Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Mar-2017

هل يُتْرَك «اليمنيون».. لِمصيرِهم؟ - محمد خروب
 
الراي - أن يُعلن المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ ومِن العاصمة الفرنسية, أن الأطراف «المتنازِعة» في الحرب اليمنية العبثية, «ترفُض» الحوار، يعني ان الرجل الذي ابدى صبرا لافتاً, فاق ما تحمَّله سلفه جمال بن عمر من ضغوط وهجمات شخصية لاذعة ، يوشك (ولد الشيخ) على «نعي» مهمته, وربما يلجأ الى الاستقالة او يستغيث بأمين عام الأمم المتحدة علّه يُسعِفه او يُعفيه، امام ما يبدو انه سيناريو جديد تستعد بعض الاطراف المنخرطة في الازمة اللجوء اليه, عبر التصعيد العسكري الذي بدأت ملامحه بالظهور تدريجياً, وبخاصة ان ولد الشيخ «فشل» في لقاء الرئيس اليمني عبد ربه منصور، الذي ما يزال يتكئ على همروجة انه «الرئيس الشرعي»، فيما بلاده توشك على الخروج من التاريخ والجغرافيا, بعد ما لحقها من دمار وقتل, ودخول شعبها المنكوب.. عصر المجاعة وانتشار الاوبئة من بابهما الواسع, بعد عامين من القصف والمواجهات التي وإن كانت لم تغير كثيرا في الاوضاع الميدانية،إلاّ انها منحت اشرعة الذين رفضوا الخيار العسكري, إسناداً ورياحاً جديدة, واضفت على من راهنوا – وما يزالون–على الحلول العسكرية صفة «المغامرين» الذين ذهبوا الى «المتاهة» سريعاً، ولم يحصدوا سوى الفشل والخيبة. في الوقت ذاته الذي استفاد من هذه الاجواء الكارثية, التي فرضها اصحاب منطق القوة والغَلَبَة، تنظيما «القاعدة وداعش» اللذين إزدادا قوة وتوسعت رقعة انتشارهما وبخاصة في المحافظات الجنوبية وتحديدا في مدينة عدن, التي «اختارها» هادي.. عاصمة «مؤقتة» له, لكنه لا يقيم فيها، وإن قصَدها فسُرعان ما يغادرها, لإنعدام الامن فيها وهيمنة الإرهابيين.. عليها.
 
واذ لم يلجأ ولد الشيخ في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع وزير الخارجية الفرنسي ايرولت الثلاثاء الماضي، الى «إدانة» اي طرف او تحميل احد منهما مسؤولية الرفض الذي تحدث عنه، كما كانت عادته في اتهام انصار الله (الحوثيون) والمؤتمر الشعبي (علي عبدالله صالح) بالمسؤولية، كي يُرضي الطرف الآخر، فانه كاد ان «يبقّ البحصة», الاّ انه بدا اكثر حذرا عندما ألمح الى ذلك بالقول: «نعرف ان الحل في اليمن يرتكز على جانب سياسي وآخر عسكري، ولهذا من (المُخجِل) ان الاطراف لا تريد الجلوس الى الطاولة لمناقشة ذلك».
 
المسؤولية مشتركة إذاً ولا داعي للذهاب بعيدا في تحميلها للحوثيين وعلي عبدالله صالح ، اذ يوشك عامان على الانقضاء منذ ان اعلن التحالف بدء غاراته على اليمن في السادس والعشرين من آذار 2015، ولم تُغادر احد القناعات التي ترسخت منذ البداية, وهي ان لا حل عسكرياً للاوضاع المعقدة في اليمن, وان لا سبيل الى انتهاج اسلوب الاقصاء او الالغاء او الوصاية او الطمس على الحقائق اليمنية, التي لا تستطيع المدافع ولا الغارات الجوية ان تُلغيها, وهي ان اليمن محكوم بالتوافق والتسويات, بما هي السبيل للولوج الى المشهد اليمني المُكبَّل بتراث مقيم من الثقافة القبائلية والمناطقية والجهوية وغياب دور الحكومة المركزية, حتى بعد الثورة التي قادها المشير عبدالله السلال، وما رافقها من حرب اهلية غذّتها الصراعات الاقليمية بتشجيع دولي وبخاصة بعد ان انتصر الزعيم الخالد جمال عبدالناصر لأحرار اليمن، لكن الامور اخذت مسارا آخر انتهى الى تسويات (حتى لا نقول مصالحات), لم تُوقِف الصراع.. لكنها «بَرّدَته», فانتقل اليمن الى فصل جديد من الانقلابات والمؤامرات وتصفية الحسابات, الى ان «جيء» بالضابط المغمور علي عبدالله صالح ليحكم البلاد، ولكن من خلال «مُحتَدِّه» القبلي والدعم الاقليمي, الذي لم يُقنِع اليمنيين وبعد ثلاثة عقود من الخراب بانه بات «صالحاً» للبقاء في موقعه, فكانت «الثورة» التي قلبت الموازين, لكنها لم تطفئ نار الخلافات او تقنِع دول الإقليم بعدم الاقتراب او التدخل في شأن داخلي, وكان ان دخل اليمن وشعبه في أتون حرب عبثية, يعرف الجميع موعد بدئها, الا ان احدا لا يمكنه التكهن بموعد انتهائها.
 
هذا التشاؤم... تسنده العبارة اللافتة التي اطلقها المبعوث الاممي ولد الشيخ بقوله: أحد المواضيع التي تُثير قلقَنا، هو ما نلاحظه من زيادة في العمليات العسكرية، مع ما تحمِله من عواقب على المدنيين». الاشارة واضحة لا تحتاج الى مزيد من الشرح والاستفاضة, واذ جاءت تصريحات ولد الشيخ بعد «يوم واحد» فقط من بيان «تحذيري» اصدرته وزارة الخارجية الروسية حول اليمن (الاثنين الماضي), عبّرت فيه موسكو عن القلق من مخططات اقتحام ميناء الحديدة على البحر الأحمر،فهذا يعني ان الاوضاع في اليمن مُرشَّحة للتصعيد, على نحو قد يستدعي تدخل اطراف اخرى في الحرب اليمنية العبثية, لان احتمالات خروج الامور عن نطاق السيطرة, باتت واردة اكثر من اي وقت مضى. الامر الذي لم يعد يقتصر على الطرفين المتواجِهَين منذ عامين، خصوصا ان عددا من اعضاء الكونغرس الاميركي وجّهوا رسالة الى وزير الخارجية تيلرسون قبل اسبوع (الجمعة الماضي), طالبوه باستخدام الضغوط الدبلوماسية على «التحالف» لوقف استهداف ميناء الحديدة, ورفع الحظر المفروض على الميناء (وهو بالمناسبة اكبر ميناء يمني ويخدم معظم انحاء اليمن تجارياً).
 
واذ ترافق ذلك كله, مع التحذيرات التي يطلقها باستمرار مكتب الامم المتحدة في اليمن, من تدهور الاوضاع المعيشية والانسانية والمجاعة التي تهدّد ملايين اليمنيين والقيود المفروضة على ميناء الحديدة، فاننا امام كارثة انسانية غير مسبوقة تشي بان الجميع يغسل يديه من المأساة, ويترك اليمنيين لمصيرهم.
 
kharroub@jpf.com.jo