Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-May-2017

قمّة الرياض ومستقبل المنطقة - د. مأمون نورالدين
 
الراي - أوراق المنطقة السياسية ما كان لها أن تهدأ منذ إقتراب إنتهاء ولاية الإدارة الأميريكية السابقة، منذ ذلك الحين والزوابع السياسية تعصف في المنطقة مشكلةً حالة من ضعف الرؤية المستقبلية لما ستؤول إليه الأمور في حين يجتهد كثير من المحللين السياسيين وأحياناً بعض سياسيي المنطقة أنفسهم بطرح سيناريوهات لم تفلح حتّى الآن في توضيح المستقبل. المعطيات تقول أن الصراع المحتدم في المنطقة بات أولوية عالمية وجب ترتيبها، وإلّا لما كانت أولى الزيارات الخارجية للرئيس الأميركي الجديد لتكون للقاء زعماء الدول المسلمة المؤثرين في ضيافة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في الرياض اليوم. تحالف من نوع جديد وقوّة جديدة تلوح بالأفق، وقد يكون هذا التحالف أحد أبرز ثمار رؤية وجهود زعماء الأمتين العربية والإسلامية وعلى رأسهم جلالة الملك عبدالله الثاني وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في توحيد الصف في وجه ما يواجه الأمتين من تحديّات وأخطار.
 
أقتبس هنا من خطاب جلالة الملك الشهير أمام برلمان الإتحاد الأوروبي آذار 2015 متحدّثاً عن حربنا ضد الإرهاب وعمّا أصابنا كأردن إلى جانب باقي دول العالم من أذى هؤلاء الخوارج «وسوف تستمر معركتنا، لأننا، ومعنا دول عربية وإسلامية، لا ندافع فقط عن شعوبنا، بل عن ديننا الحنيف. فهذه معركة على الدول الإسلامية تصدرها أولا، فهي – قبل كل شيء – حرب الإسلام. وفي الوقت نفسه، علينا أن نرى تهديد التطرف على حقيقته، فهو تهديد عالمي، وأثره لا ينحصر في سوريا والعراق فقط، إذ طال عدوانه ليبيا واليمن وسيناء ومالي ونيجيريا والقرن الإفريقي وآسيا والأمريكيتين واستراليا. وقد تعرضت أوروبا أيضاً لهجمات جبانة واجهتها بشجاعة لا تلين. ونقول لكم اليوم: إن أصدقاءكم معكم.» وضّح جلالة الملك مراراً وتكراراً في مختلف خطاباته ولقاءاته مع القوى المؤثرة في العالم بأن عدو الإنسانية واحد، مدّعياً الإسلام المتطرف يضرّ الإنسانية كافّة، وهو لا يعرف حدودا فالهدف هو السلطة؛ السلطة بمعزل عن أي مبادئ إنسانية، وأن هذا العدو ليس له وجود حيث هناك تعايش وسلام بين المجتمعات، لأنّه يتغذى على النزاعات الطائفية والأذى للعالم أجمع. جلالة الملك يوضح دوماً أن الإنتصار على الإرهاب لن يكون إلا بالوحدة ما بين أطراف المجتمع الدولي كافة، وأنه كما علينا الإهتمام بجانب التعاون الأمني، فإن السيطرة على ساحة الحرب الفكرية لا تقل أهمية عن ذلك. واليوم بات ما ينادي به جلالته دوماً أقرب للتحقيق بعدما بدأت التنسيقات لتوحيد الخطاب العربي في وجه صراعات المنطقة التي ترى النور، واليوم يجتمع قادة العرب والمسلمين من جانب مع الرئيس الأميركي ترمب من جانب آخر لبلورة رؤية جديدة للشراكة في مكافحة ومنع التهديدات الدولية المتزايدة للإرهاب والتطرف من خلال تعزيز قيم التسامح والاعتدال.
 
قمّة الرياض من المنظور الإسلامي سوف تعزز الفرق بين الإسلام الحقيقي الشريك الفاعل والباني في المجتمع الدولي وبين الأيديولوجيات المتأسلمة ذات الأجندات المشبوهة والمغرضة الهدّامة لكل أواصر التعايش والسلام في العالم. هنالك رسالة من قلب المملكة الحاضنة لقبلة المسلمين الأولى بأن الإسلام جامع ليس مفرّقاً يأمر بالرحمة والتسامح والمحافظة على الإنسان؛ وأن المسلمين ليسوا بأغراب عن المجتمع الدولي كما شاء البعض تصويرهم لعزلهم، بل هم فئة بنّاءة لخير البشرية جمعاء. أما من المنظور العربي، فلا شكّ بأن هذه القمّة هي مؤشّر آخر على أن التنسيق والتوافق العربي العربي الذي يقوده القادة العرب والمسلمون المؤثرون في العالم والمنطقة بما يخصّ الشؤون العربية الإسلامية وشؤون المنطقة والصراعات الدائرة جنوب شبه الجزيرة العربية وفي قلب بلاد الشام، ولا شكّ في غربها حيث القضية المركزية للجميع وهي فلسطين قد بدأ يؤتي ثماره نتاجاً للتحركّات العربية المكثفة خلال فترة إنعقاد القمّة العربية في عمّان وما قبلها وما بعدها. هذا التوافق في الخطاب العربي الإسلامي الجديد ينظر للشراكة مع الإدارة الجديدة للولايات المتحدة كقوّة مؤثرة في توظيف حلول مشتركة تنهي سنين من الدمار بحق الشعوب والإستنزاف للموارد الإقتصادية للدول المتضررة ودول الجوار، وتنأى عن هذه المنطقة بما تحمله نوايا القوى الظلامية الفاعلة فيها من أخطار عليها وعلى شعوبها. إن أهم الآمال المعلّقة على هذه القمة تختصر في شعارها التي أطلقته المملكة المستضيفة «العزم يجمعنا» الذي يحمل رسالة أن الرؤية المشتركة للمستقبل هي السبيل للإزدهار والتنمية الشاملة والسلم المنشود.