الراي - هذا العنوان ليس عندنا بل في الدول الاوروبية والمتقدمة أكتشفته من حفيدي الإيطالي الذي يعيش في روما ، حضر الى عمان لقضاء عيد الميلاد وكان عمره 6 سنوات ، رافقته قبل العيد بيومين لشراء بعض الهدايا له كنا وحدنا في السيارة وكان جالساً بجانبي وفجأة في أحد شوارع عمان فتح شباك السيارة وبدأ يصرخ على سائقي السيارات فقلت له: ماذا بك ؟ قال: لماذا يستخدمون الزمامير ؟ قلت له: من قال لك ذلك بعدم ازعاج الاخرين في قيادة السيارات قال: المدرسة ثم ازداد غضباً عندما رأى تجاوز السيارات على اليمين وكل التجاوزات الاخرى.

 

انتهينا من الشارع ودخلنا في شارع آخر سمعت صافرة سيارة الاسعاف فصرخ بي قائلاً: توقف على يمين الشارع قلت له: لماذا ؟ قال: يوجد مريض بحاجة الى الوصول الى المستشفى لإسعافه قلت له: من قال لك ذلك ؟ قال: المدرسة.

 

وفي طريقي الى الفحيص لشراء هدايا العيد فتحت شباك السيارة لألقي باكيت الدخان الفارغ فصرخ بي قائلاً: لا يجوز اترك الباكيت وضعه في اقرب حاوية قلت له: من قال لك ذلك ؟ قال: المدرسة وكنت اسأله عدة اسئلة لأتعرف كيف يفكر كان في اجاباته يحلل بعد ان يفكر, فأدركت ان الطفل يتعلم في مدرسته كيف يفكر ويحلل سألته سؤالاً اردت ان اعرف ماذا يقال لهم في المدارس قلت له لديكم في روما مسجداً كبيراً يذهب اليه المسلمون للصلاة وانت في بلد كاثوليكي أجابني طبعاً مسلمين يجب ان يكون لهم مكان للصلاة كما انا يوجد لي مكان للصلاة في الكنيسة لا فرق بيني وبينهم ، قلت له من علمك ذلك ؟ قال: المدرسة أدركت ان خلق اجيال تحترم الآخر وتدعو الى التسامح والمحبة تبدأ من المدرسة وأدركت ان خلق اجيال تفكر ولا تتلقن تبدأ من المدرسة وادركت ان خلق اجيال المعرفة تبدأ من المدرسة وخلق اجيال الفن والتكنولوجيا والمهارة تبدأ من المدرسة وصناعة العقول تبدأ من المدرسة ووجدت الفارق الكبير بين بناء العقول وتجهيل العقول وبين تحرير الفكر وسجن الفكر فتحرير الفكر يعني تقدم الفكر فكلما تقدم الفكر تقدم العلم وتقدمت التكنولوجيا والاختراعات وتقدمت الشعوب سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وغيرها وترسخت قناعتي ان أم المشاكل في عالمنا العربي بل أم الازمات هي التخلف الفكري وهي سبب تخلفنا الحضاري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي ، ومما يُحزن في ايامنا هذه ان مرحلة تجهيل الاجيال وصلت الى مرحلة اصبحنا فيها في آخر الامم.

 

تقدم الفكر في الدول المتقدمة فوصلوا الى القمر وبعد 10 سنوات سيصلون الى المريخ في حين نحن تراجعنا 1400 سنة ونقود اليوم معركة فكرية سني وشيعي.

 

تقدم العالم واخترع الفيسبوك ونحن نستخدمه في الشتم والقدح تقدم العلم واخترع السيارة ونحن نغلق مسار الطريق في مناسبة الافراح تقدم العلم وفتح المدارس والجامعات ونحن نكسر المدارس والجامعات في معارك عشائرية وجهوية ونعتدي على المعلمين تقدم العلم في الطب والاطباء ونحن نعتدي على الطبيب تقدم العلم وصنع كاميرات التصوير على الطرق ونحن نكسر الكاميرات وتقدم وتقدم وتقدم العالم ونحن ونحن ونحن.

 

مناسبة هذا المقال الورقة النقاشية السابعة التي طرحها جلالة الملك والمتعلقة بالتعليم جلالة الملك أكثرنا تقدماً فكرياً فهل نلحق به.