Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Jan-2020

قراءة فـي «المسار»*بلال حسن التل

 الراي

قد يحتار المرء في تصنيف كتاب الأستاذ الدكتور أحمد البشايرة الذي أصدره بعنوان «المسار.. سيرة ذاتية.. مذكرات.. خواطر» هل هو كتاب مذكرات أعدها وأصدرها صاحبها وقد تجاوز الثمانين من عمره، مما يدل على علو الهمة، وعلى أن العطاء لا يقاس بعدد السنين بل بالإرادة والتصميم على ممارسته، مهما تقدم بنا العمر، حيث يقدم صاحب كتاب «المسار» مثالاً على ذلك فما زال الرجل يحتفظ بذاكرة متقدة، وعزيمة ماضية وأناقة بادية، مثلما كان عليها أيام الشباب وانعكست على أسلوبه في الكتابة، كما هو واضح من كتاب المسار.
 
يصلح الكتاب على أن يكون كتاباً تربوياً حمّله صاحبه وهو التربوي العريق الكثير من القيم والقواعد التربوية، كما يصلح كمصدر من مصادر التأريخ لتطور التعليم في الأردن، منذ أيام الصفوف المجمعة لندرة المدارس وقلتها، إلى مرحلة انتشار المدارس في كل بقعة، وصولاً إلى الجامعات مروراً بكليات المجتمع، وقبلها المدارس الريفية، ودور المعلمين، ومعاهد تأهيل المعلمين، ومثلها تطور المناهج والجدية التي كانت تؤخذ بها قضية المناهج، وقبل الاهتمام بالمدارس ومبانيها وبالمناهج ومعانيها كان الاهتمام الأقصى بالمعلم وإعداده وتأهيله لرسال?ه، ليكون مربياً وقدوة، فقد تحدث الكتاب عن كل ذلك وغيره مما له علاقة بتطور التعليم.
 
والكتاب ينفع كذلك كمصدر لمعرفة حجم التطور في البنية الإدارية للدولة الأردنية، منذ الأيام التي كان فيها للمختار سلطة ونفوذ وصلاحيات واسعة، ثم عندما صار الموظف وقبله القائد الإداري يخضع لدورات تدريب وتأهيل، حتى أيامنا هذه التي صارت فيها الحكومات تتحدث عن غياب ولايتها العامة.
 
كذلك يقدم الدكتور البشايرة في مذكراته صورة متكاملة عن الحياة الاجتماعية الأردنية بأبعادها المختلفة، كيف كانت أفراحنا وأتراحنا، وكيف كانت مواسم حصادنا، وكيف كانت ألعاب أطفالنا، وقبل ذلك كيف كانت بيوتنا في مبانيها ومعانيها، مما يجعل من الكتاب مرجعاً لدارسي الاجتماع وتطوره في بلدنا، كذلك للواتي يتحدثن عن دور المرأة الاقتصادي الذي تضمن الكتاب وصفاً متكاملاً له.
 
ولم يكن من الطبيعي أن تصدر مذكرات رجل ناشط مثل الدكتور أحمد البشايره، دون أن تؤرخ للكثير من المحطات السياسية التي عاشها خاصة تلك المتعلقة بفلسطين التي حضر سقوط ضفتها الغربية في براثن الاحتلال عام 1967، يوم كان مديراً لمعهد إدارة الأعمال في بيت حنينا، وكيف واصل عمله وتحريض طلابه وزملائه على الثبات فوق أرضهم، وكيف اعتقله الاحتلال، بالإضافة إلى الكثير من المحطات التي لها علاقة بفلسطين، مثلما تحدث الكاتب عن الصراع بين جمال عبد الناصر والإخوان وغير ذلك من الأحداث السياسية.
 
كما أسلفت فإن المرء يحتار في تصنيف كتاب «المسار»، هل هو كتاب مذكرات أم كتاب تربوي أم هو كتاب تأريخ، ففيه من ذلك كله، وقد صاغه صاحبه صياغة أدبية تربوية بعقل مفكر مؤرخ فاحص لذلك فإنه كتاب يستحق أن يقرأ.