Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Dec-2014

فجر الأحد*حنان كامل الشيخ

الغد-حالة فصام أصابت شخصياتنا في أعماقها أول من أمس، بعد استيقاظنا على خبر الإعدام! فمن حالة ارتباك أولي إلى ارتياح جزئي إلى ارتياب مؤجل وتساؤلات متزاحمة، ثم متابعات حثيثة لمن هم غيرنا ممن سمعوا بالخبر. كثيرون منا قالوا لنفوسهم المضطربة: "الحمد لله" فلو كنت في مكان أم أو أب نهى الشرفا أو نور العوضات أو الشاب وسام حداد، وغيرهم الكثيرين ممن لم تسنح لهم فرص إعلامية تضيء على قضايا أولادهم وبناتهم المقتولين مع سبق الإصرار والترصد، بكامل الوعي والهدوء في التخطيط، لو كنت في مكان أحد هؤلاء الآباء أو واحدة من تلك الأمهات لا قدر الله، لكنت عبرت عن فرحي وامتناني الكبيرين لخبر تنفيذ حكم الإعدام ذاك الفجر، والذي هزت مفاجأته غير المتوقعة المجتمع الأردني بكل فئاته وشرائحه الاجتماعية، وأطيافه الدينية والفكرية. فمع أن غالبية المعلقين على الخبر قد أظهروا كميات كبيرة ومساحات واسعة من الغبطة والسرور والارتياح، كل حسب معتقده ومنطلقه ومبرراته. ورغم أن غالبية الغالبية تلك كان مبررها هو القصاص الشرعي فيما يتعلق بجريمة القتل، إنما لا يخفى على أحد طول الزفير المحبوس داخل صدورهم، والذي تم إطلاقه بكل العبارات والتعليقات المرتاحة لفكرة أن تنفيذ العقوبة، نعم سيكون رادعا قويا لكل من تسول له نفسه في التفكير بجرائم مماثلة.
ولكن ولأنها قضية جدلية منذ بداياتها ومرتبطة بحق الإنسان في الحياة، وهذا ما لمسناه من تعليقات رافضة لتنفيذ الحكم، منذ بدايات التلويح بالفكرة، فقد تعالت أصوات ردات الفعل الغاضبة من آليات تنفيذ الحكم من حيث التوقيت الذي تم اختياره، أو الأسماء التي وقع عليها الدور، أو أسلوب تبليغ أهالي المعدومين. هذه الأصوات ربما خسرت جولة الدفاع عن حق الإنسان في الحياة، كما ترغب أن تردد دائما متذرعة بأصول الدولة المدنية المراد تأسيس بنيانها على مبدأ حق الإنسان بالعيش، ثم بالعيش الكريم. وفي الوقت ذاته لا تنفك هذه الأصوات على التغني بالعدالة واحترام الآخر وتطبيق القانون على الجميع، على أن يكون قانونا بلا موت يحرم شخصا من الحياة، حسب أفكارهم، حتى لو حرم هذا الشخص نفسه أفرادا آخرين من حياتهم. المدافعون عن هذه الفكرة متمسكون بحق الإنسان بفرصة ثانية بعد أن يتم ردعه بالحبس لمدة طويلة، أو حتى بالأشغال الشاقة؛ هذا مبدأ حضاري وأخلاقي طبعا. لكن ماذا عن ردع الآخرين المستأنسين بهذا المبدأ، لدرجة أنهم سيقدمون على حرمان أشخاص حياتهم وهم مطمئنون في جزء ضئيل من نفوسهم، إنهم وفي أسوأ السيناريوهات المحتملة إن تم كشف جريمتهم، لن يلف حول رقابهم حبل المشنقة أبدا؟!
هذا السجال في الحقيقة لم يملأ المواقع الالكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي فقط، بل هو حوار متشابك الأفكار مشتبك العواطف دار في دماغ ووجدان كل منا، خصوصا بعد نشر تفاصيل صغيرة جرت مع المنفذ فيهم حكم الإعدام، تلك التفاصيل التي أعادتهم إلى خانة البشر العاديين ولو لمدة لحظات!
لكن حين نتذكر حرقة الأهالي المكلومين بأبنائهم المقتولين، وبالأطفال الأيتام والعائلات المجلية عن ديارهم وبالعنف، العنف المستشري في جنبات الشوارع والطرقات والبيوت الذي يستسهل القتل، لأتفه الأسباب وبدم بارد. حين نستذكر الإرهاب وخيانة الأوطان والأهل، نعود إلى تصنيف المجرمين إلى البشر غير العاديين، ونؤيد ولو ضمنيا الحكم الرادع.
أما عن باقي القضايا التي لا تقل سفكا لكرامة الوطن والإنسان، كالفساد وقضايا الأموال العامة والتهريب، فلا أحد سيتوانى عن إبداء سعادته وراحته حين يطبق القانون حرفيا على مرتكبيها. إنما ليس من المنطق أن يشكل ضياع الحقوق العامة في هذه المفاصل الحقوقية القانونية، عذرا لإيقاف تنفيذ أحكام أخرى. بل هي فرصة لتكون هبة قانونية وانتفاضة حقوقية في سرايا العدل لتشمل الجميع؛ القاتل والسارق والمهرب والفاسد والمتحكم في صلاحية غذائنا ودوائنا. وليكن فجرا تستيقظ فيه العدالة على كامل شمسها.