Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Mar-2017

من أجواء يوم الكرامة - احمد ذيبان
 
الراي - ما زلت أذكر صباح ذلك اليوم الربيعي الجميل.. 21 آذار 1968، وزاده جمالاً الانتصار الباهر في مواجهة الغزوة الصهيونية، انتصار كان نتاج تلاحم الجيش الأردني مع المقاومة الفلسطينية، التي كانت «بكرا» نظيفة، لم تتلوث بعد بألاعيب السياسة والانتهازية، كنا صغارا نتخيل أن الفدائي كائن مختلف أقرب الى الملائكة! لم ندرك بعد حقيقة ما جرى في هزيمة 5 حزيران 1967، ولا ما يريد العدو تحقيقه في معركة الكرامة، لكننا بحكم أننا نسكن في منطقة الاغوار – ديرعلا، التي تبعد عدة كيلومترات عن نهر الاردن.
 
كنا نعيش في أجواء المواجهة مع العدو، ونسمع ليلا أصوات الرصاص والاشتباكات، عند تنفيذ عملية فدائية ضد مواقع للعدو في أغوار الضفة الغربية، التي سقطت بيد العدو في حرب حزيران! بل أن أضواء الكشافات الهائلة التي يستخدمها جيش الاحتلال، لرصد تحركات الفدائيين قرب النهر ليلا، تصل الى مسافة عدة كيلومترات باتجاه التجمعات السكانية شرق النهر، التي لم تصلها الكهرباء بعد وتغرقها بالضوء. كانت أجواء صباح الكرامة بالنسبة لنا، أقرب الى خلطة تجمع بين الفرح والرهبة، خاصة أنها كانت فرصة للتعطيل من المدرسة!
 
صحونا على أصوات المدافع وهدير طائرات العدو، وهي تقصف مواقع للجيش العربي وقواعد الفدائيين، وبهدف دب الرعب في نفوس المواطنين، كانت طائرات العدو تنثر منشورات كتبت باللغة العربية، تطالب سكان الاغور بوضع ما لديهم من سلاح خارج منازلهم.. هكذا كان يتعامل العدو مع العرب بغطرسة وغرور، متأثرا بنتائج حرب حزيران «المهزلة»!
 
كان ثمة بطارية مدفع للجيش العربي، قرب منطقتي «عيرا ويرقا « في جبال البلقاء، التي تعلو بلدة الكرامة ميدان المعركة مع العدو الغازي، كان لذلك المدفع شهرة واسعة بين سكان منطقة الاغوار، حيث يشعرون بالفخر والزهو عندما يسمعون صوت قذائفه تنطلق باتجاه مواقع العدو، كانوا يميزون ذلك المدفع بتسميته ب» المدفعية السادسة»، وهو ربما يشبه في شهرته «المدفع العملاق»، الذي كان يتفاخر به العراق في مرحلة ما قبل الغزو الاميركي!
 
كان الناس يطربون لسماع صوت «المدفعية السادسة «، وهي تتصدى لقوات العدو وتقصف خطوط إمداده، وأذكر أن إحدى طائرات العدو من طراز»ميراج»، كانت تقصف قاعدة للفدائيين في منطقة معدي، وكان والدي رحمه الله يتصرف معنا كقائد عسكري، حيث طلب منا الخروج من المنزل الواقع في المزرعة، والانتشار والانبطاح تحت الاشجار المحيطة، وبين حقل الخضار الشمسية التي تنثر رائحة شهية، مثل «البندورة والخيار» قبل عصر البيوت البلاستكية، التي تنتج محاصيل ليس لها طعم..ولا رائحة! ولشدة حماس والدي وتفاعله مع أجواء المعركة وأصوات المدافع، كان لديه مسدس صغير «نمرة 8» فانبطح على الأرض ورفع المسدس، باتجاه إحدى الطائرات المعادية يريد أن يسقطها، ويبدو أن الطيار رصد المسدس، وأطلق «صلية» من رشاش الطائرة باتجاهنا، لكن الله لطف..هذه حقيقة وليست نكتة!
 
في أجواء الذكرى 69 للنصر في معركة الكرامة المجيدة، نعيش اليوم في بحور من الدماء والدموع، يغرق بها وطننا العربي بسب سياسات «ثنائية» الاستبداد والفساد! رحم الله شهداء معركة الكرامة، وتحية لجميع أبطالها الذين قاتلوا ببسالة، ولا يزالون على قيد الحياة.
 
Theban100@gmail.com