Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-May-2017

ماذا نقول للخامس عشر من أيار ؟ - محمد كعوش
 
الراي - في اللحظة التاريخية كل شيء يبحث عن أوله ، حتى لو سخر التاريخ من هذة المرحلة ، أو الأنعطاف ، الذي فشل في اعادتنا الى اول النشيد وأول الطريق. الخامس عشر من أيار ، شكل حدا فاصلا بين الوطن والمنفى ، اما بعده فقد كان المشهد يستعد لفصل آخر أكثر وجعا وأقل تفاؤلا وأملا ، فولدت النكبة نكسة أوسع واكبر وأشمل ، وألآتي اعظم ، لأن ما زال في الجعبة العربية الكثير من الخناجر ، ومخزون وافر من الحقد والكراهية وشهوة الانتقام القبلي.
 
الخامس عشر من أيار من كل عام يدق على جدار الذاكرة ، ويتساقط فوق رؤوسنا كتساقط الجدران العربية اليومي فوق رؤوس الضحايا. يأتي أيار في موعده فيوقظ سطوة الحنين ، ويتحول الدم الى ورد نازف ، فنشعر بالحزن حين ندرك مدى الفشل في اعادة تركيب ما تفكك في الروح والنفس والزمن العربي ، ونرى التاريخ يسخر من هذه اللحظة ، هو تاريخنا الذي صدقنّا مجده في حضرة الحاضر المشوه المشبوه.
 
صباح اليوم نصحو على رائحة منتصف أيار فنجد كل شيء طبيعيا وهادئا ، لا نسمع فيه سوى أنين الأسرى المضربين عن الطعام في المعتقلات الاسرائيلية ، كما لا يعكر صفو اليوم سوى نشرات الأخبار الطافحة بالدم العربي من حولنا ، ومن بغداد في المشرق الى شاطئ المحيط الهادر في آخر المغرب ، من اجل « ضمان المزيد من الهزائم العربية « حسب قول الشاعر محمود درويش الذي كتب في العام 1986: « الأرض تبتعد ونحن نبتعد عن الأرض...أما العرب فقد ضمنوا تقسيم المنقسم وتجزئة المجزأ وتخفيض سعر الدم والبرتقال مقابل هدايا القمح والقمع وازدياد التبعية «.
 
في الخامس عشر من ايار هذا العام من الواجب ان نعترف أننا خسرنا الماضي ولم نكسب الحاضر بسب العقل المساوم الذي اشترى الوهم وباع الوقت وهو يعرف ان اسرائيل تراهن على الزمن ، من اجل استمرار الاستيطان ومشروع التهويد ، وبالتالي انجاح الفكرة الصهيونية بتحويل الدين « الهوية اليهودية « الى قومية ، في الوقت الذي نرى فيه بعض العرب يسعى الى الغاء الهوية القومية للأمة لحساب الهوية الدينية ، بعد تغليب الهوية القطرية على الهوية القومية في مرحلة انقسام عربي عام تعطلت فيه كل رافعات وآليات العمل العربي المشترك.
 
وفي الخامس عشر من ايار في هذا العام من الواجب ان نعترف بان الصهيونية ، وبدعم من الولايات المتحدة ، وهي دولة حديثة التاريخ محدثة النعمة ، قامت بمشروع استيطاني قديم ، بفضل دعمها استطاعت اسرائيل أن تحول الصراع العربي الأسرائيلي من صراع وجود الى نزاع حول الحدود مع السلطة الفلسطينية ، بعد القرارات التي اخرجت الدول العربية من حلبة الصراع والمواجهة واعفتها من مسؤولية انهاء الأحتلال الأسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
 
في هذا اليوم ، وبمقياس الواقع العربي لا أدعو الى التسليم ، على الرغم من أن القيادة الفلسطينية لا تملك الكثير من الخيارات ، في ظل واقع عربي كارثي ، لأننا نراهن على الوقت ايضا ، ونراهن على الأجيال العربية ، بانتظار الكثير من المتغيرات وهي الثابت الأبدي في التاريخ الذين يحاول عبثا هدم اعمدته ، لأعادة كتابته حسب مصالحهم ، وهو التاريخ الذي يؤكد ان الأمة العربية من أهم وأكبر عناصر تكون الشرق.
 
وفي الخامس عشر من أيار لا يمكن ندرك أن اسرائيل تراهن على نظرية واهمة تقول أن» الكبار يموتون والصغار ينسون « ولكن الشعب الصامد ، بكباره وأطفاله ، اثبت أنه يعرف وطنه جيدا لذلك لا يسأل عن وطنه بل يسأل عن الدولة وعن حقه في تقرير مصيره ، كما يسأل عن حل الدولتين الذي نسفته اسرائيل وتجاهلته الدولة الراعية ، وهي تعرف أن القضية الفلسطينية ، كانت وسظل ، جوهر الصراع العربي الاسرائيلي ، ولا أمن واستقرار دون تحقيق الحل العادل لهذه القضية التي هي القضية القومية المركزية للأمة.