Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Nov-2018

نحتفل بطريقة أخرى* رمزي الغزوي
الدستور -
 
يبدو أننا نمتلك طبيعة بشرية مختلفة، لا تخضع لفيزياء الأفعال وردودها وحساباتها، فنحن نحمى بأسرع من ملح بارود محمص في مقلى، ولكننا نبرد بذات السرعة أيضاً، وتخور قوانا.
وكذلك نمتلك ذاكرة قوية للأحداث البعيدة (الذاكرة بيعدة المدى) بحيث نتذكر تفاصيل الهجرات السامية الأولى من جزيرة العرب قبل آلاف السنين، وننسى ماذا كان عشاؤنا، أو عدد  قتلى الغارات الإسرائيلية على غزة، أو عدد التجاوزات الفاضحة في تقرير ديوان المحاسبة. ذاكرتنا قصيرة الأمدة مهترئة ومخبولة.
جاء في معجم لسان العرب لابن منظور تحت باب حفل: حَفَل الماء واللبن يحِفل حَفْلاً وحُفُولاً وحَفيِلاً أي اجتمع، وحفلت السماء: اشتدَّ مطرُها وجدَّ دفعها، وحفل القومُ: اجتمعوا واحتشدوا. أي أن الاحتفال في معناه العام والشامل يعني الاجتماع والاهتمام بالشيء.
بعيداً عن الفتوى الخلافية التي تنهى عن الاحتفال بعيد المولد النبوي وتحرمه لدخوله باب التقليد للغرب وعاداتهم، أرجو أن أتساءل مجدداً: ماذا نفعل في هذا اليوم الأغر غير أن نعطل، ونمعن بالنوم الرخي حتى الظهيرة، فيما يتكفل التلفاز بإعادة فيلم الرسالة الذي حفظناه عن ظهر قلب، وفيما يهب خطباء المساجد لتكرار خطبهم التي أطلقوها على مسامعنا في احتفال العام الفائت أو الذي قبله: لا فرق.
أمتنا الإسلامية التي تشكل أزيد من خمس العالم تحتاج أن تكون ذكرى المولد النبوي خطوة فاصلة في أفعالها وحياتها، على مستوى الأفراد والمجتمعات، تماماً كما كان مولد هذا الرسول العظيم عليه السلام المفصل الأهم في حياة البشرية. فمثلاً ماذا فعلنا بخصوص الإساءات والإفتراءات التي أطلقها بعض الغربيين قبل سنوات، نحن حمينا وانفجرنا بسرعة البارود المحمص، وأقمنا الدنيا ولم نقعدها، ولكننا بغضون إسبوع بردنا ونسينا، وكأن شيئاً لم يكن؛ لأننا نتحرك تحت مبدأ (الفزعة)، ولهذا تجيء أعمالنا انفعالية، غير مبنية على روية التعقل والحكمة وبعد النظر.
أنا مع الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، ومع التذكير الدائم بهذا الحدث الأبرز، كلما واتت الفرصة، ومع العمل الجمعي والمنظم لإيضاح الإسلام للعالم بصورته الصحيحة، وأن لا نترك المتطرفين يرسمونه بطريقتهم، وبما أنه يوجد مئات الفضائيات الغنائية والفضائحية وغيرها.
لماذا لم نفطن أن نخاطب عقل العالم بلغته بطريقة ذكية ومنطقية، بعيدة عن عواطفنا، وأن لا ندع مجموعة من الإرهابيين يفرضون صورة الإسلام في شاشات العالم وتفكيره ورؤيته. فأين الفضائيات التي أنشئت لمخاطبة الرأي العام الدنماركي مثلاً، أو السويسر أو الأمريكي وغيرها. نحن ننفق المليارات على توافه الأمور بسخاء ونبخل في هذا الأمر الجلل.
وسيبقى السؤال الأهم: كيف سنقنع العالم مرة أخرى براية رسول الله بعد أن لوثها داعش المدعوش؟