Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Jul-2018

عقد اجتماعي جديد... لم لا؟ - د. فيصل غرايبة

الراي -  استغربت كما الكثير اعتراض بعض المنشغلين بالسياسة واستهجان بعض المهتمين بالشأن العام، لما اعلنه رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز عن عزم الحكومة العمل لصياغة(عقد اجتماعي جديد)يجدد الارتباط ويطور العلاقة بين أبناء أردننا العزيز. في حين أن مثل هذا العقد المتين الذي يتوافق عليه اعضاء هذا المجتمع الحيوي لا يعبرالا عن التلاحم والتفاعل والتناغم بين المنتمين للمجتمع والمتعاقدين اجتماعيا على الهدف الواحد والرؤيا الواحدة التي يتضمنها العقد الاجتماعي الذي اتفقوا عليه ويستبشرون فيه خيرا لتصويب المنظور وتطوير الأبعاد في ضوء المستجدات وتبعا للمتغيرات محليا وعربيا وعالميا وفي مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية.

إن انبثاق العقد الاجتماعي الجديد من حس المواطنة واستشعار تقدير أهمية التربية والتوجيه للجيل الجديد، أركان أساسية في بناء شخصية المواطن، سيكون انجازا كبيرا على مستوى الوعي في أوساط المجتمع، شريطة أن يتعدى حدود الذهن، ولا يظل محصورا بالحدود النظرية، بل يترجم إلى واقع ملموس على صعيد الممارسة.
يتزامن الاعلان عن النية لصياغة عقد اجتماعي جديد مع تأكيد العزم على الإصلاح واختيار الأسلوب الأنسب لإحداث نقلة نوعية ملموسة في حياة الوطن وفي معيشة المواطن، تتوازى مع طرح قضية المواطنة الحقة التي تبني الوطن النموذج والتي تعبر عن إرادة أهل العزم وعن إرادة مجموع المواطنين الذين يشعرون دائما بمسؤوليتهم تجاه بلادهم.
ولعل العقد المنشود يوضح لنا كيف نحول أفكارنا عن المواطنة والانتماء إلى سلوك لدى الأبناء يتم إتباعه ليس بنية مسبقة للظهور بمظهر العارف لشروط المواطنة، إنما بدافع الالتزام المنغرس بالنفس وتصدقه الجوارح في كل تصرف وفي كل موقف من مواقف الحياة صغر أم كبر، وأن نجعل من الأسرة والمدرسة الميدان الخصيب لاستنبات المواطن بكل مكونات المواطنة والمسؤولية الاجتماعية، جبلت في ذاته كاتجاهات وميول، لايحيد عنها في سلوكه ولا يتخلى عنها في أي ظرف.
وباعتبار إن الشباب طاقة مجتمعية، تشكل القوة الدافعة للمجتمع نحو أهدافه، فقد برزت قضية الشباب، كمحور أساسي ببناء المواطنة المسئولة، التي تدرك واجباتها وتحرص على أدائها، بنفس المقدار الذي تعرف حقوقه، ولتشكل تلك العملية الرابطة بين الشباب والمواطنة، أساسا لنجاح الجهد الوطني للتنمية.
إن المسؤولية الاجتماعية، التي يبلورها العقد الاجتماعي المنشود، لاتقوم كطبيعة في الشخص، ولا تتحقق لمجرد الحث على وجودها لديه، إذ ثمة عناصر مشكلة لها، ومعينة على توافرها، فهي بحاجة إلى اهتمام الفرد بالمجتمع والمحيط الذي يعيشفيه، بحيث يرتبط بهما  عاطفيا ومعنويا، وبمبعث من هذا الارتباط، فانه يهتم أن يكون هذا المحيط آمنا مستقرا متماسكا يرتبط أعضاؤه ببعضهم بروابط التفاهم والثقة المتبادلة، ويشعر هو كما الجميع أن مصلحة واحدة مشتركة تربطهم بهذا المجتمع، وهذا المكان الذي لم يعد حسب مشاعرهم كأي مكان، إذ أن مشاعرهم تدعوهم إلى أداء واجب خدمته وحمايته وتطويره.
ويحتاج الاهتمام بالمجتمع الى الفهم المتبادل بين المواطن والمجتمع، كإطار ثقافي له عاداته وتقاليده وأعرافه ومعتقداته واتجاهات التفكير فيه وآمال الناس العامة وطموحاتهم لمستقبل مجتمعهم، ولكي يفهم المواطن معنى مشاركته في النشاط العام من أجل مصلحة المجتمع، كجزء مهم من أدانه،ويحرز مكانة اجتماعية أفضل عند القيام به.
أما العنصر الثالث، الذي يدركه التعاقد الاجتماعي الوطني فهو المشاركة، بدافع من ذلك الفهم وذاك الاهتمام، لانجاز الأعمال لمصلحة المجتمع، وهي لن تتحقق إلا بتضافر جهود أعضاء المجتمع، وهم في حالة تأهب ورغبة للقيام بأفعال لصالح المجتمع، وخارج إطار المصلحة الشخصية. وهذا ما يتوقع من العقد الاجتماعي الأردني المأمول أن يجليه ويرسخه.
dfaisal77@hotmail.com
عضو المكتب التنفيذي لحزب الاصلاح