Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Feb-2020

«ضحك السحاب» لمنى حمزة.. الكتابة عن مشاعر الأشياء

 الدستور

يعكس الكتاب الصادر عن «الآن ناشرون وموزعون» بعمّان للكاتبة منى حمزة بعنوان «ضحك السحاب» مشاعر الكاتبة وأحاسيسها بإزاء الأشياء التي تحيط بها التي تمنحها روحا منها.
وتحرص الكاتبة في ظل الموج العاتي من التقنيات ومظاهر الحضارة المادية أن تؤنسن الأشياء بمنحها حواس السمع والبصر وعواطف الحب والود.
يتجلى ذلك في العنوان الذي اختارته الكاتبة لنصوصها بدلالاته السيميائية والنفسية والفيزيائية، فهي لا تتعاطى مع الشجرة بوصفها سليلة مملكة النبات، وإنما تتعامل معها كجارة وصديقة (أنثى) تبثّها همومها وأحلامها وتحكي لها قصصها، وربما تعاتبها. وهكذا يأتي العنوان من تداعيات السحاب وصفاته في علوه وكرمه، فالسحاب فأل خير بما يحمل من مطر وخير، وهو يمر سريعا، فيقال «مرّ السحاب»، وهو يتعالى، فيقول الشخص حينما يسأل حاله: «فوق السحاب»، ولكن الكاتبة في عنوانها ترمز إلى التعالي عن صغائر الأمور الضغائن إلى مرتبة الرؤية الواسعة التي ترى كما يقال بعين الصقر، من فوق، فينتابها الضحك على ما يجرى من تفاصيل يطويها النهار مع مغيب شمسه.
وهي الغيمة التي تجول البلاد كمعادل للحرية، والسحاب هو خزان الحياة بما يحمل من مطر وغيث للكائنات، ولا يفرق بين أحد، فهو يسقي الغني والفقير، والأشجار المثمرة والورود والأشواك دونما تمييز.هذه هي العتبة التي تلج منها الكاتبة للنص الذي يتنوع بين التأمل والتصوير الوصفي للأشياء، ولكن الأمر لدى الكاتبة منى حمزة لا يتوقف عند الوصف المجرد بل تغمر الموصوف بالمحبة التي تراها بعين أخرى، فهي تنظر للشجرة كفتاة عاشقة تتسلل عن الجدار للقاء مع شجرة أخرى، وكأن الكاتبة تصغي بحاسة أخرى لتسمع الحوار بلغة الأشجار فتنقله بلغة خضراء خصبة وطازجة ورقيقة. وهي تكتب بحب.
تقول الروائية سميحة خريس: «منى إمرأة تحب الحياة، لكنها أيضا طفلة تحبها الحياة، عقل يقبل على المعرفة بشغف وروح تلتقط الجمال في أدق التفاصيل، حالة تصنع حولها حراكا ثقافيا له هوية شديدة الأناقة، ثم يفيض من أفكار ومشاعر تشكلت في ذهنها إزاء الكون الذي يحيط بها.
وتضيف خريس: «استطاعت منى عبر بوح رقيق تأمل مسار الأشياء، وأخذت الخواطر من مجرد كلمات تؤثث فيها شبابيك المواقع الإلكترونية إلى كتاب يمثل تجربة محبة».
ويشتمل الكتاب الذي يقع في 179 صفحة من القطع الوسط على خمس أحوال للغيمة، وهي: «شرفات على الحياة»، «سفر»، «خزائن الذكريات»،»وطن»، و»الإيكيبانا». ولكل من هذه الأحوال والفصول حكاياتها عن صور الحياة في الترحال ورحلة التأمل والذكريات والطقوس، حيث تسجل الكاتبة التي أسست صالونها الثقافي كمنصة للحوارات الثقافية للمرأة مزيجا من المشاهدات والمشاعر التي يحس بها الإنسان، وتنقل القارئ لمنطقة لم يكن ليلتفت لها ويراها للمرة  الأولى، وتكتب بفرح غامر عن أشياء تكمن في دواخلنا، ولكنها لا تكشف أسرارها إلا حينما ننظر إليها بحب وعشق.
ومن مناخات النصوص: «لو أملك في فنجاني نورا من شمس تقتحم نافذتي، كما لو أننا خلقنا في الصبح نورا أسكبه في سواد يطلب لمعانا..
لو خلقت من نور، هل كنت لأسأل ما نفع الطين المعجون بالدم حين سكب فيه المولى من روحه؟».
وفي تقديمه للكتاب، يقول الإعلامي د. معن القطامين: «إن الكاتبة تنقل مشاعر لا يمكن للقارئ أن يفهمها إلا إذا مرّ بالتجربة؛ وكتاب «ضحك السحاب».. نتاج لحياة امرأة مثقفة كرست حياتها لنشر المعرفة والثقافة، كما كرست وقتا مهما لتعيش وتنتزع من ثنايا أبسط الأشياء قصة وحكمة».