Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Aug-2018

تغييب أساس قضية فلسطين* برهوم جرايسي
الغد -
خط واحد يربط ما بين "صفقة ترامب"، و"قانون القومية" الصهيوني، وطرح قضية قطاع غزة من جانبها الإنساني فقط، وضرب وكالة غوث اللاجئين "الأونروا"، وضرب قدرات السلطة الفلسطينية المالية، وهو تفريغ القضية الفلسطينية من أساسها، كقضية شعب وتحرير ودولة وعودة المهجّرين إلى وطنهم، لتصبح مجرد قضية إنسانية، وتحسين معيشة، مع البقاء في دائرة الفقر والبؤس. وأمام هذا كله، فإن المهمة الأساس تقتضي إعادة مسار القضية الى نصابها الصحيح.
فما ينشر حتى الآن، عن المخطط الصهيوني، الذي تبلوره عناصر اليمين الاستيطاني الصهيونية في البيت الأبيض، ما يسمى "صفقة القرن"، فهو لا يتجاوز مسألة محاصرة الفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة، داخل كانتونات، منفصلة عن بعضها بعضا، لتكون "ذروة النوايا" هي الحديث عن تحسين أوضاع الفلسطينيين اقتصاديا. وإذا ما دققنا أكثر، فإن هذا "التحسن"، لا أكثر من ضمان أيد عاملة رخيصة للاقتصاد الإسرائيلي. وكل هذا من دون حديث عن حق تقرير المصير، والدولة والعودة.
وهذا هو الجوهر الأساس ذاته، في "قانون القومية" الصهيوني، الذي يعلن فلسطين التاريخية "موطن اليهود التاريخي"، وفيه قامت "إسرائيل دولة الشعب اليهودي" في العالم. ولأن إسرائيل لا حدود مُعرّفة رسميا لها، وهي تتمدد بالاستيطان، فإن القصد هو كل فلسطين التاريخية ستكون "دولة اليهود". وهذا ما نشدد عليه في قوى فلسطين 48، أن القضية الأساس في مناهضتنا لهذا القانون، ليست مسألة "الحقوق" و"المساواة"، بل البند الأساس الأول. وكل البنود العنصرية التالية، مشتقة من البند الأساس. وحينما نطالب بحقوقنا ونناضل لأجلها، فإننا نؤكد أن حقوقنا نابعة من كوننا أهل البلاد وأصحابها.
وكذا في ما يجري من مؤامرة صهيو أميركية لضرب وكالة غوث اللاجئين، فالهدف هو إزالة قضية العودة من ملف القضية الفلسطينية، وهذا كما قيل مرارا هنا، ظهر في الكنيست كمشروع لأول مرّة في العام 2010، وقد تمت صياغته بداية، في معهد الوكالة الصهيونية، المسمى "معهد سياسة الشعب اليهودي"، الذي يرأس مجلس إدارته، دينيس روس، مستشار الرئيسين الأميركيين، كلينتون وأوباما.
وبموازاة هذا المشهد، فإن التقارير المتشعبة والمكثفة بشأن قطاع غزة، تتمحور حول مفاوضات لـ"تحسين ظروف قطاع غزة المعيشية"، وكأن القضية الأساس في قطاع غزة هي مسألة إنسانية فقط، وترتيب ظروف المعيشة في الزنزانة، لمليوني فلسطيني. ومن المفارقة، أنه حينما تُكثر أميركا-ترامب، وحكومة الاحتلال، الأحاديث عن "الأزمة الإنسانية" في قطاع غزة، فإنها في الوقت ذاته تنشط بشتى الوسائل، ليس فقط لضرب الأونروا، وإنما أيضا لضرب السلطة الفلسطينية اقتصاديا.
وهذا ما شهدناه في قانون سلب ونهب أموال الضرائب الفلسطينية، الذي سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من مطلع العام المقبل، بمعنى خصم مئات ملايين الدولارات سنويا من ميزانية السلطة، وهي قيمة مخصصات عائلات الشهداء، والأسرى وعائلاتهم، والأسرى المحررين. ولا يمكن الاستخفاف بهذا الإجراء العدواني لحكومة الاحتلال، فمن شأنه أن يفجر أزمة اقتصادية، ستطال عشرات آلاف العائلات الفلسطينية في الضفة والقطاع المحتلين.
إن واجب الساعة، عدم السماح لأميركا وحكومة الاحتلال، باللعب في الملعب الفلسطيني الداخلي، وتشويش العناوين الصحيحة للشعب الفلسطيني، ما يكرّس فعلا جريمة فصل قطاع غزة كليا عن الضفة، وتقسيم الشعب الفلسطيني لسنوات طوال أخرى، وإقامة كيانات وهمية، بالكاد قادرة على تأمين الفتات لشعب، ما عاد يمكنه أن يحتمل أكثر.
كثيرة هي العوامل التي تلعب دورا في بؤس الحالة الفلسطينية، ومكانة القضية الفلسطينية. والقسط الأكبر الأساس من هذه العوامل، نتيجة لتراكم سلسلة من المخططات الصهيونية. ولكن يبقى العامل الذاتي، له دور جدي في هذه الحالة، وفي حال معالجته، فقد يقلب أوراقا كثيرة، بما يخدم القضية ويدفعها الى الأمام.
فلا يمكن التقدم في أي اتجاه، طالما استمرت حالة الانقسام والاقتتال الداخلي الفلسطيني. كما أنه لا يمكن حل هذه الأزمة، إذا لم تلتزم جميع الأطراف بالمشروع الوطني الفلسطيني، الأساس. لتكون المصلحة الوطنية، المستندة لهذا المشروع، هي الموجهة لكل الجهات والفصائل الفلسطينية.