Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-May-2017

وضوح ساطع في مشهد غامض ! - محمد كعوش
 
الراي - في المشهد اسئلة تاريخية عظيمة حول مصير المنطقة كلها ، وفي المشهد سوريالية وغموض ، وفيه نرى العجب ، لأننا ، كأمة اغتربنا وانفصمنا وانقسمنا لدرجة الغثيان ، بعدما قطعنا كل الطرق والسبل امام اللغة الواحدة والمصير الأوحد والموقف الموحد والفكرة والأمل.
 
في جانب واحد من المشهد العربي المتدهور حتى القاع ، وأعني الساحة السورية ارى المزيد من الغموض والألتباس في لعبة الأمم التي تتقاطع فيها المصالح وتتسارع فيها التحالفات المتقلبة والمواقف المتغيرة لدرجة الحيرة والتيه.
 
ما حدث في الأستانة يدعونا الى التوقف قليلا ، والتفكير كثيرا ، لأن الأتفاق غير مفهوم وغير واضح وصعب التطبيق ، وهو ما اشعل في داخلي شهوة الكتابة وشهية الكلام ، لأنه يبعث على الشك والريبة ، بحيث اعتبره البعض عملية شراء بعض الوقت للتنظيمات الأرهابية كي تعيد تموضعها في مناطق آمنة متداخلة.
 
وبهذه المناسبة يجب أن ندقق كثيرا في تفاصيل لعبة التحالفات والمصالح ، واشير هنا الى ما قاله الرئيس الروسي بوتن ، في حضرة ضيفه أردوغان ، متجاوزا كل مشكلات الماضي بين موسكو وانقرة ، وهو ان العلاقات الروسية بالحليف الشريك التركي في طريقها الى التعافي ، كما طلبت موسكو من حكومة انقرة (الضامنة ) العمل على الزام التنظيمات المسلحة المعارضة ببنود الأتفاق حول المناطق الخاضعة لخفض التصعيد العسكري ، في حين يعرف تماما ان تركيا تدعم قيادات ومسلحي التنظيمات المعارضة المسلحة وتفتح لهم فنادقها وخنادقها وحدودها !!
 
كذلك تتحدث موسكو عن ضرورة مشاركة واشنطن في الجهد المبذول للتوصل الى حل سياسي للمسألة السورية والمساهمة في الحرب على الأرهاب ، ولكن موسكو تعرف تماما ان واشنطن تعمل على فرض اقليم كردي في الشمال كخطوة على طريق التقسيم الطائفي والعرقي للبلاد ، كما تعرف أن الأدارة الأميركية تعمل على اسقاط النظام وتفكيك الدولة وحل الجيش في سوريا، تماما كما حدث في العراق !!
 
وفي لعبة المصالح والتحالفات نرى الرئيس التركي اردوغان يقفز من حضن موسكو الى اكتاف واشنطن ، وفي ذات الوقت يشن حربا على التنظيمات الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة. ومن خلال لعبة المصالح المتارجحة بين موسكو وواشنطن ، وعبر توظيف جرائم السلالة المسلحة المتوحشة ، يسعى الى كتابة تاريخ تركيا المعاصر ، على صدى الموت الجماعي والدمار الشامل في سوريا ، من اجل ان يكون رمزا وطنيا على غرار اتاتورك.
 
في المشهد أيضا معارضة مسلحة متطرفة تختار أدوات قمعها وتستخدم الأرهاب ، بدعم اقليمي ودولي ، وتعلن عن رغبتها بالتحول الى سلطة حاكمة ، وهي تجد من يدافع عن مشروعها الظلامي ويمجد الحماقة ويبجل الموت ، وفي آخر النهار يطلب الغفران ، دون أن يحس بالعار لأنه خاضع لسطوة الأنكار.
 
وعلى مشارف المشهد نرى الحراك الأوروبي الرسمي الخجول المتردد المحشو بالنفاق والبكاء الألكتروني الخادع تصاحبه الانسانية الأميركية الأنتقائية المضحكة. فالدول الغربية ، تعرف ان القضاء على التنظيمات الأرهابية المتطرفة ينهي مأساة الشعب السوري ، ويوقف تدفق اللاجئين الى اوروبا ، ولكنها تتخذ موقفا يكتنفه الغموض والألتباس والحيرة لأهداف سياسية اخرى.
 
هكذا نرى ان الأزمة معقدة بسبب تشابك خيوطها وتعدد اطرافها وتقاطع المصالح الأقليمية والدولية فيها ، ولكن رغم كل هذه التعقيدات ، نرى أن المشهد واضح والقتلة واضحون ، وكلما نتقدم في الطريق تتضح المعالم ، وتتكشف الأهداف ، ولكن لا يمكن لأحد أن يلغي هويتنا العربية أو ينجح في تعطيل وعينا الوطني والقومي ، أو اخراجنا من التاريخ ومصادرة حصتنا من جغرافية العالم ، رغم فشلنا في احياء المشترك فينا من لغة وتاريخ ومصير، بسبب هذا المخزون ( الأخوي ) من الغضب والحقد وشهوة الأنتقام الذي يشي بأنه ما زال في الأجندة العربية ما هو اسوأ.