Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Aug-2017

"قرش" لدعم الأقصى: دوافعه وأهدافه - صبحي طه
 
الغد- "ادفع قرشا تقتل عربيا" شعار رفعته المنظمة الصهيونية العالمية لتشجيع الاستيطان والهجرة، ولحشد "الشعب "اليهودي لإقامة "الدولة" في فلسطين و"القرش" لدى الصهاينة له مدلول عنصري استعلائي مقيت، فالضابط الصهيوني المسؤول عن مجزرة كفر قاسم تم تغريمه بدفع قرش (شيكل) لقاء جريمته!! والعرب وفق الرؤية الصهيونية يوسمون بالحيوانات احيانا وبالحشرات احيانا اخرى، ولا يساوون حتى الشيكل! وهذا ما تعود المجرمون الصهاينة على ترداده سواء اكانوا وزراء او اعضاء الكنيست او قيادات روحية وحزبية!!
وبالنسبة لنا فإن القرش شهد قيمة معنوية هائلة لدعم ثورة الجزائر لنيل استقلالها.. وما نزال نذكر كيف كان الاطفال يتسابقون في التبرع بمصروفهم اليومي بالقرش (التعريفة) اضافة إلى كسر حصالاتهم (الخزنة الفخارية) التي يدخرون فيها مصروفهم، وتقديمها إلى الجزائر. كما ان الدعم المادي وجمع التبرعات شكل دافعا معنويا للانتفاضة الاولى، وفي مصر أنشئ صندوق خاص باسم "تحيا مصر" يتقبل تبرعات المواطنين "جنيه واحد" عبر الرسائل الإلكترونية.. ولنا في تراثنا ما يعزز قيمة القرش، ومن الامثال.. ادخر قرشك الابيض ليومك الاسود.. الخ.
انشاء صندوق القرش لدعم الاقصى له دوافع مادية ومعنوية لا تقدر بثمن، واسم الاقصى له دلالة رمزية تتجاوز المسجد لتشمل المقدسات الاسلامية والمسيحية على حد سواء وفي اطار القدس المدينة المقدسة التي تتعرض لخطر التهويد المتلاحق.
ولا شك ان معركة الاقصى حققت انجازات مهمة في لجم الجموح الصهيوني لتقسيم الاقصى مكانيا وزمانيا، كما ان نضالات المقدسيين افشلت تكريس الابواب الالكترونية والكاميرات الذكية واهدافها.. الا ان تللك النجاحات وهذه الانجازات رغم اهميتها يجب الا تبعث على الاطمئنان، فالرضوخ لمطالب الازالة ما هو الا تراجع تكتيكي مؤقت ينتظر ظروف اخرى تتيح للاحتلال استئناف خططه. هكذا اتسمت سياسات الاحتلال بالمراوغة واللعب بالوقت وتأمين شروط انجاح مخططاتهم في التوسع الاستيطاني والتهويد. فالحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ما تزال تتمسك بعدم اعترافها بمكانة الاقصى كوقف اسلامي، وإطلاق مسمى (جبل هيكل) التوراتي على المسجد والصخرة المشرفة، خير دليل على المخطط الصهيوني والذي يعتبرهما حقا من حقوقه التاريخية، وانه يخضع ضمن الاراضي المتنازع عليها! وفي اطار مدينة القدس الذي يعتبرها العدو العاصمة الأبدية لدولته العبرية، وهذا يفسر سبب رفض حكومات العدو لجميع القرارات الدولية التي تؤكد حق العرب في القدس والاقصى، اضافة إلى مناصبته العداء لكافة المنظمات الدولية التي اتخدت سلسلة قرارات تدين الانتهاكات للمقدسات الاسلامية والمسيحية وكان آخرها قرارات اليونسكو، وكذلك الاسكوا، إضافة إلى مئات القرارات الصادرة عن المنظمات والهيئات الانسانية الدولية طيلة سنوات الاحتلال الماضية.
وكالعادة، لم تؤد تلك الادانات والقرارات إلى احداث اي تغيير في سياسات الاحتلال او وقف ممارساته، ما يضع القدس والاماكن المقدسة في دائرة الخطر الفعلي بعد استفحال خطر الحفريات على اساسات وأعمدة المسجد، إلى جانب التكالب من اجل اصطياد عدد من رجال الدين المسيحي لبيع أراض وقفية خاصة بالكنائس كما حصل في الآونة الاخيرة.
إصرار الاحتلال على تهويد القدس يؤكده استنفار الكنيست وسعيه المتسارع إلى اصدار عشرات القوانين التي تتيح له فرض المزيد من القرارات العنصرية ضد المقدسيين بشكل خاص وعموم الشعب الفلسطيني بشكل عام، في اطار توسيع استيلائه على اراض ومنازل لم تطلها يده من قبل، وكذلك العمل على تضييق الخناق على سكان القدس لاحداث خلل في التوازن الديموغرافي لصالح المستوطنين، إلى جانب ممارسات الاحتلال لسحب آلاف الهويات المقدسية تحت ذرائع مختلفة. وكذلك رفضه اعطاء تراخيص البناء، وما رافقها من هدم مئات المنازل غير "المرخصة" كل ذلك ادى إلى زيادة المعاناة التي طالت طالت عشرات الآلاف من المقدسيين الذين يعانون من آثار اتخذت صفة العقوبات الجماعية او العمل على ما يسمى بحملة تهجير(ترانسفير) الصامت.
والسؤال المطروح أين مكانة مشروع قرش الأقصى في هذا التحدي!؟
إن مجرد تأسيس صندوق خاص للدعم يشكل خطوة عملية لها مردود معنوي هائل، إضافة إلى مردود اقتصادي لا يستهان به، ففرض ضريبة القرش لهذا الغرض يعطي المواطن دفعة معنوية يجعله اقرب إلى المشاركة في معركة بعد سنوات من التهميش.. وهذا يشكل دافعا لمختلف فئات الشعب في نجدة "الاقصى" بمفهومها الواسع، خصوصا اذا ترافق ذلك مع حملة اعلامية واسعة تعرف عن مكانة القدس وترسيخها في الوجدان العربي.
ومن الناحية المادية، يمكن تصور ما يجنيه هذا الصندوق من أموال مهمة، خصوصا إذا شمل مختلف القطاعات الرسمية، والخاصة والمؤسسات الاقتصادية، البنكية والتجارية والصناعية، إلى جانب فواتير الماء والكهرباء والمركبات والجمارك وضرائب المغادرة والمدارس والجامعات والنقابات المهنية والعمالية والتعليمية.. إلخ. ولا شك أن قيمة هذا الدعم تزداد عندما تقترن بإنجاز مشاريع واقعية داخل القدس تشمل كافة القطاعات المحتاجة إلى الدعم وفق اولويات مدروسة وخاضعة لخطة عمل وبرمجة مبنية على دراسات معمقة من ذوي الاختصاص ومحصنة بكفاءات تمنع التسيب والفساد وتعطي أملا لمزيد من الانجازات المحققة على أرض الواقع.
ليس ثمة ما يبرر السكوت على مخططات العدو التي باتت تهدد أمننا القومي، وكذلك استمرار القوى الصهيونية في انتهاك سياسة الدولة والتطاول على كرامة المواطن بل ممارسة عنجهية غير مسبوقة في الاستهتار بمكانة الأردن وأمنه وسيادته.
إن انتهاك "إسرائيل" لمعاهدة وادي عربة، يبرر لنا القيام بخطوات عملية للدفاع عن حقوقنا في بيت المقدس والإصرار على حماية مقدساتنا انطلاقا ليس فقط من واجبنا الديني والقومي، وإنما من حقنا في الوصاية الهاشمية التي أكدتها حتى المعاهدة ذاتها إلى جانب القرارت الدولية التي كرست حقوقنا بدون أي لبس.
ومن هنا نقول أن مجلس النواب باعتباره السلطة التشريعية والمؤتمنة على مصالح الأمة، معني وبشكل مباشر لوضع القدس على رأس أولوياته من خلال وضع استراتيجية متكاملة مستندة إلى برامج عمل ليس فقط للتصدي لمخططات الاحتلال، وإنما درءا لأي تطورات قد تضعنا امام مخاطر حقيقية بفعل تنامي الأطماع الصهيونية واستمرارها في الاستهزاء بمكانتنا كدولة والتطاول على سيادتنا وكرامتنا الوطنية كشعب.
وإلى حين وضع هذه الاستراتيجية المطلوبة.. فإن دراسة إنشاء صندوق "القرش لدعم الأقصى" (ضمن المفهوم الذي حددناه) وتأمين شروط تحقيقه، يشكل ردا عمليا على ما نواجهه من أخطار، وفي حال تنفيذه سيكون له مردود إيجابي واسع من شأنه ان ينقل الدعم المؤقت، ان وجد أصلا، إلى دعم دائم يساهم في تعزيز صمود الشعب المقدسي في مواجهة خطر الترحيل وذلك عبر مشاريع ملموسة تنقذ الوضع المتدهور التي تعيشه المدينة المقدسة، وتوفر شروط مواجهة خطر التهويد الذي يتعرض له المسجد الاقصى، كما يشكل خطوة مهمة لتوسيع هذا المقترح ليشمل البرلمانات الشقيقة والصديقة، ويمكن تصور مدى إيجابية ومردود هذه الخطوة إذا ما لاقت هذا التجاوب المأمول.