Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Jan-2020

رحيل السلطان قابوس بن سعيد رجل الحكمة*رمضان الرواشدة

 الراي

برحيل سلطان عُمان المغفور له قابوس بن سعيد تفقد الامة العربية رجلاً كرس حياته للقضايا العربية، وكان حكيماً لأبعد نقطة في علاقاته العربية والإقليمية، ومكن بلاده من الانتقال إلى دولة عصرية مهمة في المنطقة.
 
السلطان قابوس بن سعيد وكما قال الملك عبدالله الثاني في تغريدته أمس السبت «كان أخاً عزيزاً له وصديقاً عزيزاً للمغفور له الملك حسين بن طلال اللذين كانا من عمالقة القادة في السبعينيات وحتى وفاتهما».
 
من يعرف عُمان، وقد زرتها في العام 2005، يدرك التطور الكبير والنهضة الثقافية والاقتصادية والسياسية والسياحية التي تنعم بها السلطنة وذلك بفضل الجهود الحثيثة التي بذلها السلطان قابوس منذ توليه الحكم في العام 1979 لتطوير وتنمية بلده إلى أصبح مثار إعجاب الكثيرين ممن عرفوا هذا البلد العزيز أو زاروه.
 
كان قابوس رجلاً معروفاً بمواقفه المؤيدة للقضايا العربية ومواقفه من قضايا المنطقة، وقد كان وسيطاً مهماً لتقريب وجهات النظر بين بعض دول الخليج والمنطقة، وبين بعض القوى الإقليمية التي يرتبط معها بعلاقات متينة مكنته من لعب الدور الكبير في التخفيف من الاحتقانات والتوتر في علاقات هذه البلدان بعضها بعضاً.
 
أما العلاقة الأردنية العُمانية فقد امتازت بالقوة، والتميز منذ عهد الملك الحسين رحمه الله، وكانت على درجة كبيرة من التنسيق والتعاون في جميع المجالات، وكان الراحلان مقربان جداً من بعضهما لدرجة كبيرة وهو ما أسس حتى الآن لعلاقات قوية بين الأردن وعُمان.
 
لقد ساهمت عُمان في دعم اقتصادنا الوطني في الظروف الصعبة التي مرت بها الأردن، وكان لمواقف السلطان قابوس أبلغ الأثر في نفوس الأردنيين يوم وفاة المرحوم الملك الحسين وغيرها من المواقف.
 
يذكر الفريق الطبيب داوود حنانيا في حديث لي كيف ساهم السلطان قابوس بتأسيس مركز الملكة علياء لأمراض وجراحة القلب. ويقول إنه زار المدينة الطبية العام 1979 وحضر اجراء عملية قلب وبعد الانتهاء منها دعاه الملك الحسين للغداء مع السلطان قابوس، الذي قال له ماذا تتمنى أن تعمل؟. فرد حنانيا بأنه يطمح لتأسيس مستشفى للقلب. وبعدها بفترة طلب الحسين من حنانيا الذهاب مع وزير البلاط عامر خماش إلى السلطان قابوس حيث قابلاه في صلالة وقام السلطان الراحل بالتبرع بمبلغ 21 مليون دولار وقد تم بالفعل إنشاء المركز وجرى افتتاحه العام 1982 برعاية الملك الحسين والسلطان قابوس.
 
هذه واحدة من قصص كثيرة عن دعم الراحل قابوس للأردن وهناك غيرها ممن يحفظه رجالات القصر والدولة، وقد تعمقت العلاقة مع الملك عبدالله الثاني بقوة، وزادت وتيرة التنسيق والتعاون في جميع المجالات بين البلدين.
 
أما الأردن فقد وقف إلى جانب السلطنة في السبعينيات من القرن الماضي، عندما حدثت اضطرابات أمنية داخلية، فيما يسمى «ثورة ظفار» فكان إن أرسل الراحل الحسين قوات أردنية عسكرية قاتلت إلى جانب الجيش العُماني حتى استقرت الأمور وعادت الحياة إلى طبيعتها وهو أمر قدّره كثير السلطان قابوس وعمّق العلاقة المتميزة بين البلدين كما تعمقت علاقته بالملك الحسين.
 
الأردنيون الذين شاهدوا أمس الانتقال السلس للحكم في عُمان وهو وصية السلطان قابوس اعجبوا كثيراً بهذا الاستقرار السياسي والدستوري ووجود مؤسسات الدولة المستقرة،وإجماع العائلة ومجلس الدفاع على الخليفة الجديد السلطان هيثم بن طارق آل بوسعيد الأمر الذي يدل على قوة الدولة العُمانية واستقرارها السياسي والدستوري وهو أمر قل نظيره في بلدان عربية اخرى.
 
برحيل السلطان قابوس، فإن عملاقاً آخر من عمالقة الزعماء العرب يترجل وتفقد الأمة العربية. رجلاً عُرف بحكمته الواسعة وقاد بلاده إلى التميز وكانت سياسته قائمة على عدم التدخل بالشؤون الداخلية لأي بلد عربي. رحم الله السلطان قابوس وعزاء الأردنيين لخليفته وشعبه، والدعاء إلى الله أن يحفظ الشعب العُماني الشقيق.