Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Apr-2015

مريد وتميم البرغوثي يستذكران رضوى عاشور وينحازان للحرية
الدستور - رشا عبدالله سلامة
«ليت هذه الأمسية ما كانت؛ لأن رضوى ليست فيها».. بهذه الحسرة كلها، استهلّ الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي أمسيته الشعرية التي اقتسمها وابنه الشاعر تميم، مساء يوم أمس الأول، على مسرح قصر الثقافة، والتي تأتي في سياق الاحتفاء بالروائية المصرية رضوى عاشور، التي رحلت مؤخراً بعد معاناة مع السرطان.
اعتلى مريد المسرح، شاكراً «كل من فكّر ودعى ولبّى ونظّم، ورضوى التي جمعت هذا المساء على نفسه وجمعت تميم البرغوثي ومريد البرغوثي في أمسية معاً لأول مرة»، مضيفاً «التحية أيضاً لمن لم يستطع أن يحضر. وليت الأمر بيدي، لكن سيصلهم ما سيصلكم».
وكانت الأمسية، التي جاءت ختاماً لمعرض نون للكتاب المستعمل والذي تنظمه مبادرة «انكتاب» الثقافية غير الربحية، والتي قدّمها الروائي أيمن العتوم، قد بدأت بقصيدة مريد لرضوى، وهي لمّا تزل في المرحلة الجامعية. يقول:
 
«كما يدخل الماء جوف الصخور/ بقريتنا في فصول الشتاء/ يشق له ألف درب بباطن أعلى الجبال/ ويخلد فيها كالثعلبة ترقب/ ويضغي لوقع خطى المزارعين/ وشق المحاريث للأرض عاماً فعاماً/ ويخرج نهراً ونبعاً ونافورة تسكب/ فيشرب منه اليمام وأهل القرى/ وقوافل ضلت وسنجابة تلعب/ وتنغمر الأرض بالبرتقال/ وتحمرّ فيها الورود، وتنضج كل الثمار الوليدة/ كذلك حبك يدخلني/ ويشرق وجه القصيدة».
في وقت أكمل فيه مريد منادياً رضوى بأن تأتي؛ لأن «طرقات الباب ما عادت نفسها» و»لأن عنوان البيت تغيّر»، فإن تميم الابن خاطب والدته، قائلاً بالعامية المصرية:
«الكون قفل فجأة وسابني في العدم واقف/ نهر الشوارع فضى نهر البشر ناشف/ يا أمي حق البكا يبقى حزام ناسف/ يطبقّ الأرض زي التوب حيطان وأساس/ يا أمي رحتي وراح ربنا معاكي/ القصة كلها ملهاش لازمة لولاكي».
أضاف تميم، في قصائد أخرى، بأن «رضوى عاشور اقتراح بوجود بشر أحسن» وبأنها «امتحان الشعر وشهادته الكبيرة»، ممهداً للحديث عن الثورة المصرية من خلال فجيعته برحيل والدته، قائلاً «كسر خاطر بنيّة مش حدث عابر. يوم القيامة بدايته كسر الخاطر»، ليقول عنها مريد «أنتِ جميلة كوطن محرر، وأنا متعب كوطن محتل. أنتِ حزينة كمخذول يقاوم، وأنا مستنهَض كحرب وشيكة. أنتِ مشتهاة كتوقف الغارة، وأنا مخلوع القلب كالباحث بين الأنقاض. أنتِ جسورة كطيّار يتدرّب، وأنا فخور كجدّته».
مريد كان كما دوماً يخطف الكلام خطفاً، أنيقاً، وبرغم الحزن واقفاً كرمح على المسرح، وكان نخبوياً في اختياراته وفي إلقائه الشِعر، حتى حين تناول مشهداً فلاحياً عفوياُ كما في قصيدته «غمزة». حينها ارتقى بالمتلقي وأشعره بقيمة القطعة الشِعرية التي لن تمّحي من ذاكرته، بل هو اختار كالعادة قصائده المشاكسة، ذات الثيمات الجدلية العميقة، كـ «الشهوات»، متهكماً في قصيدة أخرى عن صورة المرأة النمطية في القصائد.
تميم، على الطرف المقابل، كان ذا نَفَس طويل، شعبوياً بامتياز، في اختياراته وإلقائه وتعاطيه مع الجمهور، مستجيباً له بقراءة قصائد من قبيل «ستي أم عطا» و»القدس» و»قالولي بتحب مصر؟»، بل حتى عند اختياره قصائداً أعقد قليلاً كـ «البردة» أو ذات ثيمة إيمانية وسياسية جدلية كـ «يا هُبل اسمك بدحّك»، كان تعاطي الجمهور بكثير من الضجيج والتصفيق المتكرر بل والتصفير في مرات!
تقول سارة إحسان، ذات الثمانية عشر عاماً، بأنها ارتادت الأمسية لكونها تضم «رمزان في الشِعر العربي هما مريد وتميم»، واصفة إياهما بـ «العمالقة»، اللذين انتظرَهما بفارغ الصبر، بحسبها، مكملة «هما قدوة لي ولكثير من الشابات والشُبّان».
وتشبّه دانة البرغوثي، ذات العشرين ربيعاً، والتي أتت برفقة عائلتها للأمسية، قصائد الشاعرين بـ «صوت أسمهان في الغناء»، متسائلة «كيف لا آتي بلهفة وهما من فرسان الشعر؟».
بدوره، يقول رامي محسن (25 عاماً) بأنه دقّق في قصائد الشاعرين، فانحاز للأب مريد، واصفاً إياه بـ «المتمرّس، الواثق، بل والمحترف في إلقاء قصائده على الجمهور»، مكملاً «أما تميم، فوجدت لديه قصائد قوية، لكني لم أكن مرتاحاً كثيراُ لطريقة الإلقاء، التي وجدتها مفرطة قليلاً في مجاراتها لمزاج الجمهور».
ختم مريد الأمسية بعناق طويل مع ابنه تميم، ومن ثم تواصل حميم مع الجمهور الذي تدافع للصعود إليهما للمسرح، بعد أن قال بأن له الحق بتوجيه أي رسالة يرغب بها لإسرائيل؛ ذلك أنه أكبر منها بأربعة أعوام، مجدداً شكره للحضور، مثلما فعل ابنه تميم كذلك الأمر، عبر أبياته الشِعرية.