Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Mar-2017

جنوب شرق تركيا: هذا الصمت.. المُريب - محمد خروب
 
الراي - لم يحظ التقرير المدعم بالأرقام والاسماء والمواقع, الذي نشَرَه مؤخرا مكتب مُفوَّض الامم المتحدة لحقوق الانسان، والمفوض بالمناسبة هو الأمير الأردني زيد بن رعد ، عن الفترة بين تموز 2015 وحتى نهاية كانون الاول 2016، يتعلق بالأحداث المُفجِعة والدمار الكبير وعمليات القتل الممنهجة التي قام بها الجيش التركي ضد اهالي مناطق جنوب شرق تركيا, الذين هم دستوريا مواطنون اتراك، بذريعة محاربة «مقاتلي» حزب العمال الكردستاني PKK الذين يُوصمون بالإرهاب ومعروفة مواقعهم وقواعدهم العسكرية ومعظمها في جبال قنديل الواقعة في اقليم كردستان العراق, اما خلاياهم والنشطاء الذين يدورون في فلكه ، فهم لا يتوفرون على قواعد ثابتة داخل تركيا ويتحركون باستمرار, وبالتالي يصعب اثبات انهم يقيمون في قواعد ثابتة داخل المناطق المعروفة بأغلبيتها الكردية والمتمركزة في جنوب شرقي تركيا, وهي «جغرافِياًّ».. جزء من كردستان التاريخية, المُوزّعة على اربعة بلدان, هي بالاضافة الى تركيا.. العراق، ايران وسوريا.
 
نقول: ما رصده التقرير من ارقام وضحايا وحقائق صادمة، لم يحظ باهتمامِ معظم ان لم نقل اغلبية وسائل الاعلام العربية المقروءة والمسموعة وخصوصا المرئية, التي تميل لمجاملة حكومة اردوغان, وترى فيها حليفا ومساعِدا في اذكاء الحرب على سوريا, وتغذية المجموعات الارهابية التي تعيث فيها فسادا وخرابا وقتلا, وايضا في «توظيف» الاندفاعة التركية التي تفوح منها رائحة الاسلام السياسي بنسخته «الإخوانية», لإحداث مزيد من التفتت والانقسام في الصفوف العربية، وبخاصة ان الرئيس التركي ينحاز بلا تردّد ضد أي نظام عربي يقف ضد مشروعات الاخوان المسلمين السياسية, او يستجيب لنداء شعبه من اجل الحؤول دون وصول هؤلاء – او استمرارهم – في سدة الحكم الذي وصلوا اليه عبر تحالفات مشبوهة واخرى لا تخدم مسيرة الديمقراطية وحقوق الانسان والتعددية السياسية والحزبية.
 
ماذا يقول التقرير الأممي؟
 
«ألفا» شخص قتلوا واحياء كاملة دُمِّرت في جنوب شرق تركيا, خلال 18 شهراً من العمليات الأمنية التي شنتها الحكومة التركية, والتي رافقها دمار هائل وانتهاكات خطيرة لحقوق الانسان، واذ تبدو تقارير الامم المتحدة – في معظمها بالطبع – ميّالة الى التوثيق وعدم القطع بمعلومات قد يتم التشكيك فيها، فإنها وهي تورد ارقامها والمعطيات التي تدعم «روايتها», تدعو الى اجراء تحقيق محايد ونزيه وهي ايضا تطلب, قبل نشر تقاريرها، من السلطات والحكومات والمنظمات المعنية, السماح لها بإدخال مُحقِّقين تابعين لها، الا انها في الحال التركية... جوبهت برفض تركي وفي الوقت ذاته لم تتلق اعتبارا من الشهر الماضي, اي رد»رسمي» على مخاوفها، وقال مفوض الامم المتحدة السامي لحقوق الانسان في البيان المذكور (نُشِر الجمعة الماضي): ان تركيا «طعَنت في صحة المزاعم» الواردة في التقرير، و»يبدو – والكلام للامير – انه لم يتم اعتقال مُشتَبه به واحِد, او تقديم فرد واحِد للمحاكمة, ما يعني ان هناك حاجة مُلحّة لاجراء تحقيق مستقل». ختم الامير زيد.
 
نحن إذاً امام حال انكار تعيشها الحكومة التركية, التي تريد التغطية على ارتكاباتها بتصريحات تُشكِّك في التقرير, دون ان تُبدي تعاونا مع المفوضية الأممية, ودون ان تسمح بدخول لجان تحقيق او تقوم هي بتشكيل لجان محايدة لهذه الغاية, سواء كانت لجانا تركية او دولية.. شريطة توَّفر الاستقلالية والحياد.
 
فيما هي – انقرة – لا تتورع عن توظيف وتضخيم, بل واختلاق احداث ومذابح مزعومة وغيرها مما يَبرع اعلامها واعلام بعض العرب المتحالِف معها، والمستفيد من دعمها للجماعات الارهابية في سوريا,عن شيّطنة النظام والجيش السوريين, وأخذِه بعيداً نحو الطائفية والمذهبية والعِرقِية, لهذا لا غرابة ان تصف انقرة التقرير الاممي المُفصّل والمدعوم بالارقام والمعطيات والاسماء بأنه «...استند الى معلومات مُنحازَة وغير صحيحة, وانه يفتقر الى الإحترافية».
 
يكاد المريب يقول خذوني... وإلاّ فالذي لا يخشى هذه المعلومات المنحازة وغير الصحيحة, يُسارِع الى فتح حدوده امام لجان التحقيق, ويقودها بنفسه الى مسرح «الجريمة» إن كانت «مُدّعاة», مصحوبة بطواقم اعلامية وحقوقية, كي تكشف الحقائق للرأي العام التركي والعالمي.
 
هذا لا يحدث، اذ كيف يمكن إخفاء «نصف مليون» شخص معظمهم اكراد، نزحوا عن ديارهم؟ فيما اظهرت صور الاقمار الصناعية «نطاقاً هائلاً للدمار الذي لحِق بالمساكن, جراء استخدام الجيش التركي الاسلحة الثقيلة» على ما قال التقرير حرفياً؟، وكيف يمكن دخول هذه اللجان, فيما «العمليات الأمنية ما تزال مستمرة على فترات متقطعة, رغم حدوث كل هذا الدمار والقتل والتهجير الممنهج؟».
 
التقرير الذي يورد ارقام الضحايا (800من افراد الامن, و1200 من المدنيين, بينهم يمكن ان يكون شاركوا في عمليات ضد الدولة) يتحدث عن حالات قتل مُوثّقة لما يصل الى 189 شخصا, حوصروا لِأسابيع في اقبية ببلدة «الجزيرة» اوائل العام 2016 دون مياه او طعام او رعاية صحية او كهرباء، الى ان لقوا حتفهم بنيران ناجمة عن قصف. وقال التقرير: «إن هناك أُسْرَة تسلّمت (ثلاث قِطع) من اللحم المُتفحِّم, اشار تحليل الحِمض النووي انها كل ما تبقى من.. جثة ابنها».
 
«اطرف» ردود فعل الحكومة التركية, انها دعت المفوض السامي لحقوق الانسان لزيارة تركيا، فيما اعتبر المتحدث باسم الأمير رعد: ان فريق تحقيق تابع للأمم المتحدة ينبغي ان يذهب أولاً, وان التفكير في ان زيارة المفوض السامي, يمكن ان تكون «بديلاً»...هو ضربٌ مِن «العَبَث»..
 
مَن يُعَرِّف...»جريمة الحرب»؟.
 
kharroub@jpf.com.jo