Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Oct-2018

كيف يَتِم «استيلاد» الحكومات... لبنان مِثالاً - محمد خروب

 

الراي - في لبنان وبعد خمسة اشهر من تكليف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، تشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات السادس من ايار الماضي،التي افضت الى خريطة أوزانٍ وأحجامٍ حزبية جديدة,بعد اعتماد قانون انتخابي جديد نهض على أنقاض القانون المعروف باسم»قانون الستين»،والذي بات (القانون الانتخابي النسبي الجديد) في حُكم»الميت»وغير القابل للاستمرار،إثر ما اعتوَره من نقائص وما افضى اليه من التباسات وتكريس عميق للطائفية والمذهبية،وتمتّرُس في فضاء المواجهات بين ابناء الطائفة او المذهب الواحد.نقول:بعد ان بدت مهمة الحريري صعبة وآيلة للفشل،على نحو اقترب الرجل من حال»الإعتذار»عن التأليف،بكل ما يحمله هذا الاحتمال من دخول لبنان في ازمة سياسية قد تطول وتأخذ الاوضاع المأزومة أصلا إلى ما هو اسوأ,برزت فجأة الى السطح إمكانية الاعلان عن حكومة جديدة قبل نهاية هذا الاسبوع او في مطلع الاسبوع الجديد على ابعد تقدير،ما اثار المزيد من التكهّنات عن الاسباب التي وقفت خلف هذا التطور غير المتوقَّع،وإشاعة اجواء من التفاؤل بقرب حدوث انفراجة وبخاصة بعد ان وصلت العلاقات بين الطرفين الاقوى في الجانب»المسيحي»من المعادلة اللبنانية الغارقة في اتون الصراع الطائفي والمذهبي،حدود الطلاق والتراشق الإعلامي المتصاعِد في عنفه الكلامي والذاهب بعيدا في محاولة إلغاء الآخر,ونقصد هنا التيار الوطني الحر بزعامة وزير الخارجية جبران باسيل صهر الجنرال عون،وحزب القوات اللبنانية الذي يقوده سمير جعجع,وكلاهما – خصوصا الاخير – لا يُخفي طموحه بل شبقه للوصول الى قصر بعبدا والجلوس على مقعد الرئاسة،سواء بعد انتهاء ولاية الجنرال ميشال عون الذي يطوي هذه الايام سنتين من ولايته (مدتها ست سنوات),ام اضطّر للإستقالة لأسباب صِحية او في حال تدخّل القدر.
جديد المشهد اللبناني المفاجِئ والذي تتحدث الأوساط السياسية والحزبية وخصوصاً الصحافة اللبنانية عنه وفي تفصيل لافت،هو تدخّل فرنسي محمول على ضغوط مُورست على الاطراف ذات الصلة،المتصارِعة على عدد الحقائب ونوعِيّتهانفي الوقت نفسه الذي يغيب فيه دور بعض الدول الاقليمية التقليدي في المشهد اللبناني، لأسباب تتعلّق بمستجدات مَحليِّة طارئة وضاغطة في بعدها الدولي ما أدّى إلى تراجُع أولوياتها وبخاصة إزاء لبنان.
هذا يعني،اذا لم تحدث مفاجأة في اللحظة الاخيرة، ان سعد الحريري سيبقى في صدارة»التمثيل السُنِّي»بعد ان كان لوّح بأنه اذا ما اضطّر لـ»الإعتذار»فانه لن يقبل»التكليف»مرة ثانية.ما يُؤشّر الى تَلقِّيه دعما خارجيا بالإصرار على مواقِفه،التي بدت بدعم اقليمي ودولي في حال جعجع على وجه التحديد،الذي يبدو حتى اللحظة بأن دولاً مُنسجِمة حدود التطابق والتماهي مع مواقف سمير جعجع ووليد جنبلاط،اللذين يتمتعان اقليمية واخرى دولية وعلى رأسها الولايات المتحدة (دع عنك ايضا حليفته... اسرائيل),تُراهِن عليه مستقبلاً كرئيس للجمهورية،في حال انقلاب معادلة التحالفات والاصطفافات وموازين القوى القائمة الآن في لبنان والمنطقة.
لن تكون مُهِمَة الآن وبخاصة بعد حلّ عقدة التأليف،تفاصيل الصراع على»الحقائب»الوزارية بين الاحزاب والكتل والشخصيات المُرشّحة لدخول حكومة الحريري.كما ليس مُهماً اذا كان سمير جعجع قد حصل على ما كان اصرّ للحصول عليه وهو خمس حقائب،فيما بات مُؤكداً انه لن يحصل سوى على اربع,منها موقع نائب لرئيس الحكومة دون وزارة.أو ان وليد جنبلاط توصّل الى تسوية مع غريمه الدرزي طلال أرسلان,بحيث تكون له حقيبتان فيما الثالثة لا تذهب لأرسلان,بل يتّفِق الاثنان على تسمية الوزير الدرزي»الثالث»,ولن تكون لأرسلان شخصِياً,لكن – جنبلاط – لن يدّعي احتِكار التمثيل الدرزي... وحده,كما كان يُصِر على الدوام,تحت طائلة عدم المشاركة في الحكومة العتيدة.
هكذا إذاً يتم استيلاد الحكومات في بعض البلاد العربية.تَدخّلات وضغوط خارجية,وارتهان لمعادلات يتم فرضها وتغدو «عُرْفاً»,على نحو تتطلّع فيه النخب السياسية والحزبية الى الخارج.. الإقليمي والدولي,في انتظار ان يأتي...»أمر العمليات»,فإذا بهم ينصاعون وينتظِمون في «الصَفّ»,الذي عليهم ان يقفوا فيه»على الدور»,وِفق ما يريده»اصحاب» القرار في الفضاءيْن...الإقليمي وخصوصاً الدولي.
kharroub@jpf.com.jo