Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Nov-2017

طريق بغداد - إربيل .. «غير» سالكة! - محمد خروب

 الراي - بعد شهرين على استفتاء 25 أيلول في اقليم كردستان العراق, وبعد ازيد من شهر على سيطرة الجيش العراقي على المناطق المُتنازَع عليها وتواصل الحصار الخانق الذي فرضته بغداد على الإقليم.. تبدو الامور وكأنها متجهة نحو التأزّم رغم صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا يوم الاثنين الماضي بعدم دستورية استفتاء اقليم كردستان حول الانفصال عن العراق, وهو ما اعلنت حكومة الاقليم قبل صدوره «احترامها» لقرار المحكمة السابق بعدم دستورية انفصال «أي» اقليم عن العراق, إلاّ ان «العقدة» الأكثر استعصاء - حتى الآن - هي رفض «بعض» القوى السياسية والحزبية الكردية، اتخاذ خطوة حاسمة ومُعلَنة بالغاء نتائج الاستفتاء, التي باتت شرطا لازماً لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي للدخول في حوار شامل لحل القضايا الخلافية.

 
صحيح ان حكومة الاقليم اعلنت أن «لا» خطوط حمراء للحوار مع بغداد, في ايحاء بان مسألة إلغاء نتائج الاستفتاء لن تكون عقبة أمام الحوار المُنتظر, إلاّ ان الاعلان ذاته استبطن مقاربة تقول: ان إلغاءً كهذا يجب ان يتم عبر «القضاء». واذ صدر قرار المحكمة الاتحادية العليا، فان جدلا اندلع حول ان المحكمة ذاتها لم تستمع الى «وجهة نظر» الكرد في هذا الشأن, وانما الى رأي طرف واحد من الازمة. ما اعاد الامور الى خط البداية الذي ينتهي بالطبع عند شرط الحكومة المركزية... الغاء نتائج الاستفتاء.
 
ثمة وساطات تقوم بها اطراف عديدة أبرزها الولايات المتحدة الاميركية التي تريد ضمن امور اخرى, «ترقيع» علاقاتها المتدهورة مع اربيل بعد ان اتهمها رئيس اقليم كردستان المستقيل مسعود بارزاني بخذلان الكرد, وانها كانت على علم بـ»اجتياح» الجيش العراقي للاقليم, لكنها لم تُحرِّك ساكنا, بل اعطت الضوء الاخضر له, ولم تمانع في قيادة «ايران» لهذا الاجتياح.
 
إلاّ انها - الوساطات - لم تُحرِز نجاحا يذكر حتى الان, وبخاصة لجهة انتزاع موافقة كردية على الغاء نتائج الاستفتاء, كخطوة لبناء الثقة المفقودة اصلا بين الطرفين، الامر الذي يبدو ان كرد الاقليم يريدون ربط إلغاء كهذا, بضمانات من بغداد تتعهد فيها الأخيرة دفع حقوق الاقليم من الموازنة العامة, وايضا دفع مستحقات البشمركة التي قاتلت مع الجيش العراقي ضد داعش عندما اجتاح الأخير محافظة نينوى وقدمت شهداء وجرحى,واسهمت على نحو لا ينكره احد, في صد الهجوم الواسع الذي استهدفت ايضا كركوك. والأكثر إثارة للدهشة.. أن هناك في الجانب الكردي من «يشترِط»عودة الجيش العراقي الى قواعده قبل 16 تشرين الأول الماضي.
 
ثمة في اقليم كردستان احزاب وقوى لا تشارك الحزب الديمقراطي(حزب بارزاني) تلكؤه في الغاء نتائج الاستفتاء بعد «الهزيمة» السياسية والعسكرية التي لحقت بالاقليم, وتدعو الى انقاذ ما يمكن انقاذه. بل هناك من يدعو الى ممارسة نقد ذاتي ومراجعة شجاعة لكل ما جرى منذ عهد نوري المالكي الذي «كنا في مفاوضاتنا معه، نتصرف بلا مبالاة كبيرة، ونربط المفاوضات بمشروع النفط وكركوك، في حين نُهمِّش المسائل الاخرى مثل المادة «140 «وحدود كردستان وحصة الاقليم من الميزانية الاتحادية» على ما كتب القيادي البارز والمؤثِّر في حزب الاتحاد الوطني... «المُلاّ بختيار» في صفحته على الفيسبوك، في الوقت ذاته الذي اعترف فيه بان المفاوضات المنتظرة مع بغداد تأتي «في وقت.. الوضع السياسي والعسكري غير متساوٍ، والمرحلة تحتاج لاستراتيجية جديدة بالكامل وهذا مستحيل - اضاف - اذا لم نعترف بأخطائنا» موضحاً ان الاستراتيجية المقصودة «هي في حال لم نستطع الحصول على حقوقنا في العراق الفيدرالي، بالتفاوض بحسب الدستوري، فعلينا التكفير بالمقاومة الشعبية الكاملة».. مع التذكير بان قيادياً آخر في الحزب نفسه (الاتحاد الوطني/ طالباني) وهو نصر االله السورجي: اكّد ان اي قرار يصدر من المحكمة الاتحادية، فان الاقليم «مُلزَم باحترامه حتى وان كان إلغاء الاستفتاء».. تُشاركه في هذا الرأي بالطبع احزاب وحركات كردية مُعارِضة, كحركة التغيير والجماعة الاسلامية والتحالف من اجل الديمقراطية والعدالة الذي شكّله مؤخرا القيادي السابق في الاتحاد الوطني برهم صالح.
 
الرفض غير المُبرّر الذي ما تزال حكومة نيجرفان بارزاني تتمسك به لعدم الغاء نتائج الاستفتاء, لن يُسهم إلاّ في تعميق معاناة اهالي الاقليم, الذين وان أبدوا حماسة للاستفتاء كونه يعبر عن حقهم المشروع في تقرير المصير, الا ان ما ترتب على خطوة غير محسوبة كهذه بدت مغامَرة وقفزة في المجهول, عندما اصرت القيادة السابقة للاقليم على المضي قدما في اجرائها, ضاربة عرض الحائط بكل التحذيرات, ومعظمها صادق وحريص ومتخوِّف على الاكلاف التي سيدفعها كرد العراق في منطقة تعمّها الحرائق ويفتك بها الارهاب, وخصوصا الخلافات والصراع على ادوار مُتخيّلة وأوهام وهلوسات مُقيمة لدى البعض، لكن ما انتهت اليه المغامرة هذه يجب وبالضرورة ان يضع من تسلّموا القيادة - ولو مؤقتا - في اقليم كردستان امام ساعة الحقيقة، اذا كانوا بالفعل جادون في وضع حد لحال الحصار والعقوبات المؤلمة على الاقليم.
 
دعوة الامم المتحدة الاخيرة سلطات اقليم كردستان الى «احترام» قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية, التي اعتبرت اجراء الاستفتاء في الاقليم غير دستوري، يُشكِل فرصة لحكومة الاقليم لتجاوز حال «الإحراج» وحفظ ماء الوجه, اذا ما ارادت بالفعل ان تجعل من المفاوضات الوسيلة الوحيدة لحل الازمات المُتدحرجة التي يعيشها العراق, حكومة مركزية واقليماً كردياً... على حد سواء.
kharroub@jpf.com.jo