأعمال الروائية، أي أنها علاقة يمكن تتبعها على مستويين: مستوى مباشر حين يستدعي الكاتب أو النص مقولات فلسفية أو يحيل إلى قضايا تعد في صلب الفلسفة. ومستوى غير مباشر يتضح من تبني الرواية لرؤية أو رؤى فلسفية معينة دون الإعلان عنها».
من جانبه وقف د. مصطفى الضبع (مصر) عند (سؤال الوجود في الرواية العربية)، قال فيها: «لا تتوقف الرواية خاصة والأدب عامة عن طرح الأسئلة عن جميع ما يمثل رؤية للحياة والوجود، وقد كان للرواية العربية نصيبها من طرح أسئلة من شأنها تأمل الوجود الإنساني، كما كان للروائي العربي موقفه من الكون بكل ما يتضمنه من معطيات». ومن ثم وقد د. الضبع عند مجموعة من أسئلة الرواية العربية ذات الاهتمام الكوني والوجودي، ليس بوصفها موضوعا فحسب وإنما هي تقنية لها جمالياتها ولها وظيفتها في سياق النص الروائي. على غرار: ما المرجعيات الفلسفية لسؤال الوجود في الرواية العربية؟ وكيف تحقق الرواية العربية وجودها نفسه في سياق التاريخ العربية عبر تأثيرها في اللحظة التاريخية العربية؟
ومن ثم قدمت الدكتورة رزان إبراهيم (الأردن) ورقة حملت عنوان (تأملات فلسفية في طبائع السلطة: رواية ملتقى البحرين لوليد سيف أنموذجاً)، إذ قامت باستقصاء العلاقة التي يخلفها النفوذ والقوة على صيرورة الشخصيات الإنسانية وتحركاتها، بما كان فلاسفة الإغريق قد عالجوه من خلال مفردة (الغطرسة) التي يميل أرسطو إلى تأويلها بفكرة التمتع بإيذاء الآخرين، من خلال قراءتها لمنجز وليد سيف الروائي الجديد (ملتقى البحرين). وهي رواية تاريخية متخيلة تدور أحداثها في أجواء القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي في إحدى الممالك الإسلامية التي نشأت على تخوم الخلافة  العباسية أو أطرافها واستقلت عن مركز الخلافة بعد ضعفها وانحسار سلطتها المركزية.
من جانبه قدم الروائي الأردني قاسم توفيق شهادة إبداعية، حملت عنوان «الكتابةُ وأنا» ألقتها عنه د. دلال عنبتاوي قال فيها: «يَرْبِضُ في داخل كلِّ واحدٍ منّا كاتبٌ متأهِّبٌ للانطلاق،وكلُّنا نكبحُ هذا الانطلاق لأنَّنا نخاف، فنكتفي بالكلام، فالكلام ليس موثقًا ولا مثبتًا.وكلُّنا نخافُ من توثيق مشاعرنا وعواطفنا وإيماناتنا وأفكارنا الصغيرة وأسرارنا لأنَّنا نخافُالآخر. نحتفظُ بكمٍّ هائلٍ من الأفكار التي بها نعيشُ ونحلُمُ ونتخيَّلُ، لكنَّنا نخافُ من توثيق حقيقة وجودها. الكتابة هي جرأة المُواجهة.والكتابةُ المكشوفةُ والثائرةُ والصارخةُبطولةٌ ومغامرة، وأنا لستُ بطلًا ولكنّني مغامرٌ، لذلك أكتب. لا أدري كيف يكونُ الكاتبُ كاتبًا، أو لماذا يكتب؟ لكنّني بتجربتي المتواضعة الخاصّة أعرفُ أنّ الكتابةَ هي حالةُ بوحٍ بصوتٍ عالٍ، هي حالةُ صخبٍ يشبه إلى حدٍّ بعيدٍ عواء الذئاب. قد تكونُ تجربتي الروائيّة استنساخًا لتجربتي الحياتيّة، فإنْ كان مطلوبٌ منيّ أنْ أحكِيَ عن هذه التجربة، فلا بدَّ أنْ أخلَعَ برقعَ الحياء، وأنْ ألبسَ رداءً يكشف عُريي، وأنْ أتهيَّأَ لعشرات الرّصاصات التي سوف تنهالُ عليّ من القريبين أكثر من البعيدين. سيرتي الكتابيّة لا تعدو غير امتدادٍ لسيرةِ العالَمِ الذي تكوّنْتُ في داخِلِه؛رحْمُ أمّي، بيتُنا، الحارةُ، عمّان، وما تبقّى من الكرةِ الأرضيّة. الكتابةُ حالةٌ تستفزُّ الكائنَ كلَّهُ، تحفِّزُ كلَّ ما فيهِ؛ حتى تلك المنسيّةُ والتي لا تُحسُّ، تجيئُهُ في صحوِهِ مثل الأحلام، ليخطَّها على الورق، يشطُبُ، يعدِّلُ، يضعُ هامشًا، ثم يغلقُ عليها، وعندما يعودُ لقراءتِها يُفاجَأُ بما يراه، ويتلبَّسُهُ شكٌّ مجنونٌ بِمَن يكونُ مَن كَتَبَ كلَّ هذا؟ ولولا أنَّني لا أؤمنُ بشيطانةِ الشّاعِرِ التي تتلبَّسُهُ لقلتُ إنَّ لي جنيَّةً هي التي تُملي عليّ ما أكتُبُهُ. ولأنَّني لستُ كذلك، ولأنَّني أثقُ بماديّة اللاشعورِ وصيرورتِه ووجودِه فقد عرفتُ بأنَّ الكتابةَ هي نبشٌ في مخازِنِ لا شعورِنا..»، الجلسة نفسها كان عقب عليها د. أحمد ماضي.
أما الجلسة الثانية فعقدت برئاسة د. سلطان المعاني (الأردن)، وشارك فيها: د. سحر سامي (مصر) بورقة بعنوان (تجليات الفلسفة الإشراقية والتصوف الإسلامي في روايات نجيب محفوظ) ألقتها عنها د. دعاء سلامة، ود. نادية هناوي (العراق) بورقة بعنوان (انعكاسات النقد الفلسفي البعدي في السرد الروائي العربي)،ألقاها عنها د. علي المؤمني، وقدم الأديب محمود شاهين شهادة إبداعية، حملت عنوان «الصوفية الحديثة» وفيها يقول: «كتبت ملحمة «الملك لقمان» وعلى هامشها كتبت ملحمة «غوايات شيطانية» و»السلام على محمود « وبعد بضعة أعوام . كتبت «أديب في الجنة» و»عديقي اليهودي» و»زمن الخراب» إضافة إلى مئات الأبحاث والمقالات والمقولات والخواطر حول مذهب وحدة الوجود، تجاوزت 1400 موضوع. أقدم فيها فهمي للوجود والغاية منه، عبر منهج اتبعت فيه ما توصل إليه العلم، إضافة إلى الفكر الفلسفي المادي، وخاصة في المنطق والاستدلال، والفكرالصوفي في تأملاته واجتهاداته، والتصوف في بعض المعتقدات الشرقية، ورؤية الوجود في بعض المعتقدات المادية أو شبه المادية، وفي الإمكان القول، إنني خلصت إلى فهم معاصر لمذهب وحدة الوجود، يختلف إلى حد كبير عن المفاهيم السائدة في العقائد والفلسفات المختلفة، وقد يتفق مع بعضها في مسألة واحدة، هي أن الوجود واحد وليس وجودين.
وكان عقب على الجلسة الثانية الناقد فخري صالح.
في حين ترأست الجلسة الثالثة د. ريما مقطش (الأردن)، وشارك فيها: الأديب عواد علي (العراق) بورقة بعنوان (مظاهر حضور الفلسفة في الرواية العربية)، ود. تيسير أبوعودة (الأردن) بورقة بعنوان (ما وراء الخير والشر في رواية مرتفعات وذرنج)، ود. عالية صالح (الأردن) بورقة بعنوان (رواية قناديل الروح وأسئلة الحب والحرية والهوية)، وقد عقب على الجلسة الباحث مجدي ممدوح (الأردن).
يذكر أن جمعية النقاد الأردنيين تأسست عام 1998، وقد أصدرت الجمعية عددا من الكتب: آفاق النظرية الأدبية المعاصرة: بنيوية أم بنيويات، وكتاب:  التجنيس وبلاغة الصورة، وكتاب: الرواية الأردنية على مشارف القرن الواحد والعشرين، وكتاب: القصة القصيرة في الوقت الراهن.