Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Aug-2016

هكذا دمرت فرص السلام - كارولينا ليندسمان

 

هآرتس
 
الغد- مقال آري شفيط في "هآرتس" أمس يوفر اخيرا حلا للغز تاريخي هام: كيف ولد الطلب العجيب للاعتراف بالدولة اليهودية كشرط لن يكون اتفاق بدونه، ومن هو الجنتلمان الابداعي الذي فكر به.
الجواب الذي يوفره شفيط هام مرتين: أولا، ينظف جزئيا تسيبي لفني من العار الذي لصق بها، لكونها المشبوهة الاساس بالملكية على حق الاختراع لهذا التلاعب الذي لا مثيل له في تاريخ دولة إسرائيل. ثانيا، يصف بشكل دقيق كيف حصل أن رد الفلسطينيون هذه التفاحة السامة، التي قدمت بدهاء يهودي وديمقراطي، وتبادلتها الايادي مرات عديدة، إلى أن اكلها الإسرائيليون انفسهم. 
دون ذرة خجل ينشر شفيط بعبقرية تركيبة السم السرية: "اتفاق السلام كان يفترض أن يبدي النزاع بين الحركة القومية اليهودية والحركة القومية الفلسطينية"، كتب يقول. ماذا تعني "الحركة القومية اليهودية"؟ أغلب الظن يقصد شفيط دولة إسرائيل. صحيح حتى ايلول 1993، حين كان شفيط "يهجم بحماسة وبانفعال" على حد قوله، على الصيغة الكاملة لاتفاقات اوسلو، كانت دولة إسرائيل قائمة منذ 45 سنة. واضافة إلى ذلك، فإن حكومة إسرائيل بجلالها وقعت على الاتفاق (مع الوفد الفلسطيني الذي يمثل الشعب الفلسطيني). أي ان انعدام التماثل الذي لاحظه شفيط في الاتفاق، ذاك "الثقب الاسود" الذي بات هوسه – المطالبة بالاعتراف بحق تقرير المصير للشعب اليهودي في دولة خاصة به – يعبر، في واقع الامر، عن انعدام التماثل الذي كان قائما في لحظة التوقيع على الاتفاق: بين دولة قائمة ومعترف بها وبين شعب محروم من الدولة. 
دولة إسرائيل لا تحتاج إلى الاعتراف بوجودها، لأنها قائمة. وطلب الاعتراف هو تلاعب تاريخي، هدفه خلق استعراض للتماثل. هدفه التغطية على حقيقة أن الشعب الوحيد الذي يحرم من حقه في الوجود حقا – يوميا، وفي كل ساعة، هو الشعب الفلسطيني. النقيض التام اللفظي حقا: وكأن حق تقرير المصير لإسرائيل هو الموضوع، وليس حرمان الشعب الفلسطيني من حق تقرير المصير. وجود دولة إسرائيل ليس موضع شك. ومطالبة الأصليين الفلسطينيين "بأن يعرفوا بانه يوجد شعب يهودي مجاور، هو أيضا صاحب حقوق في البلاد"، هي وقاحة. ذاك الطفل الفلسطيني في الدهيشة أو في بلاطة لا يحتاج إلى تفكير شفيط بوجود دولة إسرائيل. ومطالبته بان يعترف بها فيها رائحة سادية. فمعقول اكثر الافتراض بانها حتى في كوابيسه تلعب دور النجم. 
يواصل شفيط القول ان النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني ليس اقليميا، بل وجودي وعلى الهوية. هذه بالضبط اللحظة التي يتذوق فيها شفيط من السم الذي طبخه بجلاله للفلسطينيين: إذ فقط من يشكك بحق وجود دولة إسرائيل يمكنه أن يقول ان النزاع ليس اقليميا. وليس صدفة ان يجمل شفيط مقاله فقط بصراخات يائسة للعالم كي لا يرفع اليد عن تصريح بلفور، على قرار تقسيم الامم المتحدة، على اعلان الاستقلال وعلى حق وجود دولة إسرائيل. لا اقل. ليس فقط بالنسبة للاجئين بل وأيضا بالنسبة للمطالب الاقليمية تعيد إسرائيل الفلسطينيين  والعالم كله إلى الوراء. 
حتى هنا، كان النقاش على حدود 1967، أي خطوط 1949، وليس على حدود التقسيم. فقط من يرفض "الاكتفاء" بالطابع الاقليمي للنزاع، ويمتنع عن تقييد نفسه بالمناطق التي احتلت في الـ 1967 – المنطق الذي تنطوي عليه الصيغة البسيطة "الارض مقابل السلام" دون لمس أي من الروايتين – يمكنه أن يجد نفسه يشكو من لمسهم له ببلفور. وليس صدفة ان يجد أنفسهم المندوبون الرسميون، ناكرو دولة إسرائيل يشيرون – في الامم المتحدة وفي صالونات دبلوماسية اخرى – إلى الكتب المقدسة (ولكن مكتوب هنا ان هذه كتبنا!) ويدعون الرب كشاهد دفاع. لأولئك مثل شفيط يجب ان يقال: يا جماعة قليلا من الكرامة الوطنية.