Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Sep-2018

كواريسماكي يبحث عن الحياة بفيلمه "على الضفة الأخرى من الأمل"

 

إسراء الردايدة
 
عمان- الغد- تتميز أفلام المخرج الفنلندي آكي كواريسماكي بأنها تفيض بالمشاعر الإنسانية التي يفرد لها مساحة كبيرة، تحديدا للضعفاء والمهمشين والفقراء. ويبحث عادة عن ضحايا الرأسمالية في الوقت الذي يتقن فيه المزج بين الجانب الاجتماعي والسياسي.
في فيلمه الأخير "على الضفة الأخرى من الأمل" الذي نال عليه جائزة الدب الفضي كأحسن مخرج بمهرجان برلين في العام 2017؛ يطرح مشكلة اللاجئين، وتحديدا السوريين وصعوبة الاندماج في مجتمع جديد، والمعاناة والتمييز الذي يتعرضون له، وجاء عرضه ضمن الدورة 30  لمهرجان الفيلم الأوروبي.
أعمال كواريسماكي لا تخلو من الكآبة التي تبنى على حس كوميدي سوداوي، قدمها هنا بقصة للاجئ السوري خالد، وجسد دوره "شيروان حاجي"، والذي وصل حديثا لهلسنكي وتقدم لطلب اللجوء، فيما يبحث عن شقيقته التي فرقته عنها الحرب، وهو ليس أول عمل له عن المهاجرين، إذ قدم فيلما في العام 2001 بعنوان "الملجأ" الذي شارك في مهرجان كان العام 2011 ونال جائزة "الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين".
كواريسماكي غالبا ما يكتب أفلامه بنفسه، وينتجها أيضا في بعض الاحيان، وكان قد قدم في ثلاثيته "فتاة مصنع أعواد الثقاب" العام 1990 و"آرييل" العام 1988 و"ظلال في الجنة" العام 1986؛ الأوضاع الاجتماعية في فنلندا منتقدا الفقر والوضع الاقتصادي، وتحدث عن الرأسمالية في فيلم "اضواء الغسق" من العام 2006.
وكان أول افلام كواريسماكي "الجريمة والعقاب" في العام1983، مستوحيا اياه من رواية  فيودور دويستوفسكي، واختار من أعمال ويليام شكسبير "هاملت يتوجه للعمل" في 1987، وحتى فيلمه "جوها" الذي أخرجه بالأبيض والاسود في 1999 فكان صامتا، لينوع في أساليبه بحثا عن ما هو جديد في الأفكار التي تهتم بجوهر وقيم الإنسانية.
شغف هذا المخرج بالموسيقى واضحا بأفلامه، إذ يستخدم فرقا موسيقية تعزف في ناد أو مطعم، وأبطاله يقتربون من واقعيته كثيرا فهم بالعادة لا يتسمون بالجاذبية وغالبا ما يكرر أسماء ممثليه، أبرزهم ماتي بيلوبا، وكاري فانان، وماركو بيلتولا، وكاتي كوتينن التي قدمت معه نحو 8 افلام.
أحداث أعماله وافكاره غير معقدة تميل للهدوء والحيادية، وشخصياته دائما ما تبحث عن الحياة، ففي فيلم "على الضفة الأخرى من الأمل"، ينقل الإحساس بالتعاطف الإنساني برغم اختلاف الثقافات بحس مباشر من السخرية والعاطفة التي ترتبط بأزمة اللجوء في أوروبا.
مشاهد مختلفة في فيلم "على الضفة الأخرى من الأمل" تظهر العنصرية التي يعاني منها اللاجئون، وايضا الجانب الداخلي للافراد الذين يعانون من الحرمان والفقر والاكتئاب. وظهر بالفيلم صداقة بين المدير ويكستروم (الممثل سكاري كوزماين) واللاجئ السوري خالد، إذ جمعهما القدر للبحث عن بداية جديدة.
سير الأحداث يسير في خطين، الأول حياة ويكستروم وتأقلمه مع وضعه الجديد، والثاني ما يمر به اللاجئ السوري خالد، وتتقاطع طريقهما من خلال عمله في مطعم يديره ويكستروم، ليقدم كواريسماكي تلك التناقضات البشرية للشخصيات المختلفة في الفيلم، وتظهر المفارقات بدءا من غرابة المواقف التي تحصل، والاعتماد على الصورة أكثر من الجمل الحوارية.
الفيلم لم يغفل عن قضية تشغل العالم، ويبحث في العنصرية التي ترتبط بقرارات سياسية متعسفة وغير منطقية أحيانا ضد اللاجئين، وبنفس الوقت يلقي الضوء على الإنسانية التي تتجاوز كل الأنظمة والحدود بحثا عن حياة أفضل، إذ تشابهت كل الشخصيات في متاعبها الحياتية ودوافعها.