Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Mar-2019

التعديل الحكومي.. قراءة بالمقلوب للظرف السياسي ومتطلبات المرحلة

  الاردن 24 -  

أحمد الحراسيس - يبدو أن رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز وبعد انكشاف زيف وعوده وضعفه المزمن، وبعدما لم تعد تصريحاته تنطلي على أحد، وبعد أن صار سببا رئيسا في حالة الاحتقان التي يعيشها الشارع الأردني لدرجة وصول الناس إلى حالة من "اليقين" بوجوب تدخل الملك في ابعاده عن رئاسة الحكومة، لجأ إلى استخدام الاعلام من أجل اطالة عمر حكومته في الدوار الرابع وذلك من خلال تسريب أنباء عن "ضوء أخضر" لاجراء تعديل وزاري على حكومته.
 
لم يُحسن الرئيس منذ اليوم الأول لتكليفه التعامل مع مختلف الملفات التي واجهت حكومته، بل إنه سجّل فشلا ذريعا في احداث أي تغيير ايجابي وواصل السير على نهج أسلافه من خلال الايغال في الجباية وابتداع الأساليب والوسائل الجبائية التي بدأها بقانون ضريبة الدخل المجحف وسيختتمها بالضريبة المقطوعة على المحروقات، وتكريس نهج توريث المناصب والتي تبدّت للأردنيين في تعيينات أشقاء النواب إلى جانب توزير وتنفيع الأصدقاء والمعارف، وتحصين المسؤولين من المساءلة كما شهدنا في فاجعة البحر الميت ومن بعدها سيول الجنوب وأخيرا حادثة غرق عمان التي لم نسمع فيها عن محاسبة أي من مسؤولي الأمانة.
 
ساهم الرزاز في اتساع فجوة الثقة بين الأردنيين ودولتهم بشكل كبير ومتسارع، ومما زاد في ذلك ما شهدناه خلال الشهر الماضي من سوء في التعامل مع أزمة ومسيرات المعطلين عن العمل التي انطلقت من محافظات طالما كانت مهمّشة، بالتزامن مع تسريب ثلاثة كتب رسمية تكشف تعيين ثلاثة أشخاص في وزارة العدل برواتب مرتفعة جدا يكفي أحدها لتشغيل خمسة أشخاص على الأقل، والكارثة أن الدولة استنفرت ليس من أجل المعتصمين أمام الديوان الملكي من المعطلين عن العمل ولا لبحث كيفية وآلية تعيين هؤلاء الأشخاص ومدى شفافية وعدالة العملية، بل لمواجهة وملاحقة من سرّب تلك الوثائق!
 
كما يزيد التكتم الحكومي على تفاصيل صفقة القرن من حالة الاحتقان الشعبي وحالة عدم اليقين التي تسيطر على الشارع، خاصة وأن الأخبار تتوارد عبر مختلف وسائل الاعلام حول هذه الصفقة، دون أن يخرج علينا وزير الخارجية أو رئيس الوزراء بتصريحات واضحة تقطع الطريق على أي فكرة تتعارض مع مصلحة الأردن والقضية الفلسطنية.
 
المحسوبون على الرئيس ومريدوه يحاولون الترويج لبقائه من خلال ثلاثة عناوين رئيسة؛ الأول يقول إن الرزاز اتخذ القرارات الاقتصادية الصعبة ولم يبقَ عليه غير تعديل قوانين "الاصلاح السياسي"، ويجب أن يأخذ مهلة لاستكمال هذه الملفات على اعتبار أن اقالته وتكليف رئيس جديد يعني أن الحكومة القادمة لن يزيد عمرها عن سنة وستذهب مع حلّ البرلمان لدى انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي، وأما الثاني فيرى أنه من الصعب قبول شخص بتشكيل حكومة سيكون عمرها أقلّ من عام، وأما الثالث فيعتقد أن اقالة الرزاز بعد وقت قصير من الحصول على أكبر قرض من البنك الدولي ومؤتمر لندن سيبعث برسائل سلبية إلى العالم بكون الأردن يعيش حالة عدم استقرار، الأمر الذي قد ينعكس على المنح والقروض والالتزامات الدولية التي ستُقدّم للمملكة.
 
لكن الواقع يقول إن الرهان على هذه الحكومة وامكانية تحقيقها انجازات خلال الفترة المتبقية هو رهان خاسر لا محالة، بل إنها مقامرة بما تبقى من ثقة شعبية بمراكز صنع القرار، وستكون كلفة هذه المقامرة عالية جدا على الجميع، خاصة وأن الحكومة تعاني من عدم وجود "نقد" كافٍ لديها نتيجة السياسات الاقتصادية الفاشلة التي تتبعها الحكومات منذ 20 سنة.
 
في الحقيقة إن ما نشهده اليوم من مؤامرة كبرى على الأردن من أجل تصفية القضية الفلسطينية يحتاج بداية إلى تمتين الجبهة الداخلية بازالة الاحتقان الذي تعيشه البلاد، وهذا ممكن بتشكيل حكومة انقاذ وطني لها عمق وثقل شعبي وسياسي، تكون قادرة على التعامل مع الضغوطات الخارجية بالشكل الأمثل، وتكون قادرة على استئصال أدوات الخارج التي تعبث في الداخل الأردني من أجل تمرير أجندات خطيرة، وتكون قادرة على اللعب بالأوراق المتاحة جميعا وبما يخدم المصلحة الأردنية والقضية الفلسطينية فقط، وحكومة تملك الجرأة على مصارحة الشعب فيما يتعلق بصفقة القرن ولا تتكم عليها.
 
المطلوب اليوم هو اقالة حكومة الرزاز وإذا تطلّب الأمر حلّ مجلس الأمة، وتشكيل حكومة انقاذ وطني حقيقية وذات ثقل وعمق سياسي واجتماعي، لتقود البلاد خلال المرحلة الخطيرة المقبلة، فالمواطن لم يعد يحتمل مزيدا من الأخطاء والمقامرة بمستقبله ومستقبل بلاده..