Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Jan-2020

أحزاب فاسدة تلد أخرى*محمد سلامة

 الدستور

الأحزاب السياسية في الغرب ظهرت ضمن أدبيات الثقافة في أوروبا وأمريكا، وأضحت صورة مشرقة في حضارتهما ونفوذهما في العالم ،والسمة التي طبعت مسيرتهما مثلت انموذجا غربيا  في التقدم والعلم والمعرفة، فكان التداول السلمي على السلطة اعلى مراتب الانبهار بالحضارة الغربية الصاعدة، إلى جانب الحريات العامة والديمقراطية والتي شكلت في جوهرها تطلعات الشعوب والأمم الأخرى الراغبة في اللحاق بهما.
كثير من الأحزاب السياسية في العالم العربي اخذت اسماء براقة واستقطبت طوائف مذهبية وشكلت في ادبياتها ميليشيات مسلحة (العراق ولبنان نموذجا)،  واضحت عبئا على الشعوب العربية واسست لفساد سياسي واقتصادي واجتماعي لا حدود له، وأخذت الاسم فقط من الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وفي بلاد أخرى طحنت عظام الشعوب تحت يافطة محاربة الإرهاب تارة ومحاربة الاستعمار تارة أخرى، وباتت أحزابا فاسدة تلد أخرى أكثر فسادا.
احزاب عربية في ادبياتها أن يبقى الحاكم في موقعه إلى الأبد لا يتزحزح إلا بالموت أو بانقلاب عسكري أو...الخ وفي دول عربية أخرى تتكتل أحزاب ضمن ائتلافات سياسية فتطيح بهذا الحاكم لفساد أو ضعفه أو....الخ لكنها تاتي بغيره اكثر فسادا وضعفا، والثقافة السائدة تتمثل في المباهاة بالاغتيالات والعدد والتصفية والفساد المالي والاخلاقي والسيطرة وفرض ما تريده، فاغتصاب السلطة من ثقافة قادتها، واستباحة المال العام من صلب عقيدتها والتعامل مع الأجنبي باتت سيرورتها في تبرير البقاء في السلطة  ومارست ثقافة افسدت المجتمعات العربية وبات الحديث عن الديمقراطية والحريات والعدالة من باب التندر في سلوكها وأعمالها، واضحت معضلة يصعب تجاوزها أو إيجاد بدائل أخرى، فالواقع بات اليما بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فكثير من الأحزاب السياسية في العالم العربي فاسدة سواء وصلت إلى السلطة ام لا، والأسوأ أنها تلد احزاب اكثر فسادا، وما تعانيه شعوبنا العربية يتماثل ويتشابه في كثير من جوانبه ولا علاج في المنظور القريب.
غياب المحاسبة والمراقبة والقوانين الناظمة للحياة السياسية، وغياب الثقافة الديمقراطية والاعلام الحر ،وغياب الحرية الفردية، و...الخ ،إلى جانب الاحزاب الدينية الراغبة بالسلطة واختلاط الحابل بالنابل في المواقف السياسية من امريكا وأوروبا وإسرائيل، وشدة البطش والتنكيل في معاملة الخصوم وغير ذلك الكثير، أوجد أحزابا فاسدة تلد أخرى أكثر فسادا، والنماذج عندنا كثيرة، ففي لبنان لدينا حزب لديه قوة عسكرية تفوق قوة الجيش اللبناني، وذات الأمر في العراق، فهناك جيوش لأحزاب ومليشيات لا يستطيع الجيش مواجهتها،..هل يوجد في أوروبا أو أمريكا ميليشيات لاي حزب سياسي؟! ..الجيش في الغرب للدولة فقط، والعمل السياسي للاحزاب ومن ينجح يصبح رئيسا اعلى للجيش، وعندما يغادر ياتي الحزب الاخر برئيس جديد يتولى نفس المهمة.
فساد كثير من الأحزاب السياسية في العالم العربي سياسيا وامنيا وماليا واجتماعيا وثقافيا هدد بنيان وثقافة الشعوب العربية، ودفعها لأن  تكفر بالسياسة وأصحابها وبالاحزاب وقيادتها، وباتت الصورة عندنا الانتقال من مرحلة فساد إلى أخرى ولا علاج لمشاكلنا سوى الإتيان بالاستعمار من جديد.
لا يوجد في معظم الوطن العربي انتخابات ديمقراطية سليمة ولا يوجد حزب سياسي استولى على السلطة وتركها طوعا وان فعل سلمها لآخر أكثر فسادا ضمن محاصصة حزبية وطائفية مقيتة،  وللأسف إصلاح العالم العربي اليوم  بات من المحال،  ولهذا نجد التدخلات الخارجية سواء من إيران وتركيا أو اوروبا أو روسيا وأمريكا والقائمة تطول.