Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jan-2020

استنفاد روافع الضغط تجاه النووي الإيراني

 الغد-هآرتس

 
بقلم: تسفي برئيل
 
وزارة الخارجية الاميركية أغدقت المديح على ثلاث دول اوروبية هي بريطانيا وفرنسا والمانيا، على قرارها بدء اجراء تطبيق تسوية الخلاف النووي مع ايران. وحسب واشنطن، هذه الخطوة كما تم تعريفها في الاتفاق النووي من العام 2015 يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف الى اعادة العقوبات الدولية التي تم فرضها على ايران، أو على الاقل اجبارها على العودة الى الوضع الذي كانت فيه قبل أن تخرق الاتفاق. ولكن الولايات المتحدة الراضية “نسيت” أن تذكر بأن من بدأ بالخرق هو بالتحديد رئيسها دونالد ترامب، عندما قام بالانسحاب من الاتفاق النووي. وأن السعي لإعادة ايران ليس سوى اعتراف بأهمية الاتفاق النووي ككابح لسلاح ايران النووي.
في هذا السياق من الجدير الاطلاع على تقديرات الاستخبارات الاسرائيلية التي تقول إنه سيكون لدى ايران خلال سنة ما يكفي من اليورانيوم المخصب لانتاج قنبلة نووية واحدة، وبعد حوالي سنة – سيكون لديها يورانيوم مخصب لصناعة صاروخ يمكنه حمل رأس نووي “اذا قررت فعل ذلك”. هذا التقدير يؤكد ايضا على أنه لو تمسك ترامب بالاتفاق النووي فان الفترة الزمنية التي كان فيها محظور على طهران البدء في انتاج اليورانيوم المخصب بمستوى عسكري، كانت ستكون عشر سنوات على الاقل وليس سنة، أي فترة زمنية كان يمكن أن تسمح بالتوصل الى اتفاقات اخرى معها، ربما حتى في مجال انتاج الصواريخ البالستية.
منذ بدء العملية الدبلوماسية لتسوية الخلاف، يوجد للخمس دول التي وقعت على الاتفاق فترة ثلاثين يوما يمكن اطالتها اذا تقدمت المفاوضات بصورة ايجابية، من اجل التوصل الى تفاهمات مع ايران. واذا فشلت المفاوضات فإن هذه الدول يمكنها، معا أو كل واحدة على حدة، التوجه لمجلس الامن الدولي من اجل طلب اعادة فرض العقوبات الدولية على ايران. سيناريوهات المفاوضات يمكن أن تتراوح بين رفض ايران لاجراء محادثات قبل رفع العقوبات الاميركية (بهذا تحسم إيران مصير العملية الدبلوماسية وبين الاستعداد لبدء المفاوضات، وحتى وقف استمرار تخصيب اليورانيوم لفترة محدودة من اجل اظهار نواياها حول التوصل الى اتفاق (وبهذا أن توقف لفترة طويلة نية التوجه لمجلس الامن).
عندما اعلنت ايران مؤخرا عن النبضة الخامسة في خرق الاتفاق النووي، أوضحت بأنها ستكون من الآن حرة في تخصيب اليورانيوم بالكمية والنوعية “المطلوبة لاحتياجاتها”، لكنها لم توضح اذا كانت تنوي تخصيب اليورانيوم لاغراض البحث والتطوير. وقد هددت طهران في الواقع بأنه يمكنها التخصيب بمستوى 20 %، الذي يعتبر العتبة الدنيا للتخصيب لغايات عسكرية (التي تحتاج الى يورانيوم مخصب بمستوى اكثر من 90 %)، لكنها لم تعلن رسميا الى أي مستوى أو كمية تطمح.
هذه التصريحات يمكن أن تلمح الى أن ايران ما تزال تستخدم تهديد التخصيب كرافعة ضغط دبلوماسية من اجل تحقيق هدفها – رفع العقوبات الاميركية. ورفع هذه العقوبات هو أمر حيوي لأنه على الرغم من أن الدول الاوروبية لم تنضم اليها، إلا أنها تقيد الشركات الاوروبية وتمنعها من عقد الصفقات مع ايران، وذلك لأنها واقعة تحت تهديد المقاطعة والعقاب الاميركي. ايضا هذا هو السبب الذي من اجله حتى الآن لم تنجح دول الاتحاد الاوروبي التي تتمسك بالاتفاق في استخدام نظام تجاوز العقوبات الذي كان يمكن أن يحرر ايران، لو جزئيا، من الحصار الاقتصادي.
السؤال الرئيسي هو هل ايران ستتراجع عن المطالبة التي عرضتها حتى الآن وهي أنه فقط رفع العقوبات سيجعلها تجري مفاوضات مع الدول التي وقعت على الاتفاق. يبدو أن ايران توصلت الى استنتاج بأن جهود الفصل بين الولايات المتحدة والدول الاوروبية فشلت. اعلان الدول الاوروبية عن نية البدء في عملية لتسوية الخلافات حتى لو كانت النية هي دفع ايران من خلال ذلك للعودة الى طاولة المفاوضات، يربط مجددا الولايات المتحدة واوروبا.
سلسلة خروقات الاتفاق التي بادرت اليها ايران لم تعط ايضا النتائج المأمولة. وهي تواجه الآن معضلة مزدوجة، استراتيجية وسياسية. من الناحية الاستراتيجية يجب على ايران التقرير اذا كانت تستطيع مواجهة العقوبات الاوروبية الكاملة والعودة الى العقوبات الدولية الشديدة التي فرضت عليها قبل الاتفاق، في الوقت الذي فيه وضعها الاقتصادي هش، حتى لو لم يكن حتى الآن مدمر؛ هل تطوير السلاح النووي هو هدف حيوي ووجودي؛ وهل استمرار تطوير برنامج الصواريخ البالستية هو ضرورة عسكرية لا يمكن التنازل عنها. ومن الناحية السياسية ايران تعترف بتأثير العقوبات على العصيان المدني الذي لا يهدأ. واذا كان النظام على قناعة بأنه يستطيع الاستمرار في قمع الاحتجاج فهو سيضطر ايضا الى دفع ثمن حقيقي من اجل تلبية مطالب الجمهور.
شكل علني، يوجد اتفاق بين رؤساء النظام على الحاجة الى “الصمود” في مواجهة الضغط الدولي ومواصلة “اقتصاد المقاومة” من اجل مواجهة العقوبات. وحتى هذه الاثناء لا توجد جهات ذات نفوذ في النظام تعارض هذا الخط الذي يمليه علي خامنئي. وما يزال يتوفر لايران ارضية مالية كبيرة تستخدمها لتمويل نشاطاتها اليومية، بما في ذلك النشاطات في العراق وسورية ولبنان واليمن. ولكن في هذه السنة اعلنت عن تقليص ميزانية وزارة الدفاع والجيش (لكن ليس ميزانية حرس الثورة، بما في ذلك “قوة القدس). ومطلوب منها ايضا تقليص دعم السلع وميزانيات التطوير.
ولكن ايران ليست الجهة الوحيدة التي يجب عليها حساب خطواتها. فالولايات المتحدة استنفدت سلاح العقوبات تقريبا بالكامل دون أن يؤدي ذلك الى انهيار ايران. خيار عسكري ضد ايران غير مطروح للنقاش، على الاقل حسب تصريحات الرئيس الاميركي ترامب. ويبدو أنه هو ايضا سيكون راضيا اذا نجحت الدول الاوروبية في اخراج حبات الكستناء من النار من اجله. الدول الاوروبية التي حصلت على نصيب الأسد من الصفقات التي عقدتها ايران بعد دخول الاتفاق النووي الى حيز التنفيذ، تطمح الى تطبيقها. ومن اجل تحقيق اهدافها ستكون ملزمة بإقناع ترامب، الذي هو نفسه يسعى الى الوصول الى مفاوضات مع ايران، بإظهار مرونة كهذه تشجع ايران على البدء في المحادثات، وأن يعرض عليها خطة تحافظ على كرامتها وتضمن على الاقل جزء من طلباتها الاقتصادية في مجال العقوبات.
من اجل الحصول على موافقة ايران على التغييرات أو على اتفاقات ثانوية، لن يكون مناص من أن يواصل الاتفاق النووي الاصلي كونه “المرجعية” لأي تغيير. هكذا يمكن لايران الادعاء بأنها لم تخضع للضغوط. والمشكلة في حينه ستكون مع الرئيس ترامب الذي سيطمح كما يبدو الى التوصل الى اتفاق على اسمه، ويوضح بأن الامر يتعلق بـ “اتفاق جديد”. هذه عوائق قابلة للانفجار، والتي يمكن أن تعيق مجرد وجود المفاوضات نفسها. الجانب المتفائل فيها هو أن جميع الاطراف تدخل الآن الى ساحة دبلوماسية مركبة مع عدد أقل من روافع الضغط التي كانت لديها عشية التوقيع على الاتفاق النووي.